العطر وأدوية تأخير الحيض وحقنة العضل.. أسئلة شغلت بال المسلمين مع الصيام (فيديو)
الأربعاء، 22 مايو 2019 11:00 ص
في رمضان، تزداد أسئلة المسلمين حول الأحكام الشرعية في بعض الأمور، ويرتفع الجدل حول مبطلات الصيام، فيما أجابت دار الإفتاء عن بعض الأسئلة، التي شغلت بال الكثير، وكان أبرزها استخدام العطور في نهار رمضان، وهل الحقنة الوريدية أو في العضل للعلاج أو للتقوية مبطلة للصوم؟ ما حكم تناول المرأة لأدوية تؤخر الحيض لتصوم شهر رمضان كاملًا؟
وتستعرض «صوت الأمة» الفتاوى التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية، لحسم الجدل حول تلك الأمور في السطور التالية..
هل العطر يبطل الصيام؟
يقول الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، إن من شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبه الطيب والإكثار من التطيب؛ وعموم الأدلة مما ورد في استحباب استعمال الطيب والتعطر بالروائح الزكية- يقضي بجواز ذلك في الصيام وغيره إلا ما استثناه الشرع الشريف كالإحرام وما يلحق به، ويؤيد ذلك أن علماء الإسلام على اختلاف مذاهبهم وتنوع مشاربهم لم يعدوا ذلك ضمن مفطرات الصوم.
لكن الأئمة اختلفوا فيما وراء ذلك من حيث الكراهة وعدمها؛ فمنهم من يرى جوازه بلا كراهة، ومنهم من يرى أنه يسن الابتعاد عنه؛ وذلك لأنه منافٍ لحكمة الصوم التي منها تعويد الصائم على التقشف والابتعاد عن التَّرفُّه والشهوات، ومنهم من يرى كراهية شم ما لا يُؤمن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق، ومنهم من فرَّق بين المعتكف وغيره، فكرهه لغير المعتكف؛ لأنه غير مبتعد عما يفسد اعتكافه.
فالحنفية يرون جواز التطيب للصائم بلا كراهة، قال العلامة حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي المصري الحنفي في "مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح" (ص: 245، ط. المكتبة العصرية): [وتفيد مسألة الاكتحال ودهن الشارب الآتية أن لا يكره للصائم شم رائحة المسك والورد ونحوه مما لا يكون جوهرًا متصلًا كالدخان فإنهم قالوا: لا يكره الاكتحال بحال وهو شامل للمطيب وغيره ولم يخصوه بنوع منه وكذا دهن الشارب".
وبناء على ذلك: فيجوز للصائم أن يتطيب في نهار رمضان، ولا حرج عليه في ذلك.
هل الحقنة الوريدية أو في العضل للعلاج أو للتقوية مبطلة للصوم؟
يقول الدكتور شوقي علام، إن الذي يبطل الصوم هو ما دخل إلى الجوف من منفذ طبيعي، وهذه الحقن، لا تصل إلى الجوف، ومن ثم فإنها لا تبطل الصوم.
ما حكم تناول المرأة لأدوية تؤخر الحيض لتصوم شهر رمضان كاملًا؟
رد الدكتور شوقي علام، بقوله إن هذا أمر مقدر على بنات آدم، فتسلم المرأة فيه الأمر إلى ربها، لكن إن تناولت هذه الأدوية وكانت لا تضر بها وفق تقدير الأطباء، فإنه لا حرج عليها في ذلك.
ما حكم الصيام لمرضى السكر على اختلاف درجاتهم؟
يتم تقسيم مرضى السكر إلى 3 فئات:
الفئة الأولى: المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرةِ جدًّا للمضاعفات الخطيرة بصورةٍ شبه مؤكدةٍ طبيًّا، وهذه الفئة يقول المتخصصون بأنها معرضة لحصول ضررٍ بالغٍ عند الصيام.
الفئة الثانية: المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرة للمضاعفات نتيجة الصيام، وهذه الفئة يغلب على ظن الأطباء المتخصصين وقوع ضررٍ بالغٍ عليهم عند الصيام.
الفئة الثالثة: المرضى ذوو الاحتمالات المتوسطة أو المنخفضة للتعرض لمضاعفاتٍ نتيجة الصيام.
إن أحكام الصيام لفئات مرضى السكر مترتبة على الطرق العلاجية التي يمكن التعامل بها مع كل فئة بما يناسبها على التفصيل المذكور، فإذا تأكدت احتمالات الضرر من الصيام لمريض السكر -كما هو مذكور في الفئة الأولى- وجب على المريض طاعة الطبيب في الإفطار، ويأثم إن صام، وإذا غلب احتمال الضرر على ظن الأطباء المتخصصين -كما هو مذكور في الفئة الثانية- وجب الإفطار وطاعة الطبيب كذلك؛ لأن المَظِنَّة تُنَزَّل منزلة المَئِنَّة.
أما إذا كان احتمال الضرر من الصوم متوسطًا أو ضعيفًا -كما في الفئة الثالثة-: فإن الأخذ برخصة الإفطار حينئذٍ يكون أمرًا تقديريًّا، أي إن مرجعه في معرفة ضرر الصوم وما قد يجره عليه من أذًى هو إلى الطبيب المتخصص من جهة معرفة حالته ومضاعفاتها، وإلى المريض من جهة طاقته وقدرته على الصيام واحتماله له؛ فيُقدِّر الطبيب مدى تأثير الصوم على حالة المريض من حيث إمكانية الصوم من عدمه، ويقدر المريض مدى قدرته واحتماله للصوم.
مع التنبيه على أنه يجب على المريض في كل فئة من هذه الفئات الثلاث أن يستجيب للطبيب إن رأى ضرورة إفطاره وخطورة الصوم عليه.
هل استعمال "بخاخة الربو" و"بخاخة الأنف" في أثناء الصوم يُفطِر؟
"بخاخة الرَّبو" آلةٌ يستخدمها مريض الربو بها دواء سائل مصحوب بهواء مضغوط بغاز خامل يدفع الدواء من خلال جرعات هوائية يجذبها المريض عن طريق الفم، فيعمل كموسِّعٍ قصبِيٍّ تعود معه عملية التنفس لحالها الطبَعي.
و"بخاخة الأنف" آلةٌ يستخدمها بعض مرضى الحساسية لاستنشاق الدواء عن طريق الأنف، ويُسمَّى عند الفقهاء بـ"الِاستِعَاط" أو "الإسعاط" أو "السّعُوط".
واستعمال أيٍّ من هاتين البخاختين مُفْسِدٌ للصوم؛ لأن فيها إيصالًا للسائل على هيئة رذاذ له جِرمٌ مؤثِّرٌ إلى الجوف عن طريق منفذٍ منفتحٍ أصالةً انفتاحًا ظاهرًا محسوسًا -وهو الفم والأنف-؛ ذلك أنَّ معنى الصوم هو: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النِّية، ولا يُتَحقَّق الإمساك المذكور بدخول شيء ذي جِرم إلى الحَلْق، وإلَّا كان ركنُ الصيام منعدمًا، وأداءُ العبادة بدون ركنها لا يُتصوَّر.
وانتهت دار الإفتاء إلى أن استعمال كلٍّ من بخاخة الرَّبو أو بخاخة الأنف يفسد الصوم، وللمريض الذي لا يستغني عنها في أثناء الصوم أن يفطر، بل يجب عليه الفطر إن كان الصوم يضرُّ به، ويقضي بعد ذلك إن كان مرضُه مما يُرجى برؤه، وإلا فعليه الفدية، فإن كان فقيرًا حال وجوب الفدية عليه فلا شيء عليه.