عقوبة المزواج.. الجمع بين أكثر من 4 زوجات في ميزان الشرع والقانون

الإثنين، 18 مارس 2019 10:00 ص
عقوبة المزواج.. الجمع بين أكثر من 4 زوجات في ميزان الشرع والقانون
علاء رضوان

المكان: محكمة الأسرة بمدينة نصر

الزمان: صبيحة يوم 16 مارس 2019

الحدث: امرأة أربعينية يبدو عليها مظاهر الثراء، ويظهر على وجهها ملامح الحزن الممزوج باليأس إلى حد ما مثلها كغيرها من المواطنين ممن يتواجدون داخل المحاكم والمتقاضين، تقف أمام أحد قاعات المحكمة وهى تتمتم بكلمات غير مفهومة، متحدثة إلى نفسها بين أروقة وطرقات المحكمة وكأنها جُن جنونها، الأمر الذى بدوره لفت انتباه المتواجدين داخل قاعة المحكمة وكاد الفضول يدفعني لسؤالها عما حدث لها أو هل تحتاج لمساعدة داخل قاعات المحكمة من عدمه، إلا أننى إمتنعت عن الحديث بسبب إنشغالى بأحد القضايا.  

فى تلك الأثناء، اقتربت السيدة إلى أحد المحامين الجالسين بجوارى شيئاَ فشيئاَ، حينما أكد له أحد الحضور بأن هناك محامي متخصص فى مثل القضية التى تتسأل عنها وتشغل بالها، ومن هنا بدأت تسرد أزمتها والمحامى يعيرها كل إهتمام، وهنا كانت المفاجأة حينما اعترفت للمحامى بأن زوجها جمع بين أكثر من ٤ زوجات دون أن تدرى الطريق القانونى الذى يجب عليها أن تتخذه ضد زوجها الذى وصفه بـ«المجرم»؟ وهل هناك فى القانون ما تصدى لمثل هذه الوقائع؟ 

shutterstock_1122122963_843371_original

المحامي والناشط الحقوقي محمود البدوي رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان أن الشعب المصري، فضّل الإجابة على هذه الأسئلة بطريقته الخاصة من خلال تقرير لـ «صوت الأمة» من خلال تناول رأي اشرع في الجمع بين أكثر من زوجة، وهل يجوز لرجل مسلم أن يمع بين أكثر من 4 زوجات في عصمته في وقت واحد، وتجريم الجمع بين اكثر من 4 زوجات في وقت واحد باستخدام مستندات مزورة، فضلاَ عن عقوبة التزوير فى القانون المصرى.  

أولاً: رأي اشرع في الجمع بين أكثر من زوجة، وهل يجوز لرجل مسلم أن يمع بين أكثر من 4 زوجات في عصمته في وقت واحد : 

لا يحل لمن لم يعرف اللسان العربي الذي نزل القرآن به، ولا يعرف السنة النبوية، ولا مواضع إجماع العلماء، لا يحل لمن هذا شأنه أن يتكلم في تفسير القرآن الكريم، ولا أن يستدل به على الأحكام، فإنه، إن فعل ذلك: سوف يضل ضلالا مبينا، وهذا السؤال مثال لذلك، فإن هذا الشخص خالف القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع العلماء. 

images

وبيان ذلك: قال الله تعالى : «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا» النساء/3، وهذه الآية الكريمة دلت على أن أكثر ما يتزوجه الرجل من النساء: أربع، وهو ما فهمه العلماء منها، وذلك من عدة وجوه :

1- أن الآية لم تذكر أكثر من أربع، فيدل ذلك على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد، كما لو قيل: قسِّم هذه الدراهم بين هؤلاء الرجال درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، لم يكن له أن يعطي أحدا أكثر من أربعة.

2- لو كانت الآية تدل على عدم الحصر بعدد معين، لكان ذكر العدد في في الآية لغو لا فائدة منه، لأن العموم مستفاد من قوله: «ما طاب لكم من النساء».

