«كنت سفيرا لدى السلطان».. مذكرات آخر سفراء مصر في تركيا

الإثنين، 24 يونيو 2019 01:00 م
«كنت سفيرا لدى السلطان».. مذكرات آخر سفراء مصر في تركيا
كتاب كنت سفيرا لدى السلطان
زينب وهبه

قدم السفير عبد الرحمن صلاح الدين آخر سفير لمصر لدولة تركيا، مذكراته ورواياته الخاصة في كتاب باسم «كنت سفيرا لدى السلطان» للأعوام الثلاثة الحيوية(2010-2013) في التاريخ المعاصر للعلاقات المصرية التركية، وشملت هذه الرواية ما شاهده وشارك فيه بنفسه من أحداث ووقائع وقرارات، وقام بشرح مختصر عن الإطار المؤسسي السياسي والاقتصادي والإجتماعي في كل من مصر وتركيا مع سرد وتحليل لكل القرارات والسياسات التي تعرض لها.

والذي دفع الكاتب لكتابة أولى مذكراته كما يشير في الكتاب الحاجة الملحة للتعجيل بإخراج هذا الكتاب للنشر لأنه طالع واستمع لكثير من الروايات غير الدقيقة والمحرفة لأسباب سياسية عن وقائع وأحداث شارك فيها بنفسه، واكتشافه أن مؤسسات الدولة المختلفة في تلك الفترة المضطربة في مصر لم تحتفظ بسجلات دقيقة توثق لتلك الفترة المهمة والحيوية في تاريخ مصر ونبه المسؤولين لسد هذه الفجوة وعدم تكرار هذا الخطأ في الحاضر والمستقبل فإذا لم نوثق بدقة الواقع فلن يمكن صنع سياسة رشيدة ومدروسة للتعامل معه.

يشتمل الكتاب على اربعة عشر فصلا وعدد من الملاحق في نهاية الكتاب، وجاء الفصل الأول بعنوان وداعا تركيا يصف فيه السفير عبد الرحمن صلاح المشاعر الغريبة التي انتابته عندما سارع هو وزوجته إلى السفر لأنقرة من  القاهرة يوم 25 نوفمبر2013  لكي يتمكن من جمع وشحن أمتعته وأوراقه وتوديع أصدقائه وإنهاء فترة عمله في تركيا  التي امتدت لثلاثة أعوام ونصف تقريباً  وأنه لم يتم طرده شخصياً من تركيا مثلما حدث مع نظيره التركي الذي تم استدعاؤه للخارجية المصرية يوم 24 نوفمبر 2013  موضحاً أن هذا الإجراء جاء بعد صبر طويل من جانب الحكومة المصرية وتحت ضغوط شديدة من الرأي العام المصري الذي طالب بقطع العلاقات الدبلوماسية تماما ومقاطعة المنتجات التركية وإلغاء إتفاقيات التعاون بين البلدين، وأشار إلى موقفه الصعب للغاية في محاولته للحفاظ على الوضع القائم من العلاقات الطيبة في المجالات التجارية والثقافية بين البلدين إلا أن المحاورين الإعلاميين المصريين الذين كانوا يستضيفوه لشرح الموقف كانوا متلهفين لاستنطاقه بما يسيء للحكومة التركية لأنهم كانوا تحت ضغط شديد من الرأي العام المصري الذي يستمع يومياً تقريباً لأردوغان وهو يسب القادة المصريين ويحرض ضدهم.

WhatsApp Image 2019-06-20 at 22.23.37 (1)

ويرى الكاتب أنه كان من مهمته الأولى تقديم صورة مصر للإعلام التركي ومحاولة التأثير على الرأي العام التركي بما يخدم المصالح المصرية موضحاً عدم قدرة أو رغبة مستشاري أردوغان عام 2013 في تقديم النصح له حول التصريحات التي يدلي بها حول مصر وحول بقية قضايا الشؤون الخارجية بل وبعض الشؤون الداخلية التركية مشيراً إلى أنه وضع مختلف تماما عن صورة أردوغان عام 2000  عندما كان وشريكه عبد الله جول يستمعان إلى كل الإتجاهات.

