حنانيك يا سيادة المجلس الأعلى

الأحد، 24 مارس 2019 12:38 م
حنانيك يا سيادة المجلس الأعلى
حمدى عبدالرحيم يكتب:

من عجائب مصرنا الحبيبة أنها تشبه جراب الحاوى، الذى بطبعه تتكدس العجائب بداخله.
 
قبل أسبوع جرت انتخابات نقابة الصحفيين على مقعد النقيب وستة مقاعد للأعضاء، وبغض النظر عن أى ملاحظات سلبية فقد رضى الجميع بالنتائج  النهائية للانتخابات وقدم الخاسر تهنئته للرابح، وتعاهد الجميع على مواصلة العمل من أجل حماية النقابة والمهنة، ولكن جراب العجائب قذف وجوه الصحفيين، بل قلوبهم بعجيبة دبّرها وصنعها منفردا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذى أصدر لائحة جزاءات وعقوبات يقع بين مخالبها الراحلون من الصحفيين قبل الأحياء منهم!
 
ألم يكن من اللائق أن يتمهل سيادة المجلس الأعلى حتى يلتقط الصحفيون أنفاسهم بعد معركة ساخنة كانت أشبه بمسابقات الماراثون؟
 
النقابة لم تقر بعد هيئة مكتبها الجديدة، فلمصلحة مَن إحراج النقيب الجديد والمجلس الجديد؟
 
لقد عاش الصحفيون منذ أسسوا نقابتهم تحت مظلتها، ولم يعترفوا بكيان غير كيان النقابة المنتخبة انتخابًا حرًا مباشرًا ونزيهًا، فكيف بعد رسوخ مبدأ مسئولية ومرجعية النقابة تأتى أى جهة بلائحة مثل حقول الألغام وتفرضها فرضًا على الصحفيين وعلى نقابتهم العريقة؟
 
لماذا لم ينصت المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاعتراضات الصحفيين المتكررة على لائحته؟
 
لقد اعترض الصحفيون على تلك اللائحة منذ أن كانت مشروعًا وطالبوا بتعديل موادها، ولكن المجلس تجاهل كل المناشدات وأصر بطريقة عجيبة على إقرار لائحته وكأنها كتاب مُنزل من السماء.
 
لقد قرأت اللائحة مرات ومرات وتوقفت أمام أكثر من مادة، ولكن هناك مادة بعينها تجب ما قبلها من مواد لأنها تكشف عن موقف غريب يتخذه المجلس من مهنة تعيش فى غرفة الإنعاش ولا تتحمل المزيد من القيود.
 
تقول المادة: «يعاقب كل من سمح باستضافة شخصيات غير مؤهلة أو تقديمهم لجمهور على خلاف الحقيقة بأحد الجزاءات الآتية أو أكثر حسب الأحوال:
لفت النظر للبرنامج (التنبيه)
 
إنذار للوسيلة الإعلامية».
 
تلك صياغة فضفاضة، تلعب على أوتار الذائقة والرأى الشخصى، فهى لم تقدم تعريفًا جامعًا مانعًا للشخصية المؤهلة، وهى لن تستطيع تقديم هذا التعريف، لأن الأمر فى النهاية خاضع لاعتبارات معقدة نلجأ إليها ساعة تقييم هذه الشخصية أو تلك.
 
فأنا على سبيل المثال أعمل فى الصحافة الأدبية  وأرى أن فلانًا الذى لا يحمل الدكتوراه أهم مئة مرة فى مجال النقد مثلًا من فلان الذى يتربع فوق مقعد أستاذ أساتذة النقد فى الجامعة الشهيرة، فهل سيتم عقابى لو قمت باستضافة الذى أراه أنا مؤهلًا وتجاهلت صاحب الدكتوراه؟
 
معظم مواد اللائحة تصطدم بشكل مباشر مع مواد دستورية حفظت للصحفيين حقوقهم، فهل ستكون لائحة سيادة المجلس فوق الدستور؟
 
لائحة المجلس العجيبة دفعت الكاتب الأستاذ ضياء رشوان نقيب الصحفيين، لأن يسرع بإصدار بيان قال فيه: إن  نقابة الصحفيين فى تشكيلها الجديد، نقيبًا ومجلسًا، سوف تناقش كل مواد هذه اللائحة فور الانتهاء من تشكيل هيئة مكتبها، فى ضوء تقرير الملاحظات الذى سبق لمجلس النقابة فى تشكيله السابق أن أقره فى جلسة 8 يناير 2019 وقام بإرساله للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
 
وشدد ضياء رشوان، على أن النقابة سوف تكوّن رأيها النهائى فى هذه اللائحة وفقًا لمواد الدستور، وخصوصًا المواد 70، و71، و72، و77، ولقانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، وما تضمنته جميعها من حقوق ثابتة ومستقرة للصحفيين وللنقابة دون غيرها فى مساءلة أعضائها عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى، موضحا أن النقابة سوف تسلك كل السُّبل القانونية للتأكيد على هذه الحقوق الدستورية والقانونية المقررة لها وامتناع أى جهة عن الافتئات عليها أو منازعتها فيها، فاتحة أبوابها لأى حوار جاد وبناء لتحقيق هذا.
 
بيان «رشوان» وبكل وضوح لا يعنى سوى بدء مواجهة مع المجلس الأعلى، والرجل مُحق فى موقفه الذى سيصل إلى حشد الصحفيين تحت مظلة نقابتهم للتصدى للائحة تجور على حقوقهم ومكاسبهم الدستورية.
 
العجيب أن صحفيين كثيرين قد صوّتوا لصالح «رشوان» بوصفه من رجال الدولة الذين يتمتعون بإدارة هادئة للخلافات والصراعات، فتأتى إحدى الهيئات الرسمية الخاضعة للدولة وتجبر الرجل على النِّزال.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق