الأرقام تتحدث.. رحلة عودة شبكات الطرق في مصر للحياة
الإثنين، 15 أبريل 2019 04:00 م
"الطرق شريان التنمية"، قاعدة يتفق عليها كافة الخبراء والمختصين، وأثبتتها التجارب أيضاً، فمعظم دول العالم التى حققت قفزات تنموية فى اقتصاداتها، ارتكزت فى الأساس على تنفيذ بنية تحتية جيدة وشبكة طرق رابطة بين المناطق المختلفة تخدم الحركة التجارية والسياحية داخل الدولة، وهو ما توجهت إليه الدولة المصرية مؤخراً، بإطلاقها مخطط الشبكة القومية للطرق خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسى، إدراكا منها بالقاعدة السابق ذكرها وهى أن الطرق شريان التنمية وقاطرة أى تقدم.
فى منتصف عام 2014، قررت الدولة خلق شريان جديد للتنمية الاقتصادية، شريان يقود الاقتصاد المصرى لتنمية شاملة سواء على المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى، تمثل هذا الشريان فى مخطط الشبكة القومية للطرق الذى استهدفت الدولة من خلاله ربط كافة محافظات الجمهورية ببعضها البعض، ليس فقط من خلال محاور رئيسية وسريعة جديدة، ولكن، بطرق داخلية أيضاً تصل للطرق المحورية وتربط المراكز الحضرية، هذا بجانب، رفع كفاءة وتطوير الطرق الموجودة بالفعل.
طرق الصعيد...
ولأن الصعيد يحظى بأولوية قصوى فى المخططات التنموية للدولة، استحوذت محافظات وجه قبلى على نصيب الأسد فى مخطط تطوير شبكات النقل والطرق، فأكثر من ثلث الأطوال الجديدة للطرق المنفذة على مدار الأعوام الخمسة الأخيرة، كانت بمحافظات الصعيد، وفقا لما وثقه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء من أرقاماً هامة حول حجم الإنجاز فى مخطط الشبكة القومية للطرق، والتى أكدت تنفيذ 8695 كم طرقاً جديدة بـ 11 محافظة وجه قبلى، بنسبة 35.3% من إجمالى الطرق الجديدة المنفذة.
بلغ إجمالى أطوال الطرق "المرصوفة والترابية" بنهاية العام المالى 2013/ 2014 إلى 163.070 ألف كم على مستوى الجمهورية، مرتفعة إلى 188.274 ألف كم بنهاية العام المالى الماضى 2017/ 2018، بزيادة 25.177 ألف كم.
أرقام هامة...
الأرقام التى وثقها جهاز الإحصاء عكست أيضاً اهتمام الدولة بتغذية سيناء بطرق جديدة تزيد من ربطها بباقى المحافظات، وتضعها فى "قلب الدولة"، حيث أكدت الأرقام، أن هناك نحو 1750 كيلو متر طرق جديدة تم تنفيذها بمحافظتى شمال وجنوب سيناء خلال الـ5 أعوام الأخيرة، إذ كان إجمالى أطوال الطرق يصل إلى 5682 كم فى شمال سيناء فى عام 2013/2014، ارتفع إلى 5740 كم بنهاية عام 2017/2018، وكان يبلغ 5698 كم فى جنوب سيناء، أصبح 7390 كم.
ولخدمة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى كانت "فأس" الرئيس الأولى فى طريق التنمية بعد حفر قناة السويس الجديدة، قامت الدولة بتغذية مدن القناة "بورسعيد، السويس، الإسماعيلية" بـ 1970 كم طرق جديدة لترتفع كفاءة الطرق وأطوالها فى بورسعيد من 1071 كم فى عام 2013/2014 إلى 1150 كم خلال عام 2017/ 2018، وفى الإسماعيلية من 3181 كم إلى 3963 كم، أما فى السويس، فوصل إجمالى أطوال الطرق بالمحافظة إلى 4633 كم بعد 3524 كم.
ونظرا لأن محافظة القاهرة هى العاصمة وقلب الدولة وأكبر محافظتها سكانا، استحوذت المحافظة على نسبة كبيرة من إجمالى أطوال الطرق الجديدة التى نُفذت على مدار الـ5 أعوام الماضية، فمن إجمالى 25.1 ألف كم طرقا جديدة تم تنفيذها خلال الفترة من 2013/ 2014 وحتى 2017/ 2018، جاء نصيب "العاصمة" بـ 4123 كم لترتفع أطوال الطرق بها من 27.967 ألف كم فى عام 2013/ 2014 إلى 32.090 ألف كم بنهاية عام 2017/ 2018 "والمنتهى فى يونيو 2018".
الطرق الرئيسية والمحورية
جانب آخر هام وأولى، ارتكزت عليه الدولة فى مخططها لتطوير شبكة النقل وتدشين شبكة قومية للطرق، هو، الطرق السريعة والرئيسية، كالطرق الدائرية التى ارتفعت أطوالها من 1081 كم فى عام 2013/ 2014، إلى 1664 كم خلال عام 2017/ 2018، فوفقا للأرقام والبيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء، كان اهتمام الدولة فى الماضى بتلك الطرق يقتصر على طريق الدائرى الإقليمى الحر، وطريق سوهاج- البحر الأحمر، وطريق الكريمات – بنى سويف- أسيوط الحر.
إلا أنه منذ اطلاق مخطط الشبكة القومية للطرق، وضعت الدولة طرقا أخرى فى إطار اهتماماتها كطريق الإسكندرية الصحراوى الذى تم تطوير 180 كم به، وطريق القاهرة- الإسماعيلية، وقد تم تطوير 170 كم منه، علاوة على الطريق الدائرى الأوسط، وطريق شبرا- بنها الحر، بأطوال جديدة بلغت 22 كم، و 40 كم، بالترتيب، هذا بجانب زيادة أطوال الطريق الدائرى الإقليمى الحر إلى 370 كم من بعد 357 كم فى عام 2013/ 2014.
انجازات أخرى فى تطوير منظومة النقل، حققتها الدولة على مدار السنوات الخمس الماضية أكدتها الأرقام الصادرة عن جهاز الإحصاء أيضاً، والتى كشفت عن الطفرة الكبيرة التى فعلتها الدولة فى أعداد الكبارى والأنفاق والقناطر بها، حيث تضاعف عددها نحو 15 مرة مما كانت عليه فى الماضى، فحتى نهاية عام 2013/ 2014 كان عدد الكبارى والأنفاق يبلغ 2370 كوبرى، مرتفعا إلى 36.326 ألف كوبرى ونفق بنهاية العام المالى الماضى 2017/ 2018، بزيادة بلغت نحو 34 ألف كوبرى ونفق.
خبراء نقل: الدولة على المسار الصحيح
الدكتور حسن مهدى أستاذ النقل والطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أكد أن الحكومة المصرية تسير على المسار الصحيح فى تطوير منظومة النقل بكافة أنواعه، سواء النقل البرى من خلال الطرق والمواصلات والسكة الحديد، أو النقل البحرى من خلال الموانئ، مضيفا، أن الزيادة السكانية التى تشهدها البلاد بارتفاع مستمر، تتطلب انتشار وتوسع عمرانى بشكل أفقى، وهذا لن يتم إلا بوجود شبكة من الطرق والبنية التحتية تشجع على إنشاء مدن عمرانية جديدة، وهذا هو ما تفعله الدولة الآن.
وأوضح "مهدى" أن عدد السكان فى عام 1986، كان نحو 48 مليون نسمة، الآن أصبح يتجاوز 98 مليون نسمة، لافتا إلى أن هذه الزيادة السكانية التى أضيفت إلى عدد السكان كان ليس من الممكن استمرارها على ذات المساحة التى نعيش عليها، بل من الضرورى التوسع بشكل أفقى على مسطح أكبر، وبالتالى المشروع القومى للطرق الذى بدأ مع الفترة الرئاسية الأولى له دلالة يهدف فى المقام الأول لتوفير قاطرة للتنمية المستدامة بكافة صورها.
وتابع قائلا: "النهاردة لما أعوز أعمل تنمية عمرانية وابنى مدن جديدة زى العاصمة الإدارية الجديدة والمنصورة الجديدة والعلمين الجديدة وغيرها، كيف يمكن تنفيذها بدون وجود شبكة طرق ومواصلات توصل العمال اللى هتنفذ المدن دى؟، برضو لما اجى أعمل تنمية زراعية ازاى استصلح أرض من غير ما يكون عندى طرق أو وسيلة انقل بيها المعدات والمزارعين؟"، مؤكدا أن كل ذلك لن يتم إلا بوجود مرافق كاملة تشمل شبكة النقل.
تقدم مصر عالمياً فى قطاع النقل
وأضاف، أستاذ النقل والطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن ما قامت به الدولة خلال السنوات الماضية من الاهتمام بتنفيذ شبكة طرق مطابقة لأحدث المعايير الهندسية على مستوى العالم، ساهم فى تقدم مصر من المركز 118 إلى 75 فى تقرير التنافسية العالمى على مستوى قطاع الطرق، مؤكداً أن أى تنمية سواء كانت عمرانية أو زراعية أو صناعية، تبدأ بالطرق، فهى قاطرة التنمية بشكل عام سواء كانت برية بما فيها السكة الحديد أو بحرية.
وأكد الدكتور حسن مهدى، أن تطوير الاقتصاد مرتبط بالطرق وشبكة النقل، ولكن يجب أن يتزامن معها منظومة الصيانة سواء بوضع خطط صيانة للطرق الجديدة على مدار السنوات المقبلة حتى نحافظ عليها للأجيال القادمة، أو صيانة للطرق القديمة الموجودة لرفع كفاءاتها، مشيرا إلى أن تلك الخطط يجب أن تتم على أساس علمى بدراسات فنية وهى ما تسمى بدراسات النقل التى يتم من خلالها دراسة حالة الطرق كل فترة كما يتحدد من خلالها الأولويات فى منظومة النقل وتحديد حجم الاحتياج لطرق جديدة أو عمل ازدواجية لطريق ما أو صيانة لطريق آخر، وهكذا.
خبير: وجود شبكات طرق يُحسن قيمة الأرض
ولفت "مهدى" إلى أن الطرق هى البداية للتنمية الحقيقة، فبوجود الطرق تُخلق الحياة، كما إنها تحسن وترفع من قيمة الأرض وتجذب المستثمرين، فبدلا من بيع الأرض وهى تقع فى منطقة نائية لا يوجد شبكة طرق تخدمها فتباع بسعر ضئيل، وجود طرق يجعلها تُباع بسعر مرتفع تحقق الدولة من خلاله عائد جيد يمكن توظيفه فى مشروعات أخرى تخدم المواطن، وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسى أن الدولة تعمل حالياً على تحسين قيمة الأرض.
اتفق معه فى الرأى، الدكتور أحمد محمدى عبد الله أستاذ مساعد هندسة الطرق والمطارات بكلية الهندسة جامعة الزقازيق، مؤكداً أن الطرق تعتبر شريان التنمية فهى التى تدفع وتنمى عجلة الاقتصاد والإنتاج فى الدولة بصفة عامة، خاصة لما توفره من فرص عمل كبيرة أثناء تنفيذها، علاوة على الاستثمارات الضخمة التى تضخ لإنشائها، كما إنها تسهل حركة التجارة والتنقلات والسفر وتربط بين المناطق وبعضها.
وأضاف "محمدى" أن وجود طرق جديدة ممهدة تقلل من زمن الرحلة فى التنقل من مكان لآخر، وهو ما يوفر فى استهلاك الوقود، وفى دراساتنا كخبراء نقل توفير استهلاك الوقود يعنى توفير أموال هذا بجانب الوقت واستهلاك المركبات مما يطيل من عمرها الافتراضى، موضحاً أن تطوير شبكة الطرق سواء من خلال تنفيذ طرق جديدة أو صيانة الطرق الموجودة، يقلل من عدد الحوادث، ويزيد من جذب المستثمرين، بجانب هذا، ينشط حركة التجارة ويسهل تنقلات السياحة الداخلية.
ويرى الدكتور أحمد محمدى أن، لا ينقص تطوير منظومة النقل فى مصر سوى استكمال المخططات الموضوعة للطرق المحورية السريعة، علاوة على، زيادة ربط الطرق الداخلية للمدن بتلك الطرق، كما بدأت الدولة مؤخراً بتشكيلها لجان على مستوى كل محافظة لوضع مخططات كاملة لصيانة الطرق الداخلية والكبارى واقتراح كيفية ربطها بالطرق المحورية حول المحافظة.
إجمالى أطوال الطرق "المرصوفة والترابية" على مستوى محافظات الجمهورية