والفصل الثاني من الكتاب بعنوان أرض المتناقضات وأسطورة النموذج الإسلامي يتحدث فيه الكاتب عن إنشاء أردوغان وصديقه عبد الله جول حزب العدالة والتنمية الجديد في عام 2001  منشقين عن حزب أربكان ( السعادة) الذي انقلب الجيش والقضاء ضده بانقلاب صامت عام 1997  مما أدى إلى القبض على العديد من قادته بتهم استغلال الدين في السياسة ودخل أردوغان السجن بتهمة قيامه في إحدى خطبه باقتباس أبيات شعر تتضمن تشبيه المآذن بالحراب والمساجد بالقلاع التي يتحصن بها الإسلاميون السياسيون.

و كان سجن أردوغان سبباً في عدم تمكنه من دخول إنتخابات 2002  التي حصل حزب العدالة والتنمية فيها على 39% من الأصوات وبعد عودة أردوغان للبرلمان عام 2003   اهتم أردوغان بتمكين الطبقات المتوسطة عن طريق تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وإعفائها من الضرائب ودعم إنتاجها وصادراتها وفي نفس الوقت إعطاء الكيانات الإقتصادية الكبيرة التي تملكها العائلات التركية الأتاتوركية مثل صابونجي وكوتشي نصيبهم من المشروعات والعائد لضمان عدم انضمامهم لأية تحالفات ضد الحزب الحاكم ومن جانب آخر شجع أردوغان الرأسماليين الإسلاميين من أنصاره على الإستثمار في الإعلام التركي من ناحية، وفي الصناعات التصديرية من ناحية أخرى.

وأشار الكاتب أن أردوغان وجماعته كانوا يدركون العقبات السياسية التي تحول دون إنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي خاصة تحت حكم حزبه وقد حصل أردوغان وحزبه على الرضا الأمريكي حتى قبل وصولهم للسلطة خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001  حيث انطلق المحافظون الجدد منقبين عن حلفاء يعتمد عليهم في العالم الإسلامي ويمكن من خلالهم استيعاب تيارات الإسلام السياسي وتحويل معظمها إلى نماذج مماثلة لنموذج حزب العدالة والتنمية التركي الذي يعمل في دولة علمانية ويفوز في الإنتخابات بفضل تصويت الغالبية المتدينة المسلمة ولكن يوسع دائرة تأييده عن طريق تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية مدعومة باستثمارات غربية وتأييد سياسي أمريكي.

وفي نهاية الفصل الثاني يتحدث الكاتب عن سفينة مرمرة الزرقاء التي قتل تسعة مواطنين أتراك على متنها على يد إسرائيل وكانت السفينة تحاول نقل مواد إغاثة لمساعدة الفلسطينيين في التغلب على الحصار الإسرائيلي عام 2010  وأشار أن رد الفعل التركي لم يتجاوز تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إلى مستوى القائم بالأعمال ومنع الطائرات العسكرية الإسرائيلية من عبور الأجواء التركية مع الحفاظ على نفس مستويات التبادل التجاري الذي يتضمن العديد من الصفقات العسكرية.

وجاء الفصل الثالث بعنوان تركيا قبلة الإخوان المسلمين ويشير في نهايته أن كثيرا من الدعاة المصريين بل وبعض الأزهريين منهم يحملون معتقدات ويدعون إلى أفكار تنتمي للقرن الثامن الميلادي على أفضل تقدير ولكنها تمثل خطرا على بعض المجتمعات التي تسعى للتحديث والانضمام إلى زمرة الدول المتقدمة مثل تركيا التي اختارت التوقف عن استجلاب الدعاة المصريين والإكتفاء بالذين يجيدون قراءة القرآن.

