الأهلي والزمالك.. حتى لا تقع الكارثة!
السبت، 30 مارس 2019 06:10 م
شتائم متبادلة، تلميحات قذرة، ألفاظ يعف اللسان أن يذكرها، سفالة منقطعة النظير، وحوارات مبتذلة تشير إلى المستوى الذي وصلنا إليه.. هذا ما نشاهده- الآن- على شاشات الفضائيات، وعلى مواقع «الهدم» الاجتماعي، التي ساهمت بشكل كبير في ترسيخ الفتنة، وزيادة التعصب والحقد والكراهية بين جماهير أكبر ناديين في إفريقيا والعالم العربي، الأهلي والزمالك.
مسؤولو وصحفيو وإعلامية وجماهير الزمالك ما زالوا ينبشون في الدفاتر القديمة، ويعيشون في دور «المضطهد»، المظلوم، المقهور، والذي يتعرض لمآمرة كونية.. ويصدقون، بل يؤمن معظمهم أن ناديهم خسر بطولات عدة بسبب أخطاء وتآمر الحكام عليه، ومجاملة اتحاد الكرة للفرق المنافسة للأبيض، وأن فريقهم كان الأحق بلقب «نادي القرن الإفريقي» بدلًا من غريمه الأهلي.. وغيرها القضايا والأحداث التي تغازل الجماهير البيضاء، وتملأ نفوسهم بالحقد، وتشحن قلوبهم بالغضب من الشياطين الحمر، «نادي الدولة» كما يروجون.
الأخطر هو الاتهام الدائم لرئيس الأهلي وأعضاء مجلس إدارته بأنهم «حرامية الساعات»، وهو الاتهام الذي أوغر صدور الأهلاوية الذين يرون أن مروجي هذا الاتهام مثل نائحة مستأجرة لصالح «ثري عربي»، أو كعاهرة تستخدم لسانها لجذب الأضواء إليها، بعد أن انفض عنها زبائنها!
ما ينطبق على الزمالك يمكن إسقاطه على الأهلي، وإن كان بدرجة أقل صخبًا وحدة، وأقل سفالة وتطاولًا.. فرأينا بعض اللاعبين السابقين يقودون الجماهير في المدرجات لعزف «سيمفونية شتائم» ضد المنافس، كما رأينا مسؤولين كرويين من الأحمر يطلقون الشتائم ضد الأبيض، وإن كان مبررهم الرد على شتائم واتهامات الطرف الآخر.
معظم البرامج التليفزيونية الرياضية تحولت إلى «بكابورتات»، لا علاقة لها بزيادة حماس اللاعبين والمشجعين، وبعيدة كل البعد عن بث الروح الرياضية، واحترام المنافس، والتواضع عند النصر والابتسام عند الهزيمة وتقبلها.. بل العكس تمامًا، نافست مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة التنافر، والاحتقان، وغرست بذور الشقاق بين الجماهير التي أصبحت على وشك الانفجار في أي لحظة، وباتت تهدد السلم العام، وربما تكون سببًا رئيسيًا في تشويه صورتنا أمام العالم، خاصة ونحن مقبلون على استضافة كأس الأمم الإفريقية.
وللأسف الشديد، ساعد في تأجيج وتفخيخ الجماهير صحفيون، وإعلاميون ومشجعون، وأشخاص من الجانبين، بعضهم في موقع المسؤولية، وبدلًا من أن يكونوا قدوة للجماهير الثائرة، بأدبهم، وأخلاقهم، وسلوكهم، وروحهم الرياضية، ويعملوا على تهدئتهم، راحوا يضربون المثل في القبح، والبذاءة، وسلاطة اللسان.. بل إن بعضهم يتباهى بأنه يمتلك مصنعًا لـ«قلة الأدب»، ولم يسلم أحد من لسانه واتهاماته و«سيديهاته»!
وكأن هؤلاء لم يكفهم المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 70 مشجعًا أهلاويًا، والحادث المفجع الذي أودى بحياة أكثر من 20 زملكاويًا، فباتوا ينفخون في نار الغل والحقد، ويشعلون فتيل الفتنة، لنستيقظ على كارثة كبرى سوف تهز استقرار البلد وتضرب دعائم أمنه.. وربما نستيقظ على مذبحة كبرى أبطالها شباب وأطفال رضعوا السفالة، وتغذوا على قلة الأدب، وتربوا على التعصب والهتافات المسيئة وتحقير الآخر!
أخطر ما في المشهد، هو وقوف أجهزة الدولة «على استحياء» من كل ما نسمعه ونراه من الاتهامات المتبادلة بين الجانبين، وكأن الأمر لا يعنيها، أو كأنها تريد أن تثبت الشائعات والأقاويل التي يرددها المغرضون بأن «الدولة» تشجع مثل هذه التصرفات؛ لـ«إلهاء الناس»، و«تمرير بعض الملفات الشائكة»!
نحن مقبلون على بطولة الأمم الإفريقية، التي تنظمها مصر وتنطلق يوم 15 يونيو المقبل، وعلى الجميع- مسؤولون، وجماهير- أن يدركوا أن سمعة مصر على المحك، وإن لم نستطع كبح جماح الفتنة الكروية، ونزع فتيل التعصب الكروي، فربما نواجه خطرًا نحن في غنى عنه.. فهل يتحمل كل منا مسؤوليته قبل أن تقع الواقعة؟!