تلعب على «التوافق الكاذب» وشعارات 25 يناير.. 655 منصة إعلامية تروج لرؤية «الإرهابية»
الإثنين، 06 مايو 2019 08:00 م
الزلزال الذى ضرب الجماعة أحدث شروخًا وانشقاقاتٍ لم تكن فى الحُسبان،فقد اشتعلت ثورة 30 يونيو وتفكّكت أواصر جماعة الإخوان، بينما كانت أجنحتها الإعلامية مستقرّة ظاهريا ضمن هياكل تنظيمية واضحة.
ارتدّت عشرات المجموعات إلى انتماءاتها الضيّقة داخل التنظيم، إمّا بتبعيتها لمكتبها الإدارى، أو لعضو بعينه داخل مكتب الإرشاد، أو قيادة مُحدّدة فى حزب «الحرية والعدالة» المنحلّ.. وبسبب دوائر الولاءات العديدة المُنبثقة من صدمة الهزيمة والخروج المُذلّ من الحكم، والمُنقسمة على نفسها بوتيرة مُتسارعة، لم ينقَضِ العام 2013 إلا ومراكز الجماعة الإعلامية مُشتّتة تمامًا، وتُدار بعشرات الرؤى والتوجّهات والأهداف المُرتبكة فى عمومها، والمُتصارعة فيما بينها.
فى الشهور التالية، استقرّت أوضاع إخوان الخارج والمجموعات الهاربة إلى تركيا وقطر، أكثر من باقى مجموعات التنظيم بالداخل، وفى السودان وجنوب أفريقيا وماليزيا وغيرها، وبفضل هذا الاستقرار نجح المكتب الإدارى بالخارج، الذى يقوده أحمد عبد الرحمن، مسؤول مكتب الفيوم سابقًا، ويهيمن عليه الأمين العام للجماعة محمود حسين، فى لمَلَمة شَتات الأجنحة الإعلامية، والاتصال بعناصر اللجان فى المكاتب والمناطق والشُّعَب والأُسَر، وتأمين تدفُّقات مالية كافية لإدارة ماكينة العمل، وتدبير احتياجات العناصر النشطة واستمالتها، بما يسّر لهم السيطرة شبه الكاملة على مفاصل العمل الإعلامى قبل انتهاء العام 2014، بمُخصَّصات تجاوزت 120 مليون دولار سنويًّا «مليارا جنيه تقريبا»، واكتمل الأمر بإطلاق نوافذ إعلامية ضخمة من الخارج، تمثّلت فى قنوات «وطن» و«الشرق» و«مكمّلين» وعدد من المواقع الإلكترونية، واستعادة الاتصال والتنسيق مع مواقع «مصر العربية» و«المصريون» و«ساسة بوست»، ثم إطلاق حكومة الدوحة شركة «فضاءات ميديا» وإسناد مهمّة إدارتها للمستشار السياسى لأمير قطر، السياسى الإسرائيلى عزمى بشارة، ودخول تليفزيون العربى وقناة سوريا ومواقع العربى الجديد وإضاءات و«هاف بوست عربى» ومركزا «حرمون» و«العربى للأبحاث» وغيرها من المنصّات، بميزانية سنوية تتجاوز 400 مليون دولار (7 مليارات جنيه مصرى) وهى التطوّرات التى تضافرت معًا لتبسط سيادة إخوان تركيا على التنظيم قرابة سنتين تاليتين.
صراع محتدم وسيناريو جديد
ظلّت الصورة السابقة مُستقرّة حتى نوفمبر 2016، وقتها عملت قيادات المكتب الإدارى بالخارج على دعم حملة شعبية للحشد والتظاهر، عُرفت باسم «ثورة الغلابة»، أطلقها عضو الجماعة ياسر العمدة، وثيق الصلة بمسؤول المكتب الإدارى بالخارج، أحمد عبد الرحمن، باعتباره عضوا سابقا فى مكتب الفيوم الذى تولّاه «عبد الرحمن» سنوات طويلة قبل ثورة يناير، وساعده فيها ضابط الشرطة المفصول محمد صلاح سعد.
تضمّنت الخطة التى نشرنا تفاصيلها فى تقارير سابقة بالوثائق قبل سنتين، الحشد والعمل الإعلامى وإطلاق تظاهرات محدودة النطاق، وصولا إلى التظاهر واسع المدى فى 11 نوفمبر من العام نفسه، ومع فشل تلك الدعوة بشكل كامل، رغم تمويلها بقرابة 20 مليون دولار، انقلب ما يُعرف بـ«المجلس الثورى»، الذى تتزعّمه مها عزام وجمال حشمت، على المكتب الإدارى بالخارج، بينما كانت مجموعات الداخل من شباب الحراك المُسلّح وحركة «حسم» يتحرّكون للتصعيد عقب مقتل مرشدهم المؤقت محمد كمال فى اشتباكات مع الشرطة قبل شهر، وشملت تحرّكاتهم شنّ هجمات تقنية، واستمالة العناصر الإعلامية بغرض السيطرة على نوافذ الجماعة ومنصّاتها على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما التقى مع موقف العداء المُتصاعد بين المجلس الثورى ومكتب تركيا، ويبدو أنه التقى مع أغراض شخصية لدى جمال حشمت فى السيطرة على المكتب الإدارى بالخارج ولجنة إدارة الأزمات.
تلك التطوّرات قادت إلى تحوّل دعم المجلس وقطاعات واسعة من التنظيم الدولى إلى شباب الداخل، وتحوّل دعم الشباب أنفسهم إلى المرشد المؤقت محمود عزت، بعدما كانوا يرفضونه بشكل قاطع، فى ضوء حسبانه على الحرس القديم وتمتّعه بدعم محمود حسين فى تركيا، لكنه مع غياب القيادة الشرعية بالنسبة لهم، ممثّلة فى محمد كمال، كان أقرب الخيارات وأسلمها، باعتباره أحد أبرز الأجنحة القُطبيّة المُتبنّية لخطاب العنف داخل الجماعة.
احتدام الصراع على مدى السنتين الماضيتين، بين نوفمبر 2016 وأواخر 2018، أسفر عن تقلُّص سطوة المكتب الإدارى بالخارج إلى محافظتين فقط من إجمالى 27 محافظة، واستعادة مجموعات الداخل أكثر من 800 منفذ عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بواقع 350 صفحة على «فيس بوك»، و400 حساب «تويتر»، و22 قناة «يوتيوب»، إضافة إلى شركتى إنتاج ومعدّات تصوير وهندسة صوتية بـ10 ملايين جنيه فى الإسكندرية، واستمالة قرابة 8 آلاف من عناصر اللجان الإعلامية، واستكمال العدد إلى 11 ألفا من خلال عناصر الحراك المسلح والموالين للمكتب العام الذى أسفرت عنه الانتخابات التى نظّمها شباب «جبهة كمال» أواخر العام 2016.
تغيُّر خريطة إدارة المنصّات والنوافذ الإعلامية استتبعه تغيُّر الخطط والسياسات الإعلامية، التى تنوّعت بين تبنّى خطاب مجموعات الحراك المُسلّح من خلال عدد من المنافذ، والعمل على استمالة باقى الصف وقواعد التنظيم، وإحكام السيطرة على المكاتب الإدارية والمناطق والشُّعَب، إضافة إلى محاولة التواصل مع التيارات والقوى السياسية الأخرى، بغرض تحقيق حضور مقبول ضمن بنية خطاب المعارضة والاحتجاج، بما يضمن للجماعة أن تكون شريكًا مُباشرًا وطرفًا أصيلاً فى تخطيط سياسات مواجهة النظام، والتمتُّع بالمظلّة الشرعية المتوفِّرة لعشرات الأحزاب والتيارات السياسية المنبثقة عن شرعية 30 يونيو، أو غير المصطدمة اصدامًا راديكاليًّا عنيفًا بالدولة ومؤسَّساتها.
سيناريو الرسالة الإعلامية
تتضمّن ورقة «استعادة زمام المبادرة.. حجر فى الماء الراكد» التى بدأنا نشر تفاصيلها فى عدد أمس، رؤية إعلامية لإدارة نوافذ الجماعة ولجانها. تبدأ بتحديد مسارين أساسيَّين لإعداد الرسائل، يتوزّعان بين «المواقف الثابتة» التى تشمل الانحيازات الصلبة للجماعة والأهداف المباشرة التى تسعى لترويجها وترسيخها على لائحة الاهتمام الشعبى والإعلامى، و«الأحداث الطارئة» التى ترتبط بالقضايا والأمور التى تشهدها الساحة ويُمكن توظيفها لمواجهة النظام أو التقارب مع التيارات والقوى السياسية.
تشمل آلية التعامل مع تلك المواقف 6 مراحل مُتدرِّجة، تبدأ بتقدير الموقف وتحديد إيجابيات التفاعل وسلبياته وصولا إلى استخلاص قرار عملى بالتعليق أو تجاهل الموقف، وحال اختيار الاشتباك مع الحدث تُعدّ الإدارة المركزية تكليفًا لمسؤولى التنسيق والربط والوحدات القاعدية يتضمّن سياسة التعامل أو الاقتراح التنفيذى لخطة العمل، ثم تأتى مرحلة تحديد القالب المُناسب للرسالة الإعلامية، سواء من خلال بيان أو تصريح رسمى على لسان أحد مُمثِّلى الجماعة، أو رسائل غير مباشرة من خلال المنافذ والمنصّات غير الرسمية أو الحليفة، أو حملات انتقاد وسخرية من خلال مقاطع الفيديو المُعاد تحريرها، وتصميمات «الكوميكس» و«الميمز» ذات الطابع الثورى القريب من شباب اليسار والتيار الليبرالى، بعدها تستقرّ اللجان الفنية على الصيغة النهائية لمحتوى الرسالة الإعلامية، وتعرضها على القيادة المركزية للحصول على الموافقة، ثم تصدر تكليفات مُحدَّدة للمجموعات الإعلامية بآلية النشر والترويج وفق جدول زمنى ومُستهدفات دقيقة، بينما تتولّى لجان المتابعة والتقييم تتبُّع انتشار الرسالة ومردودها وكثافة تردُّدها على الصفحات والمنصّات غير المنتمية للجماعة أو المندرجة ضمن أجنحتها الإعلامية، وتقييم الأثر وفق مُعدَّلات التردُّد من خلال غير المحسوبين على التنظيم ودوائره.
تتّجه الورقة بعد ذلك إلى استعراض التفاصيل الداخلية لعملية إدارة وتأمين الصفحات والحسابات، تحت عنوان «ورقة أولية حول المنصّات والمنافذ الإعلامية». تُقسِّمها إلى ثلاث فئات: رسمية غير إخبارية، ورسمية إعلامية، وغير رسمية مملوكة للجماعة، مُفرّقة بينها فيما يخص ضوابط الإدارة وإعداد الرسائل وترويجها، واستراتيجيات التأمين والسياسات التحريرية، وبينما يتضمّن الحصر العددى للفئات الثلاثة 140 منصّة رسمية غير إخبارية، و270 منصّة رسمية إعلامية، و385 منصة غير رسمية مملوكة للجماعة ومُدارة من خلال اللجان الإلكترونية الفرعية بالتنسيق مع لجنة الإعلام المركزية بالمكتب العام.
فيما يخصّ المنصّات الرسمية غير الإخبارية، تُحدّد الورقة آليات عملها من خلال 8 نقاط: «المحدِّدات والأدوار» تشير إلى أن تلك النوافذ تُعبّر بصورة رسمية مباشرة عن الجماعة ومواقفها، وتقتصر على البيانات والتصريحات الصادرة عن المتحدثين الرسميين والقيادات المُصرَّح لها بالظهور الإعلامى، إضافة إلى الحوارات الرسمية مع القيادات، و«ضوابط الملكية والتأمين» تشير إلى تبعية تلك المنصّات للجماعة مباشرة، على أن يجرى تأمينها عبر لجان فنية تتبع اللجنة المركزية للإعلام بالمكتب العام، و«السياسات التحريرية» تُلزم إدارة الصفحات بالرجوع لمسؤولى التنسيق واعتماد البيانات الرسمية والمواد المُطابقة لخطاب الجماعة المُعلن، و«مُحددات النشر» تنصّ على ضرورة الحصول على موافقات واضحة قبل بثّ أية مادة، ومتابعة تعليقات القراء وتصفيتها وحذف ما ينال من الجماعة أو خطابها. وتحدد الورقة فى محور «التقييم والمتابعة» وضع خطط نشر شهرية تتضمّن عدد المواد وتصنيفها وتوقيتاتها والفروق بينها وآلية مراجعتها وتدقيقها، على أن تُعرض الخطة بشكل دورى على اللجان المركزية، وتُعدّل وفق التطوّرات والتوجيهات الفنية لمُختصّى «السوشيال ميديا».
وفيما يخص دورة إنتاج المحتوى تضع 10 مراحل: تحديد القضية من خلال القيادة أو وحدات الرصد أو التخطيط أو التحليل السياسى، وتجميع القضايا المُرشَّحة من خلال وحدة الخطاب بالمركز الإعلامى، مُرتَّبة حسب أهميتها مشفوعة بمعايير تلك الأهمية، والانتقاء منها من خلال القيادة المركزية مع إمكانية الاستدراك عليها بإيضاحات من وحدتى التخطيط والتحليل السياسى، وتوفير المعلومات اللازمة لمعالجتها عبر المركز الإعلامى أو اللجان الاستشارية للقيادة واستكمالها بالتفاصيل الدقيقة والتطوّرات الخاصة بكل قضية، ووضع المضامين وطرق التناول وزواياه من خلال «وحدة المضامين»، والصياغة الأولية بالدمج بين المعلومات وأهداف الجماعة عبر وحدة الخطاب بالمركز الإعلامى، ثم المراجعة العامة من خلال القيادة ووحدة المضامين للتأكُّد من تناسب الرسالة مع استراتيجية المكتب العام، تليها المراجعة اللغوية من خلال مُدقِّقى المركز الإعلامى، ثم الاعتماد بالعرض المباشر على مسؤول الملف أو القيادة المركزية، وصولا إلى النشر بتمريره للجان الإعلامية مُتضمِّنًا موعد البثّ وتفاصيله واقتراحات ترويجه على نوافذ التواصل الاجتماعى، ويُسلَّم مباشرة لمسؤول النشر على الموقع الرسمى ومسؤول اللجان الإعلامية بالتزامن.
قيادة قطعان «السوشيال ميديا»
تُشير الورقة إلى سيولة معايير التلقّى وتقييم الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعى، وانفصال القطاعات الأكبر من المُستخدمين عن الرسائل والمضامين التى يُبثّها الإعلام الرسمى والموالى للنظام، مع ضعف التيارات والقوى السياسية المناوئة للجماعة، وهو ما يُوفِّر فرصًا واسعة لرواج خطابات الاصطفاف وقبول الجماعة، حال إنتاج تلك الرسائل بآلية مُحكمَة للتأثير النفسى المُتدرِّج، بدءًا من هدم الثقة بين الشباب العاديين من غير المُنتمين لتيارات سياسية وأيديولوجية من جانب، والنظام والقوى المُعارضة من جانب آخر، بشكل يُخلِى الساحة لرسائل الجماعة غير المباشرة، وهو ما يضمن على المدى البعيد اقتناع قطاعات أوسع بها وتبنِّيها لها والدفاع عنها.
محور التسرُّب الناعم تضطلع به المنصّات غير الرسمية المملوكة للجماعة، وعددها 385 تتوزّع بين «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، إضافة إلى عدد من المواقع ذات الطابع الإخبارى والثقافى، وتضع الورقة ضوابط لعمل تلك المنصّات: «المحددات والأدوار» تشير إلى تبعيتها للجماعة بالملكية واستقلالها النسبى فى الخطاب، بما يسمح لها بإنتاج خطابات أكثر تنوّعًا وأقل التزامًا بثوابت الجماعة، وهو ما يمنحها قدرة على المناورة سواء بالابتعاد عن خطابات الشرعية وعودة الرئيس محمد مرسى أو تجنُّب وصف 30 يونيو بالانقلاب العسكرى، و«التأمين والملكية» تشير إلى حيازة مُديرى المنافذ لبياناتها ومسؤوليتهم المباشرة عنها، بينما ترتبط التبعية والولاء للجماعة بالتمويل والتدفُّقات المالية وليس بالتبعية المباشرة، و«السياسات التحريرية» تُؤكّد تحديدها وفق طبيعة كل منفذ وأنه ليس ضروريًّا أن تُطابق سياسات الجماعة أو منافذها الرسمية، وإنما تلتزم بالاستراتيجيات العليا بشكل ناعم وجيد الإعداد، و«المضامين اليومية» تستعرض آلية الاتصال ونقل الرسائل الاسترشادية غير المُلزمة بغرض إمداد إدارات تلك المنصَّات برؤى الجماعة وضمان التواصل الدائم، وتُشير الورقة فى هامش أخير إلى (إمكانية التعاقد مع مدير المنفذ بالتمويل المقطوع دون تفاصيل إدارية أو تنظيمية أو كُلفة مُحدّدة للبرامج والخطط».
على الجانب المقابل، تستهدف الجماعة استمرار الخطابات الداخلية ورواجها بصورتها المعروفة، بغرض تثبيت القواعد واستمالة المُنشقين، والحفاظ على ولاء المُتعاطفين والمُتعاونين، وتتولّى إنتاج وبثّ تلك الرسائل شبكة المنصّات الإعلامية الرسمية وعددها 270. تُوضِّح الورقة أنها تتبع الجماعة وتُمثّلها وتلتزم بمطابقة خطابها، وتتوفّر بياناتها مع مدير كل منفذ، إضافة إلى لجنة داخلية تضم عناصر مُحدَّدة من الإدارة المركزية، ويحتفظ مسؤول ملف الإعلام بالمكتب العام بقائمة وافية بمعلومات كل المنافذ المُندرجة ضمن هذا التصنيف، وتشمل تلك المعلومات: بيانات الخوادم، والعنوان الإلكترونى ووثائق ملكيته، وصلاحيات المديرين، وقاعدة البيانات، ورموز المرور إلى لوحة التحكُّم وخوادم الموقع الداخلية، والصفحات والحسابات المرتبطة بالمواقع الإخبارية. وتتحدَّد رسائل تلك المنصّات من خلال «وحدة المضامين» بشكل يومى، عبر توجيهات مُباشرة من مسؤولى الملف الإعلامى، على أن تلتزم بالتنوّع وتغطية الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية بنسب مُتوازنة، ورصد المواقع والقنوات الموالية للنظام وتحليل خطابها وبثّ مواد تتضمَّن تفنيدًا له أو هجومًا على أشخاص مُقدِّميه، وتقييم المواد ومردودها بشكل دورى، خاصة مُعدّلات رواجها على مواقع التواصل الاجتماعى وصفحات وحسابات غير المُنتمين وغير الموالين للجماعة.
آلاف فى خدمة «الأرض المحروقة»
فى تسجيل صوتى مُسرّب للإخوانى ياسر العمدة، صاحب دعوة «ثورة الغلابة» فى 11 نوفمبر 2016، وآخرين من أعضاء التنظيم وحلفائه أبرزهم أبو عمرو المصرى وأحمد أبو عمار وضابط الشرطة المفصول محمد صلاح سعد والطيار السابق على أبو النجا، يقول «أبو عمار» إنه تلقّى عرضًا من أحد كوادر التنظيم بتوفير تمويل غير محدود من أحد أجهزة المخابرات، حتى لو اتّسع الأمر إلى 100 ألف عنصر يعملون على الأرض. ورغم ضخامة الرقم فإن حقيقة الأمر تؤكد أن عدد عناصر الإخوان النشطين فى اللجان الإعلامية والحراك المُسلَّح يقترب من هذا العدد.
بحسب الوثائق المُسرّبة فى الفترة الأخيرة، ينشط داخل اللجان الإلكترونية حوالى 11 ألف عضو فى 25 مكتبًا إداريًّا بالمحافظات، إلى جانب مئات يعملون من 22 دولة حول العالم، ومجموعات أخرى من 7 مقرّات لجامعة التجديد التركية الماليزية فى 5 دول، وعشرات يخترقون صفحات ومنصّات تابعة لـBBC و«دويتش فيله» وشبكة الجزيرة وإصدارات «فضاءات ميديا»، إضافة إلى 47 ألف عنصر تعمل الجماعة على تنشيطهم ضمن خطة «استعادة زمام المبادرة» التى استعرضنا تفاصيلها، أمس، وتمويلات للأجنحة الإعلامية الداخلية بواقع 30 مليون جنيه شهريًّا عبر تبرّعات واشتراكات ومساهمات من 5 رجال أعمال بين تركيا ومصر، ومساهمات إضافية بواقع 5% من الدخل الشهرى لـ372 ألف عضو بالأُسَر والشُّعَب والمناطق فى 25 محافظة، و10% من دخول 11 ألفا و600 قيادة بين نُقباء للأُسَر ومسؤولى لجان وشُعَب ومناطق وصولا إلى المكتب العام. وإذا أضفنا إلى الأمر مُخصَّصات المكتب الإدارى بالخارج للنشاط الإعلامى، البالغة 120 مليون دولار سنويًّا بحسب مصادر من العاملين بإحدى قنوات الجماعة، وميزانية شركة «فضاءات ميديا» المُموّلة من حكومة قطر بـ400 مليون دولار سنويا (45 مليون دولار لتليفزيون العربى فقط بحسب تصريحات مديره السابق إسلام لطفى)، فإننا نكون إزاء أكثر من 500 ألف عنصر ومئات الملايين من الجنيهات، كلها تعمل فى خدمة «خطة الأرض المحروقة»؛ لتسهيل اختراق الإخوان للشارع والأحزاب، وإعادتها إلى واجهة المشهد السياسى، حسبما تحلم وتراهن، والمؤسف أن رهانها يرتكز فى جانب كبير منه على الخلايا النائمة والطابور الخامس فى عشرات الأحزاب والدوائر السياسية ممن فضحتهم أوراق الجماعة (6 أحزاب إسلامية و4 يسارية وليبرالية، إضافة إلى 7 شخصيات عامة بارزة من السياسيين والإعلاميين والقضاة السابقين ، لكنهم جميعًا أبرموا الصفقة ويُخلصون فى تنفيذها، وربما يُواصلون العمل على أمل أن يطول أمد الصراع، ويمتدّ تدفّق الأموال!