نصاب أون لاين.. محتالون يستغلون الأطفال لجمع الأموال من نشطاء السوشيال
الجمعة، 29 مارس 2019 07:00 م
مثلما انتقلت كل أمورنا من المنازل والشوارع والميادين إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، انتقل التسول والنصب بأحدث أساليبه من الإشارات والأرصفة إلى دكاكين السوشيال ميديا الموبوئة، فبدلاً من أن يقوم قاصد التسول باعتراض طريقك بشكل بات مكشوف للجميع في الطرقات، راح يركز على إسقاطك في شباكه عن طريق منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
بات التسول جاهزاً ليواكب التطور التكنولوجي، فظهرت صفحات تجمع تبرعات لحالات طبية وإنسانية، وتعمل على طلب الاستعطاف من خلال الكلمات المؤثرة التي تربح وتحقق معدلات مشاهدة ومشاركة عالية في ذلك الواقع الافتراضي، ويتمكن القائمون عليها من جمع آلاف الجنيهات، من المواطنين الضحايا.
رضوى جلال نموذجا
رضوى جلال، فتاة شغلت الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بعدما اكتشف الجميع كذبها ونصبها على رواد هذه المواقع، وجمعها أموالاً منها دون أي وجه حق.
رضوى واحدة من أوائل الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعى للنصب على المواطنين، تمكنت أرملة الداعية أحمد الجبلي من جذب استعطاف متابعيها، بعد وفاة زوجها الداعية أحمد الجبلي بمنشورات حزينة وكلمات مؤثرة، قبل أن تقوم بإغراء عدد من متابعيها بالاستثمار معها في شركة "مليكة" للأزياء، وحصلت على أموال ضخمة من المواطنين، ووعدتهم بهامش ربح خيالى يصل إلى 17.5 % كل 3 أشهر، بعدها اختفت وبدأ الدائنين يطاردوها فى أروقة المحاكم والنيابات، حتى صدرت ضدها عدة أحكام قضائية بالإدانة.
رضوى جلال
«آسر».. الطفل الطعم
المشاهد التي كنا نشاهدها في الشوارع لرجلاً أو امرأة يمسكان بطفليهما ليستغلاه في جمع الأموال من المارة دون وجه حق، انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فقام بعض النشطاء باستغلال الأطفال في الإيقاع بضحاياهم وجمع أكبر قدر من الأموال منهم.
«آسر» واحد من أشهر الأطفال على موقع التواصل الاجتماعي، تم استغلاله من قبل والديه للنصب على النشطاء، قيل إن آسر مريض ويحتاج لإجراء منظار على الكلى، وإنه لا يملك المال الكافي لإجراء تلك العملية، وبدأت مروجة المنشور بنشره على نطاق واسع وجمعت أموال طائلة من وراها تلك العملية، وتبين فيما بعد أن الحساب الخاص بها حساب وهمي، وأن الطفل أجرى العملية بالفعل قبل عام من انتشار تلك "المنشورات".
لم تقتصر عمليات التسول على المواطنين عبر مواقع "التواصل الاجتماعى"، على منشورات الحالات المرضية، واستغل بعض المتسولين، صفحات معروفة بارتفاع معدل الفاعلية بها، لترويج منشورات تطلب أموال من أجل "تجهيز" عريس، أو شراء مستلزمات عروس يتيمة على وشك الزفاف، أو جمع تبرعات لمغترب يبحث عن عمل وضل طريقه إلى قريته.
قانونى: النصب هو إظهار واقعة غير حقيقية على أنها حقيقية
"النصب تصوير صورة غير حقيقة على أنها حقيقية"، يقول ممدوح عبد الجواد المحامى والخبير القانونى، إن عمليات النصب والاحتيال والتسول التى تتم عبر صفحات مواقع "التواصل الاجتماعى" يتم التعامل معها كجنحة نصب ويعاقب عليها وفقًا لقانون العقوبات، وتتراوح عقوبتها ما بين شهر وحتى 3 سنوات أو غرامة مالية.
وتابع "عبد الجواد"، أن النصب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، يتم إثباته عن طريق تحرير محضر بمباحث شرطة الانترنت، التى تقوم بتتبع الحسابات الوهمية التى يتم استخدامها فى عمليات النصب، وإجراء التحريات اللازمة عنها، وإحالتها للنيابة العامة للتحقيق وإحالة القضية بعد الانتهاء منها للمحكمة.
خبير أمنى: مباحث الانترنت أسقطت عددا كبيرا من تلك العصابات
يقول اللواء عبد الرحيم سيد الخبير الأمنى، أن أجهزة الأمن لم تختزن جهدًا فى مكافحة جرائم النصب، وأن مباحث شرطة الانترنت كان لها دورًا كبيرًا فى الإيقاع بعدد من المحتالين والنصابين على صفحات مواقع "التواصل الاجتماعي"، ولكن بسبب ارتفاع معدلات النصب فنحن فى حاجة إلى وقت للتصدى لها جميعًا.
وطالب "عبد الرحيم" فى تصريحات لـ"اليوم السابع" بضرورة وجود تشريعات جديدة لمكافحة الجرائم الحديثة والتى ظهرت مع التطور التكنولوجى، ومن بينها النصر على "الفيس بوك"، بإيهام المواطنين بأشياء غير حقيقية على أنها حقيقية، ولابد من أن يتوازى مع ذلك حملة إعلامية ضخمة لتوعية المواطنين بتلك الطرق من عمليات النصب.
وأضاف "سيد"، أن استغلال حاجات المرضى والاحتيال على المواطنين، هو أمر فى غاية السوء، وهناك طرق شرعية يمكن للمواطنين اللجوء إليها فى حالة ما رغبوا فى التبرع للحالات الإنسانية وتخضع لإشراف الدولة ووزارة التضامن الاجتماعى، حتى يتأكدوا أن أموالهم تذهب فى طريقها الصحيح.