«كان 2019».. مصر تكسب
السبت، 13 يوليو 2019 08:00 م
- عودة الجماهير.. ثقة العالم بالأمن.. تطوير الاستادات.. النشاط السياحى.. كسر شوكة القناة القطرية .. الاستثمار الاقتصادى
رغم حالة الحزن التى انتابت جماهير الكرة المصرية عقب الخسارة من منتخب جنوب أفريقيا الملقب «بالأولاد»، والخروج من دور الـ16 وتحطم آمال المصريين فى الحصول على لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019 فى نسختها الـ32، والتى احتضنتها مصر، إلا أن حالة من الفخر والنشوة والسعادة انتابت الجميع عقب نجاح مصر فى تنظيم واحدة من أصعب البطولات فى القارة الأفريقية، ولعل الصعوبة هنا تكمن فى ضيق الوقت، بعد أن أسند الاتحاد الأفريقى «الكاف» فاعليات التنظيم لمصر منذ 5 أشهر فقط، عقب إصدار الاتحاد الأفريقى قرارا بسحب تنظيم البطولة من الكاميرون، بعد استلامها التقرير المقدم من لجنة التفتيش على الملاعب، التى حدّدتها الكاميرون لاستضافة البطولة، وهو ما كان يعنى- نظريا- استحالة تنظيم البطولة، إلا أن المصريين- كالعادة- خالفوا كل التوقعات وغيروا المفاهيم وتحدوا أنفسهم وأخرجوا بطولة أشاد بها الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا»، كما أشاد به «الكاف»، علاوة على إشادة كل أساطير كرة القدم فى العالم، بعد أن قدمت أداء مبهرا فى حفل الافتتاح، ثم تبعه درس آخر قدمته جماهير كرة القدم التى احتشدت فى استاد القاهرة وأبهرت الجميع بالتشجيع المثالى.
تطوير الاستادات وتحويلها لملاعب عالمية
يعد تطوير 6 استادات بهذه الطريقة المبهرة واحدة من أهم مكاسب البطولة، حيث تضمنت التجهيزات تطوير المدخل الرئيسى وكذلك أعمال تطوير المدخل الخاص بالصالون الرئاسى، ورفع كفاءة المقصورة الرئيسية، وإنشاء استراحة للضيوف، وتطوير وزيادة أعداد مدرجات الـVIP بإضافة جزء من مدرجات الدرجة الأولى ممتاز لمدرجات VIP، ورفع كفاءة وتطوير غرف خلع الملابس لتتماشى مع متطلبات الفيفا والكاف لتصبح 4 وحدات بدلاً من 2، لخلع الملابس كما تم رفع كفاءة دورات المياه بعدد 53 مع إضافة 20 وحدة بجانب الاستاد لتخدم جميع فئات الجماهير طبقاً لمتطلبات اللجنة المنظمة.
عودة الجماهير للمدرجات
شهدت الملاعب الستة التى تقام عليها فعاليات البطولة عودة الجماهير بقوة للملاعب، وهو ما كان يتمناه الجميع منذ عدة سنوات، بعد أن تم منع الجماهير من حضور المباريات بسبب حالة الشغب التى طغت على الملاعب المصرية، إلا أن الجماهير المثالية عادت إلى المدرجات، واحتشد عشرات الآلاف من الجماهير فى المدرجات، خاصة مباريات منتخب مصر الثلاثة فى الدور الأول، وقدمت جماهير الكرة المصرية صورة مثالية للتشجيع حتى مع خسارة المنتخب المصرى فى مباراته الأخيرة ، فلم نر طوبة ولا زجاجة مياه ولم نسمع لفظا خارجا من الجماهير، بل إن الظاهرة الأبرز التى شهدتها الملاعب المصرية هى عودة الأسر المصرية من جديد للملاعب، حيث شاهدنا الأب والأم والأطفال فى مباريات البطولة فى جو آمن وهادئ، وجلس الجميع فى سعادة بالغة وهم يشجعون منتخب بلادهم، ولعل عودة الأسر المصرية مرة أخرى من أهم المكاسب، التى بعثت برسالة قوية للعالم بأن الشغب والألفاظ الخارجة قد انتهت من الملاعب المصرية، كما شهدت الملاعب ظاهرة إيجابية أخرى وهى قيام الجماهير بتنظيف المدرجات عقب انتهاء المباريات، وهو ما يعنى أن الرسالة قد وصلتهم بأنهم يملكون ما يجلسون عليه من كراسى داخل الاستاد، وبالتالى ليس من الغريب الحفاظ عليه عقب انتهاء المباريات وإعادته إلى بريقه مرة أخرى.
نشاط سياحى مع الصيف الحار
كانت وزارة السياحة- ممثلة فى الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة- قد وقعت عقدا مع الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكاف» لتكون راعيا إقليميا رسميا لبطولة كأس الأمم الافريقية لكرة القدم لعام 2019، لتحقق مصر المكسب الثانى من تنظيم البطولة هو ذلك النشاط السياحى الكبير الذى شهدته المدن التى استضافت البطولة، حيث توافد عشرات الآلاف من الجماهير إلى المدن التى تلعب بها منتخبات بلادهم، وتوافد المشجعون من كافة أرجاء القارة السمراء، فارتفعت فيها معدلات الإشغال الفندقى حتى تخطت 80 %، وشهدت المناطق السياحية فى تلك المحافظات إقبالا كبيرا من السياح الأفارقة، كما شهدت محافظات القاهرة والإسكندرية والاسماعيلية والسويس نشاطا سياحيا، وهو ما ساعد على زيادة معدلات الإشغال الفندقى فى مصر من جنسيات مختلفة، حيث توقع البعض بتجاوز عدد السائحين المتوقع حضورهم كأس الأمم الأفريقية الـ50 ألف سائح.
الاستقرار الأمنى رسالة للعالم
لا شك أن نجاح مصر فى تنظيم فاعليات بطولة قارية بهذا الحجم يبعث برسالة طمأنينة لرجال الأعمال فى العالم ممن يرغبون فى الاستثمار بالسوق المصرية ولديهم بعض التخوفات من حالة الأمن، وهى المخاوف التى بددتها مصر بنجاحها «أمنيا» فى تنظيم البطولة، وهو ما يشير إلى حالة الاستقرار الأمنى، مقارنة بدول المنطقة التى تشهد الكثير من الاضطرابات والصراعات المسلحة، وهو ما أشارت إليه صحيفة لوموند الفرنسية فى تقرير مطول لها، حيث قالت إن استضافة مصر لحدث عظيم مثل بطولة كأس الأمم الأفريقية على ملعب استاد القاهرة الدولى بمدينة نصر وحضرها ما يتعدى 75 ألف شخص، هو تحد قوى للغاية وناجح، حيث استطاعت مصر إثبات قوتها دوليًا.
الاستثمار الرياضى
تتمثل الاستفادة هنا من تنظيم البطولة هو دعم الاستثمار الرياضى، وذلك من خلال ظهور الملاعب المصرية بشكل متألق، ووجود الجماهير بمظهر حضارى، ما يسهم فى تحفيز المستثمرين الأجانب والمحللين على الاستثمار فى الأندية الرياضية المصرية، كما تنعكس إقامة البطولة فى مصر هذا العام على مساندة الدولة فى الترويج لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أشادت به المؤسسات الدولية، من خلال استغلال تركيز وسائل الإعلام العالمية لتسليط الضوء على تناول أخبار مصر أثناء فترة استضافتها لكأس الأمم الأفريقية.
«تايم سبورت» تكسر شوكة القناة القطرية
يعد ظهور قناة «تايم سبورت» واحدا من أهم مكاسب البطولة القارية، حيث دشنت مصر قناة عبر التردد الأرضى من أجل الاستفادة من حقوق بث مباريات كأس الأمم الأفريقية بالكامل، ولعل الاستفادة الأكبر من ظهورها هو كسر احتكار القناة القطرية من خلال بث قناة أرضية مميزة تقوم ببث مباريات البطولة، حيث تم استقدام أبرز نجوم القارة الأفريقية لتحليل المباريات بجانب التعاقد مع جوزيه مورينيو ولويس فيجو، بل إن القناة ستسعى فى الفترة المقبلة الحصول على مزيد من الحقوق.
تجرية «تذكرتى» لحجز التذاكر
تجربة جديدة لجأت إليها مصر خلال مباريات كأس الأمم الأفريقية، عندما استخدمت نظام الحجز الإلكترونى لتذاكر مباريات كرة القدم، حيث يجرى حجز التذاكر بالبطولة من خلال موقعها الإلكترونى للحصول على بطاقة المشجع الـFAN ID وكذلك التذاكر الخاصة بالمباريات، حيث سبق وأعلنت مجددا التزامها بالسعة المحددة لحضور الجماهير فى كل استاد من الاستادات المخصصة للبطولة، وأنها لا يمكنها طباعة تذاكر أكثر من هذه السعة ولو بمقعد واحد، فى أى مباراة، ما يعطى مزيدا من الانضباط والالتزام ووداع المظاهر السلبية الناتجة عن وجود أعداد أكثر من السعة المحددة للملعب، ويسهم فى خروج البطولة بالشكل الذى يليق باسم مصر البلد المستضيف وتاريخها.
نشاط اقتصادى يواكب البطولة
من الآثار الايجابية لبطولة كأس الأمم الأفريقية على الاقتصاد القومى زيادة الطلب على الجنيه وارتفاع عوائد موارد النقد الأجنبى سواء كانت دولارية أو باليورو، كما أن تنظيم هذه الفعاليات من شأنه تحسين الصورة الذهنية الخاطئة لدى الأفارقة عن مصر وتوصيل رسالة بأننا قادرون على تنظيم الأحداث والمناسبات الدولية ومن ثم سيكون له ذكريات جيدة لدى الزائرين الأفارقة أو البلاد الأخرى حول الزيارة لمصر.