أما الفصل الرابع بعنوان مأساة السفينة مرمرة الزرقاء يحكي فيها الكاتب أنه بالرغم من التهديدات الإسرائيلية أصر أردوغان على إنطلاق السفينة مرمرة الزرقاء في نهاية مايو 2010 ودخولها المياه الإقليمية لغزة فأوقفها سلاح البحرية الإسرائيلي وقتلوا عشرة مدنيين من بينهم تسعة أتراك وواحد تركي أمريكي  واعتقلوا كل من على السفينة وبدأوا بالإفراج أولاً عن المصريين الذين كان من بينهم الرئيس المقبل للبرلمان المصري وعضو جماعة الإخوان سعد الكتاتني وكان رد فعل أردوغان ضجيج من التصريحات النارية عن توعد إسرائيل برد حازم ومحاكمات دولية وشكاوى لمجلس الأمن وتحركات بالسفن العسكرية التركية وإصدار تعليمات لها بالإشتباك مع أي سفينة تعترض السفن التركية، واشتعلت قناة الجزيرة بالتحليلات وآراء الخبراء عن المواجهة العسكرية المقبلة بين تركيا وإسرائيل، ونبه الكاتب هنا أن صديقه مستشار  الرئيس التركي أرشد هورموزلو أسر له بأن هناك خلافا حادا داخل صفوف الحكومة التركية حول حكمة قرار أردوغان بالسماح لمرمرة الزرقاء بالقيام بهذه المهمة الإنتحارية وكان من المتوقع أن أردوغان البراجماتي لن يقوم بأي عمل بهذا التهور رغم التحذيرات الواضحة من أمريكا ومن الرئيس التركي وكثير من حلفائه السياسيين في حزبه.

والفصل الخامس جاء بعنوان الدولة العميقة بين مصر وتركيا حيث نقل الصحفي المصري فهمي هويدي عن المحيطين بأردوغان تعبير الدولة العميقة التركية ونشر ذلك في مقالاته قبل ثورة يناير 2011 في مصر وأوضح الكاتب أن المصطلح في استخدامه التركي يشير إلى دور الجيش والقضاء وبقية مؤسسات الدولة العلمانية في مقاومة التوجهات الجديدة لحزب العدالة والتنمية الذي تولى الحكم عام 2002 في تركيا، وأشار الكاتب إلى إستغلال أردوغان مساندة الولايات المتحدة له تحت حكم أوباما وتفضيلها لنموذجه الإسلامي العلماني لإخضاع الجيش للسلطة السياسية المنتخبة وهلل الإسلاميون في العالم العربي لهذه النجاحات واعتبروها قابلة للتكرار في بلاد مثل مصر والأردن وسوريا  حيث تتواجد القوى السياسية المنظمة.

ونبه الكاتب إلى أن الرئيس مبارك كان يخشى وقوع مثل هذا السيناريو في مصر ولهذا فقد غض النظرعن نشاط محدود للإخوان المسلمين بل وسمح به مع تسميتهم الجماعة المحظورة والسماح لهم بالسيطرة على 20% من مقاعد البرلمان عام 2005  ويحكي الكاتب أنه استشعر ذلك الخوف عندما كان يتلقى مكالمات يومية من صديقه العزيز السفير سليمان عواد مدير مكتب الرئيس مبارك للمعلومات يستفسر فيها منه عن تطورات محاولات أردوغان عام 2010  لتعديل الدستور لإلغاء الفقرات التي كانت تعطي للجيش دوراً سياسياً.

وحكي الكاتب عن حادثة  الأكثر طرافة حين زار أردوغان مصر في نوفمبر 2012 وقت حكم الإخوان المسلمين ورغم أنه كان رئيساً للوزراء فإن الرئيس المصري وقتها محمد مرسي قرر أن تتولى رئاسة الجمهورية كل ترتيبات المراسم للزيارة بما في ذلك استضافة أردوغان على عشاء في قصر الإتحادية وشارك فيها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الذي قضى يوم الزيارة كله في أسيوط بسبب حادث مؤسف لاصطدام قطار بأتوبيس مدارس راح ضحيته عدد كبير من الأطفال وعاد قنديل مباشرة لحضور الاجتماع في الاتحادية وكان مشتت الفكر والمفاجئة أنه لم يحضر إجتماع مرسي وأردوغان المنفرد الذي حضره أعضاء سكرتارية مرسي من جماعة الإخوان وأشار الكاتب إلى أن قنديل همس في أذنه أن يكتب له كلمته التي سوف يلقيها في الإجتماع الموسع و أجابه  أن مكتبه لديه ملف كامل عن العلاقات أعدته وزارة الخارجية بناء على تقارير السفارة  ويحكي الكاتب أنه من الطريف أن قنديل لم يحمل معه أي ملف وترجاه أن يكتب له كلمتين لإنقاذ الموقف وبالفعل جلس في جانب من الغرفة يكتب له ماسيقوله وجاءه عصام حداد مستشار الرئيس للشئون الخارجية  وهنأه على حرفيته الدبلوماسية وقال له (خليت الراجل يظهر بصورة مشرفة) فأجابه بأسى أنه رئيس وزراء مصر.