3- أن الآية سيقت في معرض الإمتنان على الرجال بما أحل الله لهم، فلو جاز للرجل أن يتزوج أكثر من أربع، لكان ذكره في الآية أولى، لأنه كلما كثرت النعم والمباحات، كانت المنة أتم.

قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى:

«مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» فظاهر هذا التخصيص: تقسيم المنكوحات إلى: أن لنا أن نتزوج اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، ولا يجوز لنا أن نتزوج خمسة خمسة، ولا ما بعد ذلك من الأعداد، وذلك كما تقول: اقسم الدراهم بين الزيدين، درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، فمعنى ذلك: أن تقع القسمة على هذا التفصيل دون غيره، فلا يجوز لنا أن نعطي أحدا من المقسوم عليهم خمسة خمسة «انتهى من  البحر المحيط»  «3 / 171». 

1418722

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى : «المقام مقام امتنان وإباحة، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره» انتهى من «تفسير ابن كثير»  «2 / 209».

وأما السنة النبوية فقد أكدت هذا الحكم وبينت أن الآية تدل على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد: روى الترمذي «1128»، وابن ماجه «1953» عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ».

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : «وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع طريقيه عن سالم عن ابن عمر، وقد صححه ابن حبان والحاكم والبيهقى وابن القطان، لاسيما وفى معناه أحاديث أخرى» انتهى من «ارواء الغليل» «6 / 294».

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: «فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لسوغ له رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرهن في بقاء العشرة وقد أسلمن معه، فلما أمره بإمساك أربع وفراق سائرهن دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال، وإذا كان هذا في الدوام، ففي الاستئناف بطريق الأولى والأحرى، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. من تفسير ابن كثير (2 / 211)

65516

- وأما الإجماع، فقد نقله عدد من أهل العلم، على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى: «واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات، لا يحل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم» انتهى من «مراتب الإجماع» (ص 115).

وقال البغوي رحمه الله تعالى : «وهذا إجماع : أن أحدا من الأمة لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة، وكانت الزيادة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها» انتهى من تفسير البغوي (2 / 161).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وهو يذكر مفاسد القول بجواز التحليل: «ومنها: أنه يجمع ماءه في أكثر من أربع نسوة، بل أكثر من عشر، وهو ما أجمع الصحابة على تحريمه انتهى من  الفتاوى الكبرى» (6 / 264). 

unnamed

ثانيا : أما الاستدلال بزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع، فهو استدلال باطل.

لأن السنة وإجماع الأمة، قد بينا أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما مرّ بيان ذلك، والله تعالى يقول: «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا » النساء /115.

ثالثا: أما قول الله تعالى: «الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» فاطر /1.

فهذه الآية لا يصح الاعتراض بها على الاستدلال السابق، لأن الآية نفسها قد جاء فيها ما يشير إلى أنه يوجد من الملائكة من له أجنحة أكثر من هذا العدد، وذلك في قوله تعالى: «يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ».

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى :

«وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونقصانه عن الآخر ما أحب، وكذلك ذلك في جميع خلقه، يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خلق ما شاء ، له الخلق والأمر، وله القدرة والسلطان». انتهى من «تفسير الطبري» (19 / 327).

كما بيّنت السنة النبوية أن من الملائكة من له أجنحة أكثر من أربع، كذلك بيّنت أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات. يجب علينا الرجوع إلى السنة في فهم القرآن في جميع الأحوال ولا نتخيّر ونتبع الهوى. 

mixmedia-04172056Sw4A4

رابعا : أما حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ ) رواه البخاري (81)، ومسلم (2671): فليس فيه دلالة على جواز الجمع بين أكثر من أربع زوجات، للآتي:

1-الحديث في مقام الإخبار عن فتن آخر الزمان، وليس في مقام بيان المباحات ، فالحديث فيه ( وَيَظْهَرَ الزِّنَا ) فهل يستدل به عاقل على إباحة الزنا ؟!

2- لفظة «القيّم» لا تطلق على الزوج فقط؛ بل على كل من يقوم على شؤون المرأة وقضاء مصالحها، فالرجل يجتمع عنده من البنات وبناتهن ومحارمه: ما يصل إلى الخمسين نفسا.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وقال القرطبي في التذكرة: يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهن، سواء كن موطوءات أم لا.

ويحتمل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول الله الله، فيتزوج الواحد بغير عدد جهلا بالحكم الشرعي.

قلت: وقد وجد ذلك من بعض أمراء التركمان وغيرهم من أهل هذا الزمان، مع دعواه الإسلام. والله المستعان «انتهى من فتح الباري» (1 / 179). 

sdfdsfdsf

ثانيا: تجريم الجمع بين أكثر من 4 زوجات في وقت واحد باستخدام مستندات مزورة

وفقاً لما سبق بيانه من دلائل شرعية تستند الى نصوص قرآنيه واحاديث نبوية فلا يجوز لرجل مسلم أن يجمع في عصمته أكثر من اربع زوجات في وقت واحد، ومن ثم فإن من يخالف ذلك باستخدام بيان زوجية مزور أو يستعين في سبيل تحقيق مبتغاه بثنة مستندات رسمية مزورة، كمن يقدم إشهاد زواج مزور، أو قيد عائلي مزور، أو ما شابه من المستندات التي تساعد في ادخال الغش والوهم على الموثق وعلى من يريد الزواج بها، فيما يخص حالته الزوجية وإمكانية زواجه بزوجة جديدة فإننا هنا سنكون بصدد جريمة اصطناع واستعمال محرر رسمي مزور.

تعريف التزوير: التــزويـر هو تغير للحقيقة بقصد الغــش فى محرر ‏بأحدي الطـرق المبينة فى القانون تغييرا من شأنه ان ‏يسبب ضرر للغير.

‏‎أركان جريمة التزوير:

‏1-‏ ركن مادى: وهو تغير الحقيقة فى محرر رسمي من موظف عام ‏اثناء تأديته وظيفته بأحدي الطرق الواردة فى القانون تغير يحدث ‏ضرر بالغير . «تغير حقيقه – ضرر»

‏2-ركن معنوي: وهو يتوافر بانصراف نيه الجاني إلى ذلك التغير و ‏إلى استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من اجله  «القصد الجنائي»

المادة 211 عقوبات: كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب فى أثناء تأدية وظيفته ‏تزويرا فى أحكام صادره أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو ‏سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات و الأوراق الأميرية ‏سواء كان ذلك بوضع امضاءات أو أختام مزوره أو بتغير ‏المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو ‏بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة يعاقب بالسجن ‏المشدد او بالسجن.‏

المادة  212 عقوبات: كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية إرتكب تزويرا ‏مما هو مبين فى المادة السابقة يعاقب بالسجن المشدد أو ‏بالسجن مده أكثرها عشرة سنين.‏ 

قضية-التآمر-على-أمن-الدولة

المادة 213 عقوبات: يعاقب أيضا بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف مصلحة ‏عمومية أو محكمه غير بقصد التزوير موضوع السندات أو ‏احولها فى حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك ‏بتغير اقرار أولى الشأن الذى كان الغرض من تحرير تلك ‏السندات إدراجه بها أو بجعله واقعه مزوره فى صوره واقعه ‏صحيحه مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها ‏فى صورة واقعة معترف بها.‏

عقوبة التزوير في قانون العقوبات المصري:

مادة 215: كل شخص ارتكب تزوير في محررات احد الناس بواسطة احدى الطرق السابق بيانها او استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب بالحبس مع الشغل. 

معلومات-هامة-عن-جريمة-التزوير-في-المملكة-العربية-السعودية

مادة 227: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد اثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج اقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها اوراقا كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الاقوال أو الأوراق.

ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل شخص خولة القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة