وسط منافسة قوية بين 6 مرشحين.. الموريتانيون يختارون رئيس جديد
السبت، 22 يونيو 2019 03:00 م
توجه الموريتانيون، صباح السبت، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وسط منافسة قوية بين 6 مرشحين، يسعون لكسب ثقة نحو مليون ونصف مليون ناخب وناخبة.
وتجري الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، اليوم السبت، حيث سيتنافس المرشحون الستة على أصوات 1544132 ناخبا وناخبة، سجلوا في اللوائح الانتخابية على عموم التراب الوطني.
ويعتبر المرشح ووزير الدفاع السابق، محمد ولذ الشيخ الغزواني، أكثر المرشحين حظا، ويحظى بدعم من قبل الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز وأحزاب الأغلبية الحاكمة.
المرشح ورئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر ويعد المنافس الأقوى لولد الغزواني، وهو مدعوم من ائتلاف يضم حزب تواصل الإسلامي، إضافة إلى تشكيلات سياسية أخرى كان تم حلها بسبب ضعف نتائجها الانتخابية.
والمنافس الثالث بيرام الداه ولد أعبيد، النائب البرلماني والناشط الحقوقي رئيس الحركة الإعتاقية "إيرا"، الذي يدعمه حزب "الصواب" ذو التوجه القومي.
وجاء محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض، كمنافس رابع، حيث يحظى بدعم من أحزاب معارضة، يأتي في مقدمتها حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يترأسه أحمد ولد داداه.
خامس المنافسين خبير إداري ومالي هو محمد الأمين المرتجي الوافي، وهو الأصغر سنا بين المرشحين، وليست له سوابق في ممارسة العمل السياسي، ويخوض الاستحقاقات معولا على دعم الشباب.
فيما يأتي كان حاميدو بابا، رئيس حزب الحركة الوطنية من أجل إعادة التأسيس في المرتبة السادسة وهو مدعوم من ائتلاف انتخابي يضم تكتلا للأحزاب الزنجية.
وسيطرت الهموم المرتبطة بالبطالة ومحاربة الفقر والحرمان، والتوزيع العادل للثروات، ومشاغل التنمية والعدالة الاجتماعية، على خطابات وبرامج المرشحين.
يشار إلى أنه ما لم يحصل أحد المرشحين على أكثر من 50 في المئة من الأصوات، فستجرى جولة ثانية للانتخابات الشهر المقبل.
يذكر أن المشهد الانتخابي الموريتاني يكتسب خصوصية فريدة في بلد رسخت فيه العروبة قدمها، حيث تشهد السبت، انتخابات رئاسية يتنافس فيها ستة مرشحين في اقتراع يشارك فيه أكثر من مليون ونصف مليون ناخب لاختيار رئيس جديد للبلاد.
قائمة المرشحون تضم كل من وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني، والوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر، والنائبان البرلمانيان محمد ولد مولود، وبيرام ولد عبيدي، والبرلماني السابق كان حاميدو بابا، والخبير المالي محمد الأمين المرتجي الوافي.
ووفقا لما ذكرته «سكاى نيوز» اكتسبت أرض المرابطين خصوصية عالية بفضل نسيج مجتمعها القائم على القبيلة، وتطلعاته التي اختلطت فيها قيم القبيلة، ونظرته المستقبلية لواقع جديد ومحيط يتحتم عليه أن يكون جزءا منه، فضلا عن نسيج ثقافي راسخ تمازجت فيه الثقافات العربية والصنهاجية والأفريقية والفرانكفونية.
ومن هنا يمكننا الدخول لأحاديث الخيمة الموريتانية، حيث يتمازج الحديث عن المستقبل مع دورة لا تتوقف من "الآتاي" أو الشاي الأخضر الممزوج بالنعناع، في الخيمة المرابطية المتلونة بالعمامات الزرقاء وثوب "الدراعة" الموريتاني الفضفاض، وأحيانا بمدخني الغليون أو "المونيجا" كما يطلق عليه.
وفي الموسم الانتخابي هذا، حيث ترتفع الأصوات، وتنقسم الآراء، نجد حديثا مشتركا واحدا هو الجامع لغالبية الآراء، وهو الإجماع على التمسك بالموروث الموريتاني الرافد لروح سكان الصحراء، والذي لا يمكن التنازل عنه تحت أي شرط بدعوى التحديث ومواكبة العصر.
وفي الأثناء تأتي آراء وتوجهات من هنا وهناك، قد لا تختلف في الطرح، قدر ما تحاول تقويم الطريقة التي تمضي البلاد نحوها لمعالجة إرث الاستعمار والعادات والتقاليد من ناحية، وللمضي نحو عملية تحديث حقيقية للنظام تضمن للبلاد أن تكون جزءا فاعلا في محيطها المشتعل.
وتتعدد تطلعات البلاد، التي تطبعها روح القبيلة، وتحاول معالجة آثار نتجت عن ذلك، وعلى راسها ملف العبودية التي كانت موريتانيا آخر بلد في العالم يلغيها عام 1981، حيث تعتبر منظمات حقوقية أن آثارها لا تزال قائمة بسبب طريقة الحياة القبلية القائمة في البلاد.
ويصعب على غير المطلعين على أسلوب الحياة الموريتاني إدراك صعوبة معالجة تلك الآثار التي يعجز المجتمع عن إلغائها، في وقت تراقب فيه الدولة الانتهاكات وتحاول معالجتها.
ومنذ إلغاء العبودية عجز مجتمع الرقيق عن شق طريقه للحياة بعيدا عن كنف القبيلة التي كان جزءا منها، بسبب انعدام سبل العيش التي تمكنه من الاستقلال، حيث لا توجد وظائف حينها في مجتمع شبه رعوي، اقتصاده لا يزال يعتمد السبل والوسائل القديمة في التبادل التجاري مع محاولات مستميتة في النهوض وسط رمال الصحراء لبناء مؤسسات مدنية وإنشاء تجمعات سكانية وهيكل للحياة المعاصرة.
وقد اصطدمت تطلعات المعتقين وأمنيات الدولة الموريتانية حينها بتلك الحقيقة، حيث اضطر مجتمع المعتقين للعودة ليمارس مهام خدمة أسياد الأمس بعد عجز المنظومة الجديدة في توفير سبل تمكنه من العيش مستقلا، الآثار التي صدمت المراقبين واعتقدوا بسببها أن المجتمع لا يزال مصرا على ممارسة العبودية.
وتعتبر موريتانيا جزءا من أكثر مناطق العالم اشتعالا، كونها جزء من ساحل مشتعل بالأعمال المسلحة الدامية، حيث تحارب أكثر من عين دولة الإرهاب في الصحراء الكبرى، التي أصبحت مرتعا لعناصر القاعدة وداعش والمهربين من ناحية، إضافة إلى عناصر من كارتيلات المخدرات التابعين لحزب الله، والذين صنعوا طرق حرير من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا لتجارة المخدرات وغسيل الأموال حسب ما نشرت تقارير دولية مؤخرا.
وكافحت موريتانيا مطولا في آخر عقد لمحاربة الإرهاب، وأحرزت نصرا في حماية حدودها مع مالي، وقضت على مجموعات لا يستهان بها من القاعدة، فيما تمضي حذرة ومراقبة لتطلعات مجموعات من تنظيم الإخوان تحاول اختراق نسيج المجتمع باسم العمل الحزبي والسياسي بشتى المسميات.
الهم الموريتاني المتمثل في تحقيق تنمية تقودها عملية ديمقراطية حقيقية، في ظل التمسك بالموروث والنسيج القبلي والتنوع الاجتماعي، سيبقى مجرد أمنيات ما لم تحكم البلاد السيطرة وتحسن الحكومات قيادة مجتمع يعاني من شتى الأثار التي تهدد النهوض به، سواء تعلق الأمر بآثار العبودية أو محاربة الفساد أو الإرهاب.