وفي الفصل السادس الذي كان بعنوان أردوغان الأخ الأكبر للإخوان المصريين يحكي الكاتب أنه منذ قيام ثورة يناير 2011 في مصر تصرف أردوغان ورفقاؤه كأخ أكبر لمصر سواء لنقل الخبرة والتأثير على توجه مصر الجديدة أو لتقديم تركيا للعرب كقائد الشرق الأوسط الجديد.

وأشار الكاتب أنه في عهد قيادة المجلس العسكري للسلطة في مصر حاول أردوغان إقناعنا بروشتة رباعية الأبعاد: مجلس إستراتيجي مشترك، إعفاء من تأشيرات الدخول للمواطنين، إتفاقية تجارة حرة، خطوط طيران وملاحة مباشرة وعندما جاء الإخوان للحكم في يوليو 2012  هرع أردوغان لزيارة مصر في نوفمبر من نفس العام مصطحباً معه غالبية أعضاء مجلس وزرائه و200 من رجال الأعمال ووصف الكاتب هذه الزيارة بمثابة تتويج أردوغان لأحلام السلطنة في المنطقة وتواكبت مع اندلاع مواجهات عسكرية بين حماس وإسرائيل في غزة.

وقال الكاتب كنت أواجه كسفير مهمة شاقة لحضور الإجتماعات العديدة المتعارضة التي تجري في نفس الوقت بين الوزراء المصريين  والأتراك المتناظرين ورجال الأعمال من الجانبين ولاحظ أن الجانب التركي كان محملاً بتصورات لما يمكن له أن يقدمه من هذه العلاقة في حين لم يكن المصريون حكوميين وغير حكوميين قادرين على تصور ما سيكون الحال عليه في بلادهم في اليوم التالي .

وجاء الفصل السابع بعنوان مرسي في أنقرة.. كلكم فلول يا صديقي وأكد فيه الكاتب أن أردوغان يجمع بين سياسة تأييد فتح وحماس وعدم قطع صلته مع إسرائيل ، وأن أجهزة الدولة كلها تسعى في نفس الإتجاه قائلاً للرئيس مرسي وليس مثل حالنا حيث لا تعرف اليد اليمنى ما تفعله اليد اليسرى حينها انتفض مرسي مستنكراً وأجابه أن مصر في عهده تفعل نفس الشيء وأن الذي يسخر منه كان في عهد مبارك.

ولقد شهد الكاتب للرئيس عبد الله جول الذي ظل حريصا على الحفاظ على العلاقات الوثيقة بين تركيا ومصر حتى في أصعب الظروف وحتى بعد أن أطاح به أردوغان من الرئاسة لكي يرشح لها نفسه وإن كان أردوغان قد امتنع عن التعريض بمصر في تصريحاته ولكنه لم يكف عن إيواء ودعم الإخوان المسلمين المصريين الساعين لتغيير نظام الحكم في  مصر ولو بالقوة والعنف ودعم الإرهاب ويسجل الكاتب في مذكراته أن الرئيس التركي جول كان دائما ما يردد خلال إجتماعاته إشادته بالجيش المصري ومساندته لإرادة الشعب المصري خلافا لتجارب تركيا المريرة إزاء تدخل الجيش في السياسة في الماضي وكان يشجع مشاركة كل الطوائف السياسية وأن ذلك أهم ضمانات الاستقرار.

ويعتبر الفصل الثامن من أهم فصول الكتاب الذي ينقل التجربة التركية الباهرة للقضاء على العشوائيات وجاء بعنوان العشوائيات التركية و دور الديمقراطية واللامركزية في حلها حيث كانت طريقة التعامل التركية الراهنة مع مشكلة العشوائيات تمثل تطويراً جذرياً لأسلوب التعامل مع هذه المشكلة التاريخية التي كانت غالباً ما تعجز كل الحكومات التركية المتعاقبة عن معالجتها وتكتفي إما بتقنين أوضاع ساكني تلك العشوائيات أو إضفاء وضع قانوني على ملكيتهم لها وهو ما حدث حوالي 10 مرات في العقود الثلاثة السابقة على تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا أما استخدام القوة فلم تلجأ له أي حكومة تركية إلا لغرض تنفيذ أحكام قضائية نهائية ضد بعض الذين احتلوا مساحات تعوق إنشاء مشروعات الخدمات العامة مثل الطرق أو مباني الخدمة العامة.

