تفسير توراتي لـ«سرقة الجولان» في عيد «المساخر»!

الثلاثاء، 26 مارس 2019 02:34 م
 تفسير توراتي لـ«سرقة الجولان» في عيد «المساخر»!
عنتر عبد اللطيف يكتب:

يزعم «سفر أستير» التوراتي أن «هامان» كان وزيراً للملك الفارسي «أحشويرش» فى حين يؤكد القرآن الكريم إنه - أى هامان- كان كبير الكهنة في بلاط فرعون مصر «رعمسيس الثاني».. وبعيدا عن هذه الجدلية التى يوجد بشأنها عشرات الدراسات، التى تحمل العديد من وجهات النظر ما بين مؤيد، ومعارض، فهناك علاقة غير مباشرة بين اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة دولة الاحتلال على مرتفعات الجولان، والتفسيرات التوراتية لما قد يقع بالمنطقة من أحداث.

وفق التوراة ،يحتفل اليهود فى مارس من كل عام - لاحظ التزامن مع الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان- بما يسمى «عيد الفوريم» ويعنى «عيد المساخر» والذى استطاعت فيه الفتاة اليهودية «أستير» - وفق معتقداتهم- افشال مخطط «هامان» بذبحهم و إبادتهم، حيث ذهبت أستير إلى الملك في ثالث أيام الصيام، وكان من الممكن أن تموت بدخولها إلى الملك بدون دعوة إلا لو مد إليها «قضيبه الذهبي»- عصا صغيرة صلبة-، وبالفعل مد الملك عصاه ولمستها أستير، ثم جلسا معا وطلبت العفو عن أبناء الشعب اليهودي، وهو ما وافق عليه الملك ليصبح لليهود شأن عظيم لدى الملك، ويصلب هامان بحسب رواية التوراة.

«عيد الفوريم» وفق موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية يرمز إلى :«انتصار الشعب اليهودي على مخطط هامان الوزير اللاسامي في امبراطورية فارس وتعطل المدارس يومي العيد بعد احياء الحفلات التنكرية، مما يجعل هذا العيد الأكثر شعبية في اسرائيل».

لقد أصبح عيد المساخر، الذي يحتفل به بذكر خلاص اليهود وإفشال مؤامرة هامان بإبادتهم، رمزًا لانتصار الشعب اليهودي على حكم طغيان اللاسامي. فلذلك يتسم عيد المساخر بالمرح ويكون مثل عيد كرنفال وففق الموقع الرسمى لوزارة خارجية دولة الاحتلال حسب التوراة.

 يقول هامان اللاسامي- حسب الوصف التوراتي-  كبير الوزراء في الإمبراطورية الفارسية، للملك الفارسي أحشويروش وفي الآية 8 من الأصحاح الثالث  في سفر إستير إنه «موجود شعب ما مشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك، وسننهم مغايرة لجميع الشعوب، وهم لا يعملون سنن الملك، فلا يليق بالملك تركهم. فإذا حسن عند الملك, فليكتب أن يبادوا»، وبذلك، قد ابتكر هامان أحد الافتراءات اللاسامية الأكثر شناعة وهو أن اليهود شعب متعصب غريب لا يراعون قوانين الدول التي يعيشون فيها، وبمبادرة هامان صدر أمر بذبح جميع اليهود في الإمبراطورية الفارسية، ولكنه يقال في سفر أستير بعد ذلك إن مؤامرة هامان أحبطت و«كان لليهود نور وفرح وبهجة وكرامة .. وولائم ويوم طيب». «أستير، 8 : 16-».

و في اليوم الذي يصادف قبل عيد المساخر بيوم واحد يحل يوم صوم يعرف بـ «صوم إستير»، على ذكرى الصوم الذى قد صمته أستير،ومعها جميع أبناء الشعب اليهودي «سفر إستير 16:4» بعد أن طلبت الملكة إستير، وهي بطلة سفر إستير، من الملك أحشويروش إلغاء تنفيذ مؤامرة الإبادة لهامان. وسيمتد الصوم من الفجر، قبل شروق الشمس، حتى غروب الشمس، وتتلى صلوات خاصة وتتم قراءة نصوص من التوراة في نطاق الصلاة التي تقام في الكنيس وفق التوراة.

باعتراف اليهود فأنه:« فى عيد المساخر، يفرض سفر إستير «22:9» على اليهود إرسال أنصبة «هدايا» من كل واحد إلى صاحبه، وعطايا خاصة للفقراء، وإقامة مأدبة احتفالية بعد ظهر العيد. ولهذه الغاية، يتسم هذا اليوم كذاك، بجمع التبرعات للأغراض الخيرية، وبزيارة الجيران والأصدقاء لإعطائهم سلالاً من أنواع الطعام، أهمها معجنات صغيرة مثلثة الشكل محشوة بالخشخاش «أو بحشوات أخرى» ومعروفة باسم «آذان هامان».

 وفي المأدبة الاحتفالية هناك من يتبعون التقليد بأن يصبحوا سكارى إلى حد لا يتمكنون من التفرقة بين «بارك الله موردخاي» - ومردخاي هو عم إستير وبطل سفر إستير- ولعن الله هامان» !

فى كتاب «النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها العهد القديم من الكتاب المقدس» بقلم أ. حلمي القمص يعقوب يجيب على سؤال هام وهو هل ارتبط عيد الفوريم بالحفلات التنكرية، حتى أن العرب دعوه عيد المساخر، ومنع بعض الملوك العرب والأجانب اليهود من الاحتفال بهذا العيد قائلا :«تصدى اليهود يوم 13 آذار للذين أرادوا إبادتهم ونشبت معارك دامية، فقتل اليهود من أعدائهم خمسة وسبعين ألفًا، بالإضافة إلى ثمان مئة رجل في مدينة شوشن على مدار يومين، ولم يمدوا أيديهم إلى النهب، واستراحوا في اليوم الرابع عشر باستثناء يهود شوشن الذين حصلوا على إذن ملكي باستمرار الانتقام من أعدائهم يومًا آخَر، ثم استراح جميع اليهود في اليوم الخامس عشر، ولذلك كتب مردخاي إلى جميع اليهود القريبين والبعيدين "لِيُوجِبَ علَيهِم أن يُعَيِّدُوا في اليَوم الرَّابعِ عشَرَ من شَهْرِ أذَارَ، واليَوم الخَامِسِ عَشَرَ منه في كُلِّ سنَةٍ، لِيَجعلُوها أَيَّام شُرب وفَرَحٍ وإِرسَالِ أنصِبَةٍ مِنْ كُلِّ واحد إلى صاحِبِهِ وعطَايَا لِلفُقَراء" (أس 9: 21، 22) ولأن هامان ألقى فورًا أي قرعة لتحديد اليوم الذي يبيد فيه اليهود، لذلك دعوا هذا العيد بعيد الفوريم: "لذلِكَ دَعُوا تلكَ الأَيَّامِ فُورِيم عَلَى اسم الفُورِ... وأن يُذكَرَ هذَانِ اليَومَانِ ويُحفَظَا في دورٍ فَدَوْرٍ وعَشِيرَةٍ فَعَشِيرَةٍ وبِلاَدٍ فبِلاَدٍ ومدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ. ويوما الفُورِ هذَانِ لا يَزُولاَنِ منْ وسَطِ اليَهُود، وذِكرُهُما لا يَفْنَى من نَسلهم" (أس 9: 26، 28)، فكان اليهود يصومون يوم 13 آذار من كل عام للمساء، ويدعون هذا الصوم بصوم أستير، وفي اليوم التالي يقرأون سفر أستير.

كلمة «الفور» تعني حجر الزهر المكعب، وكان يُستخدم في تحديد بعض الأمور التي يصعب على الإنسان اتخاذ قرارًا فيها، والفكرة ليست يهودية، إنما هي فكرة استخدمتها الشعوب الوثنية، وهى تدور حول نظرية القضاء والقدر والفال والحظ، فالتقط اليهود هذه الفكرة وحوَّلوها إلى عيد ديني وقومي يتذكرون فيه على مدى الأجيال مدى عمل الله وسط شعبه، كما يصير هذا العيد فرصة للاهتمام بالفقراء والمحتاجين، والتواصل الاجتماعي وتقديم هدايا لبعضهم البعض، وفي عصر المكابيين عُرف هذا اليوم بيوم مردخاي «2مك 15: 37» وفق حلمي القمص يعقوب.

اللافت إن «الموسوعة اليهودية» تقول عن سفر أستير: «قلة من العلماء المعاصرين ذوي الشأن يعدون رواية أستير قائمة على أساس تاريخي... إن جمهور الشراح المعاصرين توصلوا إلى أن السِّفر قطعة من الخيال المحض».

وفي عام 1280 ق. م ، كانت قد وقعت معاهدة تاريخية بين «خاتوسيلاس» ملك الحيثيين و«رعمسيس الثاني» فرعون مصر، ومعنى «ها.. آمان» وهو النافذ إلى «الإله» آمون، أو المدلف إلى «الإله» آمون، أي أنه حاجب الإله آمون، وهو ما يدحض مزاعم اليهود، وهو الطرح الذى انتصر له «محمود رؤوف أبو سعدة» في كتابه «من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن».

فى حين جاء ذكر هامان بالقرآن الكريم- وهو زير فرعون-  فى ستة مواضع هى :

1- قال تعالى: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون} [القصص : 6].

 

2- قال تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص: 8].

 

3- قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص : 38].

 

4- قال تعالى: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} [العنكبوت : 39].

 

5- قال تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب} [غافر : 24].

 

6- قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَاب} [غافر : 36].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق