مهارات التواصل السياسي
الأربعاء، 13 مارس 2019 01:05 م
من القواعد الأساسية لأي علاقة إنسانية أن يكون هناك قنوات تواصل بين الطرفين، ولاسيما أن كانت تلك العلاقة بين نظام ما وشعب، بين دولة وأبنائها، بين إدارة ورئيس ومرؤوس.
أمّا أن تكون تلك العلاقة علاقة عجوز، شاخت وتيبست ملامحها ولم تعد قائمة من الأساس وهنا يتحطم أهم ملمح من ملامح الدولة وهو الرباط المقدس بين الشعب والقيادة، أمّا أن تكون علاقة كاذبة خطابها متٌخم ببعض من التعبيرات البلاغية والخطابات المطولة المكتوبة ؛ فالخطاب الطويل ما هو إلا علامة من علامات ضعف القائد الذي يحاول باستماتة تبرير كذبه بكل المرادفات المتاحة كما كنّا نستمع دومًا لخطابات المعزول التي تتجاوز الساعتين.
أمّا أن تكون علاقة حقيقية وقائمة وبالتبعية مهنية، ومن هنا تستطيع من خلال تلك العلاقة القائمة أن تعلن الدولة عن حقيقة وشكل إدارتها وفى ذات الوقت توطد أواصر العلاقات السوية بين الدولة والشعب وتحقق التسويق السياسي المرجو لانجازات الدولة وتدحض آمال العدو في تحطيم ممتلكات الدولة - ليست المادية- بل ممتلكات الدولة المتمثلة في مواردها البشرية.
واليوم نستطيع أن نجد اختلافات كثيرة في شكل العلاقة بين الإدارة والشعب، أولها هي أنها قائمة بالفعل، ليست صورية ولا زائفة، ففي عقود سابقة كان المسئول يطل على الشعب في مناسبات معدودة وبكلمات معتادة، ولكن اليوم نجد كلمات الرئيس الموجهة للشعب دائمًا ما تتخلل الخطابات والمناسبات والمؤتمرات والندوات مما يجعل السمة الأولى لمهارات التواصل تتحقق وهى مخاطبة المواطن لا المؤسسة ؛ وهو اللبنة المكونة للمجتمع.
الأسلوب البسيط ومحاولة تبسيط أمور إدارة دولة بكلمات سلسة هو السمة الثانية لتلك المهارات في علم التواصل محولا المعضلات السياسية في عقل المواطن البسيط إلى مجموعة من الإحداث المترابطة يبعضها البعض وتفنيد الأسباب والنتائج المنطقية محققًا التسويق السياسي للانجازات الحكومية التي قد تبدو لاشئ في عين المواطن عندما يفتقر إلى الوعي والإدراك اللازم لفهم الفائدة العائدة عليه منها.
السمة الثالثة والتي تعطي بُعد المصداقية والشفافية في خطاب الإدارة السياسية هي التصريحات التي تأتى على لسان رأس الدولة عن المشاكل والتحديات التي يشعر بها المواطن ويواجهها مما يشُعر المواطن أن الدولة تتلمس وتستشعر مشاكل الشارع جيدًا بل وأيضًا حديث الشارع.
ومن حديث الشارع تتشكل السمة الرابعة من ملامح خطاب القيادة وهى نحر آمال الأعداء في النيل من الوطن والرد على الشائعات التي قد تزعج المواطن وليس كل الشائعات التي يبثها العدو في المجتمع، فهناك شائعة لابد من فضح زيفها على الفور وهناك شائعة آخري ليس من الضروري إعطائها أي قدر من الاهتمام أو الكلمات، ولاتقتصر تلك المهارة على الرد على الشائعات فقط ولكن من خلال تلك الكلمات البسيطة وعرض كل الزوايا ووجهات النظر المختلفة وتوزيع الأدوار؛ واجبات الدولة وواجبات الفرد ، ينمو إدراك المواطن ليصل بمفرده إلى وجهة نظر سوية وإدراك عقلي يملؤه مفهوم الدولة والحقوق والواجبات والتحديات المختلفة.