زواج الشوارع في مواجهة ظاهرة «العنوسة في مصر»
الأحد، 24 مارس 2019 11:00 صسلمى إسماعيل
مسجد بالعجوزة يشارك فى حملات الأزواج بإعلانات فى الشوارع.. والإمام: ليس به حرمانية
بحثا عن شريكة الحياة المناسبة لهم، اجتمع عدد من الرجال المطلقين والأرامل فى مسجد «السبيل»، وذلك فى منطقة هادئة نسبيًا فى شارع محمد طلعت بمنطقة العجوزة، وتبين أن متوسط أعمارهم حوالى الخمسين عامًا، واتفقوا على رغبتهم فى الزواج مرة أخرى، وقرروا نشر إعلانات بعيدًا عن منطقة سكنهم، يطلبون فيها آنسات وسيدات للزواج.
نشر رجال مسجد السبيل الإعلانات على حوائط شارع الدقى بالقرب من محطة المترو، والتى تضمنت طلب آنسات وسيدات من 35 سنة وحتى 45 عامًا، الزواج من رجال فى السن من 47 سنة وحتى55 عامًا.
«صوت الأمة» تواصلت مع صاحب الإعلان، ويدعى «الشيخ أسامة.م»، باعتبارنا نبحث عن شريك الحياة، والذى طلب معرفة السن، ونبذة عن الشكل والطول والوزن، ودرجة الجمال، ومنطقة السكن والمؤهل، وسابقة الزواج، ومفهومه بالنسبة إلى الزوجة، وعمل الأب، ومؤهلات الإخوات، وموعد ارتداء الحجاب؟، ومتى بدأت الانتظام فى الصلاة؟، والرغبة فى العمل بعد الزواج أم لا؟
وبسؤاله عن أهمية تلك الأسئلة، قال إنها بيانات عامة عن الزوجة نطابقها ببيانات الزوج، خاصة أن سن الأزواج المتوافر لدينا يبدأ من 47 عامًا، وجميعهم سبق لهم الزواج، لكنهم انفصلوا عن أزواجهن، بسبب عدم التوافق، وهؤلاء الرجال يرغبون فى إعادة تكوين أسر من جديد.
وتابع أسامة: «إن هذا الإعلان تم الاتفاق عليه بعد صلاة العشاء فى المسجد، واخترنا شارع الدقى ليكون بعيدًا عن السكن، ولا يسبب حرجًا لرجال المنطقة، وفى حال التواصل مع شريكة الحياة والوصول لمرحلة القبول بين الطرفين، يتم التواصل مع العائلتين مباشرة، وذلك دون أى مقابل مادى، ولوجه الله ومساعدة للآنسات اللاتى لم يسبق لهن الزواج، وأيضا مساعدة أصدقائنا على الزواج مرة أخرى».
من جانبه استهل الشيخ «نبيل.ع»، إمام مسجد السبيل فى حديثه لـ «صوت الأمة»: «مسجد السبيل لم يقم بأى أنشطة اجتماعية من قبل، لكن هذه الإعلانات تطوعية من مجموعة شباب من أهالى المنطقة، وهدفها مساعدة الآخرين على الزواج».
وأكد الشيخ نبيل، أن الشيخ أسامة صاحب الفكرة، ويسكن بالقرب من المسجد، ومعتاد الصلاة هنا، ويسعى دائمًا لفعل الخير، لافتا إلى أن إعلان الزواج ليس به أى حرمانية، ولا يخالف شرع الله، ويتم على سنة الله ورسوله.
ولم تكن إعلانات الحوائط الوسيلة الوحيدة للزواج، وإنما انتشرت مؤخرًا تطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعى، «إعلانات الزواج»، أغلب مستخدميها من السيدات اللاتى يبلغن من العمر 30 عامًا فأكثر، والرجال من سن الأربعين وحتى الـ 55 عاما.
بهذه الكلمات حكت ميادة طارق، إحدى مستخدمات تطبيق «أخطب الإلكترونى»، لـ«صوت الأمة» تجربتها بقولها: «لجأت للزواج الإلكترونى، لأننى بلغت الثلاثين دون زواج أو خطوبة، وجميع العلاقات التى مررت بها كانت تقف عند حد العلاقة العاطفية، ولايرغب الشاب فى الاستمرار، بحجة أنه غير جاهز للزواج، لكن على التطبيقات الإلكترونية شريك الحياة لازم يكون جاهز ولديه شقة ومؤهل وسمعة طيبة».
وأضافت، أن زواج الصالونات أصبح مملا ومحرجا للطرفين، لأنه لم يسبق التعارف بينهما، لكن على التطبيقات الإلكترونية، يتكلم الطرفان معًا مثلما يحدث على موقع «الفيسبوك»، وإذا ارتاح الطرفان لبعضهما نبدأ فى المقابلات، ثم الخطوبة، وهكذا تمت خطبتى.
