الانتصارات الـ6 في أمم أفريقيا.. كسبت مصر وخسر المنتخب
الأربعاء، 10 يوليو 2019 10:12 ص
«كسبت مصر.. وخسر المنتخب».. ربما تكون هذه العبارة أدق وصف لنتيجة الخروج المحزن لمنتخب مصر من الدور الـ16 لكأس الأمم الأفريقية 2019 بالسقوط أمام جنوب أفريقيا بهدف نظيف.
كرويا خرج المنتخب وخسر بطولة في وقت مهم على أرضه ووسط جماهيره، كانت الجماهير تمني بها النفس لغسل آلام ما خلفه الخروج المخزي صفر اليدين في كأس العالم بروسيا، لكن الأداء لم يرتق لوضع قدم في دور الـ8 بأمم أفريقيا، حتى إن أغلب النقاد الرياضيين عولوا الصعود إلى دور الـ16 على الحظ، وابتسام القرعة التي وضعتنا أمام اختبارات «ليست اختبارت» بفرق ربما لا ترقى إلى مستوى المنافسة في البطولة الشرسة.
لكن مصر فازت بكأس من نوع آخر، بدأتها بتحدٍ قبل البطولة بـ5 أشهر منذ خطوة فوزها بتنظيم البطولة، ثم الافتتاح المبهر أمام العالم، هناك أبطال آخرون نجحوا فى الفوز باحترام القارة الأفريقية والعالم أجمع وتعويض صدمة خروج 11 لاعبًا من بطولة الأمم الأفريقية.
فى أقل من 6 أشهر وبإرادة واضحة خاضت مصر معركة بطولة كبرى وهى إثبات جدارة الدولة المصرية فنجحت فى تجهيز 6 ملاعب كبرى على أعلى مستوى، وكأنها ولدت من جديد ببنية تحتية متطورة وتضاهى الملاعب العالمية، سواء المدرجات أو أرضية الملاعب أو غرف الملابس أو ملاعب التدريب والفنادق وعزفت مصر منظومة تعاون بين الجهات المختلفة والوزارات المختلفة سواء النقل أو السياحة أو الشباب والرياضة والاتصالات والداخلية من أجل الوصول إلى هذا الشكل المحترف والمبهر فى حفل الافتتاح الذى أشادت به جميع وسائل الإعلام الأفريقية والعالمية وكان هذا هو الانتصار الأول، ليأتى من بعده انتصار أكبر وهو عودة الجماهير للملاعب بهذه الكثافة رغم كل الشائعات ومحاولات الترويج الخائبة التى يطلقها الإخوان عن غياب الاستقرار الأمنى فى شوارع القاهرة.
لم يعد الجمهور للمدرجات بكثافة وأمن وفقط بل عاد إلى المدرجات عبر منظومة احترافية تحدث لأول مرة فى المنطقة وهى منظومة «تذكرتى» التى تعد نقل نوعية واحترافية فى عالم كرة القدم المصرية والأفريقية حيث نجح شباب شركة « تذكرتى tazkarti» فى خطف الأضواء فى بطولة أمم أفريقيا وحصد إعجاب الجميع بسبب قدرتهم على تنظيم البطولة الأفريقية التى تحمل النسخة 32، فرق المتطوعين الشباب كانوا مكسبا آخر حققته مصر، ودليلا على محبة وانتماء الشباب لهذا الوطن وكأنه ردا عمليا على كل أكاذيب الإخوان حول الإحباط وغياب الكوادر فى مصر، ونجحت تذكرتى فى تقديم منظومة تضمن مشاركة حضارية ومنظمة لجماهير كرة القدم، كما استطاعت ولأول مرة أن تقضى على ظاهرة السوق السوداء التى تنتشر فى البطولات والمباريات الكبيرة، وذلك للحفاظ على حقوق كل المواطنين فى حضور المباريات بدون معاناة أو الوقوع ضحية الاستغلال والجشع.
الانتصار الثالث الذى حققته مصر فى هذه البطولة كان فى ملف البث التليفزيونى، فمثلما نجحت منظومة تذكرتى فى إعادة الجمهور بشكل حضارى للمدرجات تحت مظلة مجموعة إعلام المصريين، كان الوافد الجديد «تايم سبورت» يحقق انتصارا جديدا للدولة المصرية تحت رعاية إعلام المصريين أيضا، فرغم كل محاولات التشكيك، نجحت مصر ولأول مرة أن تسحب البساط من منطقة الاحتكار التى عاشتها القنوات القطرية الناقلة للبطولات الرياضية، وبشهادة الجميع قدمت تايم سبورت أداءً احترافيا فى نقل مباريات البطولة ولأول مرة نشاهد نجوما عالميين فى استديوهات التحليل الرياضى تفوقت على غيرها من القنوات بوجود نجوم مثل إيتو ودروجبا وضيوف وكانوا والمدرب الأشهر فى العالم جوزيه مورينيو.
الانتصار الرابع الذى حققته مصر كان على المستوى السياحى بوجود هذا الكم من النجوم والجماهير الوافدة من البلدان الأفريقية فى قلب شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة، هذه الإشادات التى كانت واضحة فى قلب المدرجات ونحن نرى هتافات الجماهير الأفريقية والعربية لمدن السويس والإسماعيلية ولمصر عموما بسبب حسن التنظيم والاستقبال تمثل أفضل دعاية ممكنة لمصر على المستوى السياحى وهو ما يمكن ضمه للانتصار الخامس وهو انتصار أمنى، فلقد نجحت فى مصر خلال هذه البطولة أن تبرهن وبشكل عملى على استقرار وضعها الأمنى وهى تستقبل 32 منتخبا قوميا والعشرات من وسائل الإعلام والآلاف من الجماهير المرافقة لفرقها دون أن نسمع شكوى واحدة بل ترى شهادات الجماهير الوافدة، وهى تدلل على حسن التأمين وجهود رجال الشرطة والقوات المسلحة والشباب المتطوعين فى التأمين والتنظيم، وكأن مصر فى هذه البطولة تدحض وتهزم كل شائعات الإخوان والإعلام الغربى حول وضع الأمن والأمان فى شوارعها، هذا بخلاف نجاح مصر فى تسويق البطولة التى أعلن الاتحاد الأفريقى على أن كأس الأمم الحالية حققت نجاحا كبيرا مقارنة بنسخة ٢٠١٧ بعد أن وصلت عقود بث البطولة إلى ٨٠ دولة حول العالم بكل القارات.
مصر خسرت مباراة كرة قدم، ولكنها ربحت بطولة كبرى، فازت بكأس بطولة أهم هى بطولة التحدى على مستوى التنظيم والبث وعودة الجماهير وميلاد جديد لمنظومة احترافية داخل الملاعب المصرية، لذا يبدو الحزن من خسارة مباراة حزنًا عابرًا أمام كل هذه المكاسب التى تصب فى مصلحة الدولة، وتمت بجهود وتنسيق رجال مخلصين فى جميع الأجهزة والوزارات المختلفة.