حماية المنافسة VS الممارسات الاحتكارية.. قصة فضح مافيا الاحتكار
الثلاثاء، 28 مايو 2019 04:00 م
قرارات عدة، اتخذها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، على مدار العام الماضي، تهدف جميعها إلى حماية المواطن المصري من الآثار السلبية التي قد تنتج عن أية ممارسات احتكارية في كافة القطاعات، وضمان تقديم السلع والخدمات له بجودة عالية وأسعار أقل، حيث صدرت أحكام قضائية تؤيد قرارات الجهاز وغرامات بإجمالي 12 مليار جنيه خلال عام في عدد من القضايا.
رؤية جهاز حماية المنافسة لا تهدف التأثير بشكل مباشر على الأسعار سواء بالزيادة أو النقص، ولكن ممارسة الجهاز لدوره في ضبط الأسواق تهدف إلى قيام مُنتجي السلع ومقدمي الخدمات بتقديمها بالسعر الحقيقي في إطار المنافسة العادلة، مع القضاء على الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على مراكز العاملين بالسوق الواحد، واصطناع عوائق لدخول الأسواق أو أعباء مالية ممثلة في أسعار غير حقيقية ما كان ليتحملها المستفيد من السلعة أو الخدمة في ظل المنافسة الطبيعية؛ وبالتالي الحد من معدلات التضخم وزيادة النشاط الاقتصادي وانخفاض نسبة البطالة، وارتفاع حصيلة الضرائب التي يتم توريدها إلى الخزينة العامة للدولة.
وترصد «صوت الأمة»، أبرز القرارات التي اتخاذها جهاز حماية المنافسة خلال عام، والتي كان على رأسها إصدار التدابير الإدارية تجاه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فيما يتعلق بحقوق البث الأرضي لبطولة كأس العالم روسيا 2018؛ وذلك لضمان حقوق المشاهد المصري في مشاهدة بطولة كأس العالم، ومباريات منتخبه الوطني وفق شروط عادلة وغير مجحفة.
واستمرت مواجهة احتكارات شبكة BeIN القطرية، والمخالفات التي ارتكبتها الشركة المتعلقة بربط بيع البطولات الرياضية، واستغلال الشركة لوضعها المسيطر في إجبار المشاهد المصري على تحمل تكاليف ما كان ليتحملها في ظل وجود منافسة طبيعية، هذا بالإضافة إلى ربطها بين ما تقدمه من بطولات والتحول للقمر «سهيل سات»، وهي القرارات التي أيدتها المحكمة بإصدار احكامًا نهائية بتغريم الشركة بمبلغ 800 مليون جنيه.
كما أثبت جهاز حماية المنافسة المخالفات التي ارتكبها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في سوق بث المباريات والأحداث والأنشطة التي ينظمها الاتحاد، وهو الأمر الذي أيدته المحكمة الاقتصادية وأصدرت حكم قضائي أول درجة بتغريم الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بمبلغ مليار جنيه.
وفي 14 أغسطس 2018، قرر الجهاز إحالة 70 شركة من أصحاب مصانع الطوب الطفلي للنيابة العامة، وذلك لقيامهم بالاتفاق فيما بينهم على رفع وتثبيت أسعار بيع الطوب الطفي، كما أصدر التدابير اللازمة لضمان تعديل أوضاعهم بتحديد الأسعار بشكل منفرد وفقًا لقوى العرض والطلب والسياسة التسعيرية لكل كيان اقتصادي بمفرده، الأمر الذي من شأنه الحد من الممارسات الاحتكارية في سوق مواد البناء بما لا يؤثر على الأسعار والمستهلكين وفرص العمل بالقطاع.
ورصد الجهاز مخالفات شعبة النقل البري التابعة لغرفة التجارة بدمياط، حيث اتفق أعضاؤها على تحديد زيادة نسبة نولون النقل- بنسبة 30%، وهو الأمر الذي تَكْشف معه للجهاز دأب أعضاء الشعبة على تلك الاتفاقات من عام 2016 -فيما يعرف بالجريمة المستمرة- مما أضر بالمنافسة والمستهلك النهائي في رفع السعر عليه لارتفاع أسعار النقل، وأصدر التدبير بحق الشعبة وأعضاؤها لضمان تعديل أوضاعهم.
وقبل بداية العام الدراسي، أصدر الجهاز عددًا من التعليمات بشأن تداول الزي المدرسي والأدوات المدرسية، لقيام المدارس بتحديد زي مدرسي مميز دونًا عن غيره وأدوات مدرسية مميزة دونًا عن غيرها والتعامل فقط مع متجر واحد بالمخالفة للقانون، مما أدى إلى تقييد حرية المنافسة وألحق ضررًا بالمستهلكين من أولياء الأمور والمغالاة في أسعار الزي المدرسي، وانعدام المنافسة بين المنتجين، وانخفاض جودة ما يقدمونه من منتجات.
وأيدت المحكمة الاقتصادية قرارات الجهاز فيما يتعلق بتوريد الصمامات والمؤكسدات الخاصة بجراحات الصدر والقلب، حيث تبين له التنسيق في سوق المناقصات والممارسات الحكومية الخاصة بتوريد الصمامات والمؤكسدات الخاصة بجراحات الصدر والقلب للمستشفيات الحكومية والجامعية، وهو الأمر الذي أدَّى إلى ارتفاع أسعار تلك الأصناف على المستشفيات الحكومية، والحد من قدرتها على شراء معدات هذه العمليات بكميات أكبر وبسعر أقل مما يعني معه خدمة جمهور أكثر، وهو الأمر الذي صدر عنه قرار المحكمة الاقتصادية بتغريم الشركات المخالفة في حكم أول درجة بمبلغ 5 مليارات جنيه.
وقام الجهاز بضبطية قضائية على المجلس التصديري للحاصلات الزراعية بناءً على عدد من البلاغات من الشركات العاملة في نشاط تصدير الحاصلات الزراعية، للوقوف على مدى حقيقة تلك الشكاوى نهوضًا بدوره الذي كفله له القانون واتساقًا مع سياسات الدولة الرامية إلى مكافحة الممارسات الاحتكارية، واتخاذ كافة ما يلزم نحو تحقيق خطة الدولة في التنمية المستدامة 2030، ومازال الجهاز يعمل على فحص ما تَحصْل عليه من أدلة في هذا الشأن.
وتعتبر أحد أبرز القضايا التي مازالت قيد الدراسة والبحث، هى قضية استحواذ شركة «أوبر» العالمية، على «كريم»، حيث أصدر الجهاز مجموعة من التدابير الوقائية في شهر أكتوبر 2018، وقبل أيام، انعقد بمقر الجهاز جلسة بحضور ممثلين عن الشركتين وذلك في إطار بحث الجهاز لآثار عملية استحواذ شركة أوبر على جميع عمليات شركة كريم في الشرق الأوسط وبالأخص بجمهورية مصر العربية، وتقييم آثارها على المنافسة في السوق المصري.
وتستمر عملية الدراسة والبحث وجلسات الاستماع لكافة الآراء، والفحص الفني من قِبَل الجهاز سوف ينتهي؛ إما إلى الموافقة على إتمام العملية، أو إلى الموافقة مع وضع تدابير ملزمة للأطراف للحد من الأضرار الناتجة عنه، أو إلى رفض العملية إذا ما تبين أن هناك أضرار قد تصيب السوق المصري لا يمكن تداركها.
واتخذ الجهاز عددًا من التدابير الإدارية بشأن سياسة توزيع منتجات شركة آبل، لإلزام الشركة بإزالة أي قيود على قدرة أي موزع أو بائع في أي نطاق جغرافي على البيع السلبي، داخل مصر، وهو ما ساهم في إدخال ما يقرب من 80 موزعا جديدا في السوق المصري.
وبناء على طلب من وزير التجارة والصناعة، يعكف الجهاز على مراجعة القرار رقم 43 لسنة 2016 الخاص بتعديل القواعد المنظمة لتسجيل المصانع المؤُهلة لتصدير منتجاتها إلى مصر، وذلك في ضوء ما أثير في الفترة الماضية من بعض الآثار غير التنافسية الناتجة عن ذلك القرار.
وتم تشكيل فريق عمل لدراسة الموضوع وفحصه من كافة الجوانب تمهيدًا للعرض على مجلس الإدارة في أقرب وقت، وإبداء رأيه لعرضه على وزير التجارة والصناعة.