طريق تيريزا ماي مسدود وكوربين البديل المنتظر.. ما أشبه ليلة الإطاحة بديفيد كاميرون
الإثنين، 15 أبريل 2019 02:00 م
مع فشل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في إقناع البرلمان بخطتها حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بـ «البريكست»، تتضاءل فرصها في البقاء على رأس الحكومة، لاسيما مع إظهار نتائج استطلاعات الرأي في المملكة تفوق زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين على ماي إذا أجريت انتخابات مبكرة.
وما وضع رئيسة الوزراء البريطانية في موقف صعب لا تحسد عليه فيما يخص استمرار حكمها، هو تصويت البرلمان البريطاني ثلاث مرات ضد الاتفاق الذي تفاوضت عليه الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي لتنظيم بريكست، فضلًا عن معارضة البرلمان بشكل عام كافة الاقتراحات المختلفة التي دعت إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق أو تنظيم استفتاء ثان.
ويمر على مفاوضات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي لتنظيم بريكست نحو ثلاث سنوات، حيث يرجع إلى استفتاء أجرى في المملكة يونيو 2016، صوت فيه 51.9 % لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن الانسحاب كان مقررًا في الأساس في 29 مارس الماضي، وتم أرجائه إلى 12 أبريل، تم تأجيله مرة أخرى بسبب رفض البرلمان أقرار الاتفاق الخاص به أكثر من مرة ليكون31 أكتوبر الموعد الجديد لخروج بريطانيا من الاتحاد على أقصى تقدير.
هذا التأجيل على الرغم من أنه منح لندن الوقت لإيجاد حل يتيح تفادي الطلاق النهائي دون اتفاق، إلا أنه مثل ضغطًا إضافيا على تيريزا ماي بوضعها في موقف محرج إذا ما لم تتوصل إلى اتفاق مع المعارضة والبرلمان للموافقة على بنود الانسحاب، ما دفع بعض المراقبون في المملكة إلى توقع إجراء انتخابات بريطانية مبكرة تتيح بتيريزا ماى من على رأس السلطة وتستقدم رئيس حزب العمال البريطاني بدلًا منها.
وتختلف رؤية رئيس حزب العمال البريطاني ذات الفكر اليساري عن تيريزا فيما يخص البريكست، حيث يعتقد كوربين أن الخروج من الاتحاد الأوروبي قد يؤثر سلبيًا على بريطانيا، وبالأخص اقتصادها، ولكنه لا يشكك في الاستفتاء الذي تم إجرائه قبل ثلاث سنوات ويحترمه، في حين يشدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يتيح لبريطانيا الوصول إلى الأسواق الأوروبية دون فرض تعريفات على منتجاتها، فضلًا عن حماية جميع حقوق لندن التى حصلت عليها من خلال عضويتها فى الاتحاد الأوروبي، وهى كلها حقوق قد تتنازل عنها بريطانيا مستقبلًا إذا ما تم التوقيع على اتفاق مضمون لتحقيقها.
في حال إجراء انتخابات مبكرة، وهذا أمر لا يمكن استبعاده في بريطانيا على خلفية أحداث مشابهة مرت بها المملكة من قبل، سيكون أمام تيريزا ماي فرصة صعبة للاحتفاظ بمنصبها، وهو أمر تكرر كثيرًا فعندما فشل رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في إقناع البرلمان والشعب برؤيته الرافضة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، استقال من منصبه بعد الاستفتاء بساعات وهو أمر مشابه إلى حد قريب لموقف تيريزا ماي.
وكثيرًا ما تكون استطلاعات الرأي في بريطانيا، مؤشر قوى على ما سيحدث في المستقبل القريب، حيث شمل الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «صنداي تلجراف» 8 آلاف و561 شخصًا خلال الفترة من 2 إلى 11 أبريل، مرجحًا خسارة تيريزا ماي نحو 59 مقعدًا بمجلس العموم وزيادة مقاعد العمال 34، ليحصل على 296 مقعدًا مقابل 259 للمحافظين، وهو الأمر الذي يفتح الطريق للزعيم اليساري كوربين ليصبح رئيسا للحكومة القادمة بعدما أصبح حزب هو الأقوى في البرلمان.
ويمهد وصول كوربين للحكومة الطريق لمعارضي البريكست إلى تقديم اقتراحات جديدة من أجل البقاء تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، فعلى الرغم من رفض البرلمان أكثر من اقتراحًا لحل أزمة البريكست وهو الخروج دون التوصل إلى اتفاق أو إجراء استفتاء ثاني، سيكون أمام رئيس حزب العمال إذا جلس على كرسي الحكومة فرصة جديدة إلى إقناع أعضاء البرلمان برؤيته الخاصة بالبريكست، خاصة وأنه يريد استمرار عضوية المملكة البريطانية بالاتحاد الأوروبي، وهو ما أكده أكثر من مرة في تصريحاته، حيث قال في وقت سابق: إنه رغم صعوبة إجراء استفتاء ثان فيما يخص البريكست إلا أن إذا حدث ذلك سيصوت لصالح بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبى»، منتقدًا الحكومة البريطانية بسبب انعدام التقدم فى محادثات بريكست بشكل صادم.