بدوره قال محمود خلف الله، مؤسس تطبيق «أخطب»: إن التفكير فى المشروع، بدأ عندما أردت البحث عن شريكة الحياة، ووجدت أن الموضوع به صعوبة كبيرة، لأننا تجاهلنا العلاقات الاجتماعية بين الناس بسبب الشغل، وبالتالى لم يعد هناك وقت للبحث عن شريك الحياة.
فيما أكد محمود لـ «صوت الأمة»، أن بدائل زواج الصالونات، كانت مجموعات التعارف الجاد على الـ «فيسبوك»، وتلك الطريقة لا تحافظ على الخصوصية ولا تضمن الجدية، خاصة من جانب الشباب، لذلك وضعنا شروط المحافظة على خصوصية وأمان المستخدمين.
وتابع: إن التسجيل فى التطبيقات الإلكترونية يتم بالرقم القومى، ورقم التليفون والمؤهل، وتتم مراجعة البيانات للتأكد من صحتها، إضافة إلى التأكد من كون الشخص «أعزب أو مطلق»، ولديه شقة تمليك أو إيجار، وهل الشخص مُدخِن أم لا، كما يتم سؤال كل من الطرفين عما إذا كان لديهما أطفال أم لا، مضيفًا أنه فى 2018 تم عقد 100 خطوبة، وتم زواج 5 أشخاص عن طريق هذا التطبيق الإلكترونى.
ووفقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2017، فإن عدد الإناث اللاتى لم يتزوجن فى الفئة العمرية من 35 عاما فأكثر، بلغت 472 ألف أنثى بنسبة 3.3 % من إجمالى عدد الإناث فى تلك الفئة العمرية، مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5 % من إجمالى أعداد الذكور فى نفس الفئة العمرية المشار إليها.
وبحسب بيانات جهاز الإحصاء حول ظاهرة «العنوسة فى مصر»، وصلت هذه النسبة بين الذكور فى الحضر إلى 6.8 %، مقابل 2.4 % بالريف، فيما بلغت نسبة «العنوسة» للإناث 4.2 % فى الحضر، مقابل 2.6 % بالريف.
فيما رأت الدكتورة ثريا عبدالجواد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أن الإعلانات عن الراغبين والراغبات فى الزواج نتيجة تعقيدات الحياة الاجتماعية، وتعقيدات طرق الحصول على شريك الحياة ومعرفته، مشيرة إلى أن الخطبة تطورت مع مرور الأيام، وظهرت بشكل الإعلانات على الحوائط، وتطبيقات الزواج الإلكترونية.
وقالت الدكتورة ثريا فى تصريحات لـ «صوت الأمة» إن التكنولوجيا باتت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا فى الحصول على الطعام والمواصلات والأدوية، والوصول إلى الأطباء والمعلمين على الإنترنت، وبالتالى الوصول إلى شريك الحياة، لافتة إلى أن الشخص الذى يبحث عن الزوجة على الإنترنت قد يتجاهل القبول والتفاهم، ويتعامل مع الزوجة على أنها سلعة تشبع رغباته، وذلك بحثًا عن الشكل الاجتماعى فقط.
وأضافت أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أن طرق التعارف على شريك الحياة تطورت بداية من الخطبة على مستوى العائلات ثم المناطق والانتقال إلى الإعلانات فى الصحف، مشيرة إلى أن الصحف القومية قد اعتادت على تخصيص صفحة للتعارف إلى أن وصلنا إلى الشكل الإلكترونى. وأكدت دكتور ثريا أن تأخر السن المعلن عنه من 35 فأكثر، يعتبر أحد مظاهر تعقد الحياة الاجتماعية على مرور الـعشر سنوات الماضية، والذى أدى إلى ارتفاع سن الزواج، إضافة إلى تطور المستوى الفكرى والثقافى للبنت والولد، وعدم رغبة كل منهما فى الزواج قبل الحصول على العمل والراتب، لافتة إلى أن الزواج عن طريق التطبيقات الإلكترونية غير مضمون استمراره.
فى سياق متصل قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، إن تجمع عدد من الرجال فوق الأربعين عامًا والإعلان عن رغبتهم فى الزواج، نتيجة لرغبتهم فى الاستقرار الأسرى المفقود منهم، بسبب الانفصال أو عدم الزواج نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة.
وأكدت سوسن فايد لـ «صوت الأمة»، صعوبة زواج المرأة بعد سن الثلاثين، لأن شخصيتها تكونت، وبالتالى من الصعب تغييرها لتتوافق مع شريك الحياة، لافتة إلى أن الشباب يبحثون عن البنت صغيرة السن، حتى يتدخلوا فى تشكيل شخصيتها وأفكاره.
وأوضحت، أن تكرار فشل العلاقات الزوجية أثر سلبًا على الشباب، وجعلهم لا يفكرون فى الزواج خوفًا من الفشل، مضيفة إلى أن تكرار حكى الأهالى عن صعوبة الحياة ومتاعبها لأبنائهم ربط الزواج بالتضحية والفشل.