ومسألة «الشحاتة» لم تعد فى الوقت الراهن حالة استثنائية، حيث إنه - بحسب آخر الإحصائيات التى نشرها مركز مكافحة الجريمة فى هذا الشأن - هناك ملايين المتسولين على مستوى العالم سواء من العواجيز أو الشباب «رجال – نساء» يجوبون الشوارع لجنى الأموال بطرق شتى بعيدة عن العناء والمشقة كما أنها تمتاز بالربح السريع، مع تعاطف عدد كبير من المارة فى الشارع معهم بسبب أعمارهم السنية المتقدمة، وهو ما تم كشف الستار عنه فى بعض الوقائع الشهيرة التى ضبطت بواسطة وزارة الداخلية، فضلاَ عن غياب الوازع الدينى.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا.. كيف واجهت الدول العربية وعلى رأسها مصر ظاهرة جريمة «التسول» للحد منها ، وهل تطرق القانون لمثل هذه الأزمات على مستوى الدول العربية، وكيفية معالجتها قانونا فى عدد من التشريعات والقوانين العربية – وفقا للخبير القانونى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم.
ظاهرة التسول أو «الشحاتة» هى استجداء الناس فى الشوارع والطرق العامة، وذلك عن طريق استخدام عدة وسائل لإثارة شفقتهم، وهى تعد من أخطر الأمراض الاجتماعية المنتشرة التى لا يسلم منها مجتمع، الأمر الذى حرصت التشريعات على مواجهته بشتى الطرق.
والإسلام الحنيف حارب ظاهرة «الشحاتة» أو التسول ونهى عن سؤال الناس، وعن الصدقات ومستحقيها قال تعالى «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» البقرة 273، ولأجل ذلك تصدت التشريعات والقوانين العربية وعلى رأسها مصر لهذه الظاهرة المشينة التى تعمل على تشويه المنظر الحضارى لأى مجتمع – بحسب «قاسم».
موقف المشرع المصرىوردت عقوبات جريمة التسول فى عدة نصوص فى القانون 49 لسنة 1933 وتشمل 8 مواد لمعاقبة مرتكبها، وهى كالتالي:
مادة 1:
يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرين لكل شخص صحيح البنية ذكرا أو أنثى يبلغ 15 عاما أو أكثر، ضُبط متسولا فى الطريق العام، أو أمام إحدى المحال العمومية، وتظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أى شئ .
وقد رفع القانون 31 لسنة 1974 السن بشأن «حديثى السن» إلى 18 عاما، ويسرى القانون المذكور على كل من وجد متسولا ولم يبلغ ثمانيه عشر سنه كاملة.
مادة 2:
يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا، كل شخص غير صحيح البنية، وجد متسولا فى مدينة بها ملاجئ كان التحاقه بها ممكننا.
وجاءت المواد 3، و4، و5 من القانون لتنص على انه: «كل من يتصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو أى وسيلة غش بغرض كسب تعاطف الجمهور والتسول، أو وجد بحوزته أشياء تزيد على مائتى قرش ولا يستطيع إثبات مصدرها، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور».
وحددت المادة 6 شقين لعقوبة المسئول عن «تسريح المتسولين» حيث نصت على «حبس كل من أغرى حدثا – عمره أقل من 18 سنة- بالتسول، مدة لا تتجاوز 3 شهور، وإذا كان المتهم وليا على الصغير، يعاقب بالحبس من 3 شهور إلى 6 شهور».
وفى حالة العودة لممارسة التسول، يعاقب المتهم بالحبس مدة لا تجاوز سنة، بحسب المادة 7 من القانون، كما تنص المادة 8 على أنه بعد الحكم على المتسول غير صحيح البنية، يأمر القاضى بإدخاله الملجأ بعد تنفيذ العقوبة.
موقف المشرع السودانىينص قانون مكافحة التسول فى السودان على سجن المتسول مدة لا تتجاوز شهر مع الغرامة 3 آلاف جنيه لمن يرتكب جريمة التسول .
فيما نصت المادة «16/3 / ب» على سجن المتسول مدة لا تتجاوز شهرين مع الغرامة بما لا يتجاوز 6 آلاف جنيه لكل متسول يتصنع الاصابة بجروح او عاهات أو أى وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور.
كما يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز 10 آلاف جنيه لكل من يدير او يحرض او يغرى او يستخدم شخصا بغرض التسول اذا كان ذلك الشخص ذا قوامة او سلطة على المتسول يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز اربعة اشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز عشرة الف جنيه وفى حالة العودة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ستة اشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز 20 الف جنيه.
ونصت المادة 16/4 على ابعاد المتسول الاجنبى عن البلاد بالتنسيق مع الجهات بعد استيفاء العقوبات المنصوص عليها فى القانون ، وفى حال عودته بعد ترحيله او قام المتسول بإحضار شخص سبق ترحيله ثم ارتكب جريمة التسول يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن سنة والغرامة بما لايتجاوز عن 30 الف جنيه.