وقام الكاتب بشرح استراتيجية قضاء تركيا على العشوائيات والتي أدت بدورها إلى جعل أغلبية الشعب التركي تصوت لصالح مرشحي حزب العدالة والتنمية.

وفي الفصل التاسع الذي جاء بعنوان إنهيار أسطورة النموذج التركي ويحكي الكاتب قيام الدعاية للنموذج التركي في العالم الغربي على عناصر النجاح الإقتصادي والتمسك بالديمقراطية العلمانية والانفتاح على الشرق الأوسط في نفس الوقت الذي استمرت فيه تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية في القيام بدور نشط في حلف شمال الاطلنطي وفي السعي للانضمام للاتحاد الاوروبي وفي الترويج للديمقراطية العلانية وسط حلفائها الإسلاميين الذين وصلوا إلى سدة الحكم في مصر وتونس وكادوا يسيطرون في ليبيا واليمن من خلال ثورات الربيع العربي واقتربوا من ذلك الهدف من خلال الانتخابات في كل من المغرب والاردن وحتى في الدول التي لم تشهد ثورات الربيع العربي حاولت حرجة الاخوان المسلمين قلب نظام الحكم هناك لصالحها مثلما حدث في الامارات كما حاول حكم المرشد في ايران قلب نظام الحكم في البحرين لصالح الأغلبية الشيعية ولكن تم إحباط المحاولتين بتدخل سعودي ودعم غربي .

وتابع الكاتب قائلاً بدأت التطورات المحلية في تركيا وفي دول الربيع العربي والتفاعلات الإقليمية في دول مثل السعودية والإمارات وإيران ، والتحركات الدولية المتمثلة في تغير  موقفي روسيا والولايات المتحدة تلعب دورها في إسقاط الهيبة والإحترام عن النموذج التركي وفقدانه الجاذبية في الشرق الاوسط ولدى امريكا وبقية الدول الغربية. وقام الكاتب بتشخيص النكسات الأكبر التي تسببت في تحطم أسطورة النموذج التركي منذ عام 2013 حتى عام 2018 على المستوى المحلي و الإقليمي.

وأهم ما جاء في الفصل العاشر بعنوان السيسي في إسطنبول أنه في نهاية شهر إبريل 2013  جاء ملحق الدفاع في السفارة للكاتب السفير يخبره أن وزير الدفاع وقتها الفريق عبد الفتاح السيسي سوف يزور إسطنبول يوم 5 مايو ولمدة خمسة أيام لكي يحضر معرض إسطنبول الدولي لشركات السلاح ولكي يجتمع مع نظيره التركي ورئيس الأركان ووصف الكاتب أنها كانت أخبار مثيرة وغريبة لأن السيسي لم يقم قبل ذلك ومنذ تعيينه وزيرا للدفاع سوى بزيارة خارجية واحدة والأوضاع في مصر متوترة للغاية بسبب الحشد الجماهيري لمظاهرات 30 يونيو الذي وصفته حركة تمرد وجبهة المعارضة موعد أخير لموافقة مرسي والاخوان على إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة تكون بمثابة استفتاء على رفض الشعب لحكم الإخوان الذي أثبت فشله خلال عام واحد من الحكم، وكان جميع المراقبين المحليين والدوليين يتوقعون أن يلعب الجيش والسيسي على رأسه دورا حاسما في تلك المواجهة التي توقع البعض أن تحدث حتى قبل 30 يونيو ولهذا تعجب الكاتب من سر توقيت هذه الزيارة الغريب.

واستكمل الكاتب تفاصيل هذه الزيارة واهتمام السيسي للاستماع لتفاصيل العلاقات مع تركيا والمقترحات لتطويرها في المجال العسكري ويشير الكاتب إلى إستجابة السيسي السريعة لاقتراحاته بالرغم من أنه لم يره إلا يومين من ال5 أيام التي قضاها السيسي في إسطنبول ولقائه بأردوغان الذي كان إيجابيا للغاية ويعتقد الكاتب أن هذا يمثل جزءا  من السبب في أن السياسة المصرية لم تحاول الرد على الهجوم البذيء الذي تعرضت له مصر من أردوغان وأعوانه بعد 30 يونيو2013. واستعرض الكاتب مالذي حدث في إجتماع السيسي مع أعضاء القنصلية المصرية في إسطنبول الذين طلبوا منه بصراحة شديدة تخليص الشعب المصري من حكم الإخوان.

وفي الفصل الحادي عشر بعنوان قنديل في إسطنبول وأشار الكاتب إلى أن قنديل كان يفضل أن يستفيد من الوقت الطويل لذي يقضيه معه في شرح خلفيات الموضوعات التي سوف يناقشها والتي قدمه فيها للعديد من المسؤولين ورجال الأعمال.

وأوضح الكاتب نقطة هامة وهي أن حكومة هشام قنديل لم تأت بخطة عمل جديدة لطرحها على الجانب التركي وإنما جاءت بقائمة من المشاكل التي تواجه الإقتصاد المصري لتطلب من حكومة أردوغان المساعدة في حلها عن طريق المساعدة المالية وتقديم الخبرة والمشورة الفنية والإشراف أيضا على تنفيذ تلك الحلول وكان ذلك سببا في تعجب الجانب التركي.

وفي الفصل الثاني عشر بعنوان سفير أربعة عهود في مصر لدى السلطان التركي يحكي الكاتب عودته مع زوجته د. ثريا الخضراوي إلى أنقرة لجمع حاجتهم وشحنها للقاهرة وكانت المرة الاولى طوال فترة عمله الدبلوماسي التي زادت على ثلاثة عقود يغادر دولة الاعتماد التي يخدم فيها قبل نهاية مدته بسبب أزمة حادة في علاقاته مع بلده مصر وسجل وقائع اجتماع مطار أنقرة في 19 يوليو 2013 .

وفي الفصل الثالث عشر بعنوان عروض باللجوء السياسي لتركيا يشير فيها الى النصوص المرفقة في ملاحق هذه المذكرات والتي أدلى بها في أحاديث صحفية وتلفزيونية لشرح وجهة النظر المصرية ومحاولة موازنة الدعاية المضللة لجماعة الإخوان المسلمين المصرية التي كانت تسيطر على ما تبثه وسائل الإعلام بتوجيه من حكومة أردوغان، وقد نجم عن ذلك لبس كبير لدى شباب الدبلوماسيين المصريين وبعض القدامى منهم وربما السفراء.

وأشار الكاتب إلى أن الدبلوماسي يجب أن يستمر في التمثيل والدفاع عن سياسات بلده إلى حين يصل عدم اقتناعه بتلك السياسات الحد الذي لا يمكنه بعده الإستمرار في عمله دون خيانة مبادئه وعندها يمكن أن يستقيل من وظيفته.

وأوضح الكاتب أن مشكلته خلال الثورة وخلال معظم السنوات الثلاث التي قضاها في تركيا كانت مختلفة لأن السياسة المصرية لم تكن واضحة أو حتى مقررة إزاء العديد من الموضوعات التي تهم العلاقة  المصرية التركية  ولا القضايا الإقليمية التي فيها تعاون وتنافس مع تركيا وأوضح أن الطريف هو التعليمات الوحيدة التي وردت إلى السفارة في أنقرة من 30 يناير حتى 18 فبراير 2011 كانت تدور حول حظر نشر الدبلوماسيين أي آراء شخصية تخرج عن السياسة العامة إزاء المظاهرات الشعبية التي انتهت بالمطالبة بإسقاط النظام.

وفي الفصل الرابع عشر والاخير بعنوان قراءة في مستقبل العلاقات بين مصر وتركيا وهذا القسم الأخير من الكتاب يضم ذكريات وأفكار الكاتب خلال فترة عمله كسفير لدى تركيا ويتحدث عن مصر في عهد الرئيس السيسي وموقف أردوغان خاصة في العامين الماضيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق