هلاوس.. العيب في السيستم
الأربعاء، 22 مايو 2019 09:53 ص
استوقفه برنامجًا حواريًا ساخنًا، كانت المذيعة تستضيف وزراء، ومسؤولين، وتبحث مع بعض مَن يطلق عليهم «النخبة» أفضل الطرق للوصول إلى صيغة «توافقية» بشأن أحد القوانين المهمة المتعلقة بالتطوير، والتي ستحدد مستقبل البلاد إلى حد كبير..
وزير الأوقاف طالب وزير التعليم بتطوير شامل للمنظومة التعليمية، فرد عليه الأخير: «يا ريت كل واحد يخليه في نفسه، وبدل ما تكلمني عن تطوير التعليم، جَددْ الخطاب الديني الأول».. فتدخل وزير الداخلية لتقريب وجهات النظر بينهما، وأمر جنوده بالقبض على الطلاب مثيري الشغب، الذين طالبوا بتدخل هيئة الأرصاد الجوية لخفض درجة الحرارة!
خرجت المذيعة إلى فاصل إعلاني، ثم عادت لتأخذ رأي «الفقيه الدستوري»، فقال إن أغلب نصوص مواد التطوير بحاجة إلى «وقت أطول»؛ لتُصاغ بطريقة ترضي كل الأذواق، وحتى لا تطعن المحكمة الدستورية بـ«عدم دستوريتها».. بينما أوصى «أخصائي التغذية» بإعداد قانون «طازج»، محذرًا: «لو طالت فترة التجميد في الفريزر؛ ستفقد الأطعمة مذاقها، والفيتامينات التي تحتويها، وستصبح بلا فائدة»!
يتدخل «خبير الصيانة» في الحوار، مؤكدًا أنه «عاين» القانون، ورأى أن أغلب مواده تحتاج إلى «فك وتركيب، لكن الأفضل تغييرها بالكامل»، مع الحفاظ على «أعمدته» الأساسية؛ بعيدًا عن أي «حركات وتكَّات».
هنا ثار «استشاري التجميل»، وحذر من الآثار السلبية لـ«فَـرْد» القانون بـ«الكرياتين»؛ ناصحًا بعدم اللجوء إلى عمليات «النفخ» و«الشفط» إلا في أضيق الحدود.
«فضيلة الشيخ» قال: «المواد فيها قولان»، قبل أن يوافق على القانون نهائيًا؛ لأن مواده متوافقة مع «الشريعة الإسلامية».. لكن المفكر «العلماني» أبدى اعتراضه وامتعاضه، موجهًا حديثه لـ«الشيخ»: وما دخل الشريعة في السياسة؟ وما علاقة القانون برأي الدين؟ أتريدون العودة بنا إلى عصور الوصاية الدينية، وصكوك الغفران؟ إننا نريده قانونًا مدنيًا خالصًا بعيدًا عن التابوهات الدليفري»..
ثم شهدت الحلقة مشادات كلامية بين «ناشط حزبي»، و«ناشط قبطي»، و«ناشطة نسائية»، كل منهم يطالب بـ«كوتة» في القانون الجديد، لأنهم يخشون من شراء أصوات الناخبين بـ«المال السياسي».. فاضطرت المذيعة إلى الخروج إلى «فاصل» جديد.
اقتحم ابنه الصغير خلوته وسأله ببراءة: يعني إيه أحزاب يا بابا؟ فأجابه متأففًا: اسأل أمك، هي راجل البيت وعارفة كل حاجة.. ثم نادى زوجته: خدي الواد ده من هنا..
عادت المذيعة من الفاصل، وعرضت تقريرًا مصورًا لـ«الست لواحظ» وهي واقفة في «مطبخها» البسيط، وتخاطب «جمهورها»: «الطبيخ دا نَفَسْ.. والقوانين لازم تكون متسبكة.. مش شرط تجيبي أحسن حاجة من السوق.. المهم إنك تطبخي بِنِفس راضية، وتقدمي الأكل للضيوف وأنت بتقوليلهم بالهنا والشفا، مش بالسم الهاري، ومطرح ما يسري يهري».
طاقم الإعداد يجرى اتصالًا هاتفيًا برئيس رابطة «عشانا عليك يا رب»، فسألته المذيعة عن رأيه في القانون، فانفجر فيها، وفي الضيوف: «إنتو شاغلين نفسكم بينا ومكبرين المسائل ليه يا ست هانم؟ والله مش فارقة معانا قانون مِسَبِّكْ أو نُصْ سِوَا، أو حتى نَيْ.. المهم ناكل وخلاص.. عادب.. ناقص ملح.. مملح.. مشطشط.. مش فارقة.. وهو من إمتى وإحنا بندقق مع الحكومة، وبنراجع وراها، وبنحاسبها على الأكل إللي بتطفحهولنا.. مش كتَّرْ خيرها إنها سايبانا نعيش» و.. تيت.. تيت.. تييت.. فاعتذرت المذيعة عن انقطاع الاتصال.. واضطرت للخروج إلى «فاصل» طويل لم تعد منه..
أمسك بالريموت كونترول، وأخذ يقلب بين القنوات إلى أن توقف أمام مشهد من فيلم «فيلم ثقافي»، يقول فيه أحد الممثلين للمراهقين الذين فشلوا في تشغيل «الفيديو كاسيت»: «العيب في السيستم يا بهايم»!
فجأة، وجد يدًا ثقيلة «تزغده» في جانبه، صارخة فيه: «يا راجل اصحى.. انت مش هتبطل الهلاوس دي بقى؟ صوتي راح وأنا بسألك: أعملك عجة ولا شكشوكة؟» فأجابها يائسًا: مش فارقة كتير.. آهو كله «بيض»!