موقف المشرع الليبىنصت المادة 475 عقوبات الليبي: « كل من تسول فى محل عام أو مفتوح للجمهور بطريقة منفرة أو مزرية أو باختلاق مرض أو عاهة أو باستعمال الشعوذة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر».
موقف المشرع العمانىوردت العقوبات على جريمة التسول فى الباب الحادى عشر من قانون الجزاء العمانى وفق ما يلى :
المادة 312/6: «التسول فى محل عام او مباح للجمهور سواء بالتظاهر بالمرض او بالظهور بصورة زرية او باستعمال الشعوذه» .
يعاقب بالسجن التكديرى او الغرامة من ريال الى خمسة ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على :
كما ورد بالمادة 217: «يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنة كل من طرح أو سيب ولداً دون السابعة من عمره أو أى شخص آخر عاجز عن حماية نفسه بسبب حالة جسدية أو نفسية أو الجأه إلى التسول والاستجداء».
موقف المشرع اليمنى
وقد نصت المادة 203 عقوبات اليمنى : «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر من اعتاد ممارسة التسول فى أى مكان إذا كان لديه أو إمكانه الحصول على وسائل مشروعة للتعيش وتكون العقوبة الحبس الذى لا يزيد على سنة إذا رافق الفعل التهديد أو ادعاء عاهة أو اصطحاب طفل صغير من غير فروعه».
موقف المشرع الجزائرىنصت المادة 195 عقوبات جزائري: «يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من اعتاد ممارسة التسول فى أى مكان كان وذلك رغم وجود وسائل التعيش لديه أو إمكانه الحصول عليها بالعمل أو بأى طريقة مشروعة أخرى».
موقف المشرع العراقىعاقبت المادة 390 عقوبات المتسول وفق ما يلي:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر كل شخص اتم الثامنة عشرة من عمره وجد متسولا فى الطريق العام أو فى المحلات العامة او دخل دون اذن منزلا أو محلا ملحقا به لغرض التسول.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة إذا تصنع المتسول الاصابة بجروح أو عاهة أو استعمل اية وسيلة اخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور او كشف عن جرح او عاهة او الح فى الاستجداء.
وإذا كان مرتكب هذه الافعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره تطبق بشأنه احكام مسؤولية الاحداث فى حالة ارتكاب المخالفة.
موقف المشرع المغربى من جريمة التسولالفصل 326
يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيش أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعود ممارسة التسول فى أى مكان كان.
الفصل 327
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل متسول، حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما، استجدى بإحدى الوسائل الآتية:
1-استعمال التهديد.
2-التظاهر بالمرض أو ادعاء عاهة.
3-تعود استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه.
4-الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته، دون إذن مالكه أو شاغله.
4-التسول جماعة، إلا إذا كان التجمع مكونا من الزوج وزوجته أو الأب والأم وأولادهما الصغار، أو الأعمى أو العاجز ومن يقودهما.
الفصل 328
يعاقب بالعقوبة المشار إليها فى الفصل السابق من يستخدم فى التسول، صراحة أو تحت ستار مهنة أو حرفة ما، أطفالا يقل سنهم عن ثلاثة عشر عاما».
موقف المشرع البحرينىصدر بمملكة البحرين قانون خاص لمكافحة التسول 67 لسنة 2006 حيث جاءت المادة الأولى تعرف التسول تشريعيا ومحاولة احتواء كافة الفروض والمظاهر التى قد تعتبر تسولا وجاء النص كالآتي:
«يعد متسولا كل شخص ذكراً كان أو أنثى ولو كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل وجد فى الطريق العام أو فى الأماكن العامة أو الخاصة يستجدى صدقة أو إحساناً من الغير.
ويعد من قبيل التسول الإتيان بأحد الأعمال التالية:
- عرض سلع وهمية لا قيمة لها أو خدمات بسيطة أو القيام بأعمال لغرض الاستجداء أو غير ذلك مما لا يصلح عادة مورداً جدياً للارتزاق منه.
- اصطناع الإصابة بجروح أو عاهات مستديمة أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو استعمال أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير على الجمهور لاستدرار عطفهم.
ثم جاء القانون رقم 5 لسنة 2007 وجاءت المادة الأولى : « يُعد متسولاً كل من وجد فى الطريق العام أو الأماكن أو المحال العامة أو الخاصة يستجدى صدقة أو إحساناً من الغير حتى وإن كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل. ويعتبر من أعمال التسول ما يأتي:
عرض سلع تافهة أو ألعاب استعراضية أو غير ذلك من الأعمال التى لا تصلح مورداً جدياً للعيش بذاتها، وكان ذلك بقصد التسول.
اصطناع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمال الأطفال أو أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير على الجمهور لاستدرار عطفه».