رامى مالك.. وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي
الإثنين، 25 فبراير 2019 01:00 م
«أنا ابن لمهاجر من مصر، أنا أمريكي من الجيل الأول ويتم الآن كتابة قصتي، ولا يمكننى أن أكون أكثر امتنانا لكل واحد منكم ولكل من يؤمن بى فى هذه اللحظة، إنه شيء سأثمنه لبقية حياتي».. كلمات لا تخلو من الإعتزاز والفخر والإنتماء، تحدث بها تحدث النجم الهوليودي المصري رامي مالك بعد تتويجه بجائزة أوسكار لأفضل ممثل عن دوره فى فيلم الدراما والسيرة الذاتية Bohemian Rhapsod، لتصبح قصيدة حافظ أبراهيم، التى غنتها أم كلثوم "وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبن قواعد المجد وحدي" هى خير ما قد يوصف به هذا الفنان الأسطورى، وكلماتها هى خير شاهد على بزوغ نجمه ونجاحاته المتتاليه، التى أحدثت ضجة عالمية، جعلته حديث الساعة شرقاً وغرباً، وذلك بعد فترة ليست ببعيدة من فوزه بجائزة جولدن جلوب وبجائزة رابطة ممثلى السينما البريطانية، عن دوره فى الفيلم ذاته
النجم المصرى برغم تنوع أدواره جذريا واختلاف أعماله الملحوظ، كتب فصلاً جديداً فى قصص نجاح المصريين فى الخارج، التى تفتح باب الأمل وترسم نموذجاً لمستقبل يأتى بالجهد والعرق، وتعزز من دوافع كل مصري، لسلك سبل الارتقاء فى هذا العالم الذى مهدت مصر لحضارته منذ الأزل، فى رحلة نجاح جديدة بدأها شاب مصرى من مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا حقق نجاحا فنيا باهراً مكنه من تقلد أعلى وأرفع الجوائز الفنية العالمية، مذكراً بما حققه الفنان عمر الشريف فى عاصمة السينما العالمية، وكان آخرها الأوسكار، وقبلها جائزة الجولدن جلوب والإيمي.
«مالك» الذى لا زال على درب الكبار يواصل توهجه المستمر، تمكن بجدارة من حصد جائزة الأوسكار لأفضل ممثل فى فيلم درامى بعام، وذلك عن براعته فى تجسيد شخصية فريدى ميركورى مغنى الروك الأشهر تاريخيًا فى فيلم Bohemian Rhapsody الذى اكتسح إيرادات فى شباك إيرادات السينما الأمريكية خلال فترة عرضه بالعام المنصرم، وتخطى حاجز الـ400 مليون دولار خلال أسابيع عرضه الأولى.
إشادات بالغة حاز عليها من قبل النقاد والسينمائيين العالميين، الذين أبدوا انبهارًا بالأداء غير العادى الذى قدمه النجم الشاب، وأجمع كل من شاهد الفيلم، على أن مالك هو «العمل نفسه»، حيث كرس قدراته تماما لتجسيد شخصية المغنى الأمريكى غريب الأطوار إلى حد التقمص، ما يجعلك تشعر أنه عاد للحياة مرة أخرى، أشاد عازف الجيتار، براين ماى، أحد أعضاء فريق "كوين"، بالنجم ذى الأصول المصرية على تجسيده شخصية فريدى ميركورى، قائلاً: «إنه مذهل، من دون شك سيحجز له مقعدًا بحفل توزيع جوائز الأوسكار، غاص فى حياة فريدى حتى أننا تخيلناه فريدى ميركورى الحقيقى فى بعض الأوقات، إنه مذهل حقًا»
رامى تحدث عن الجهد الكبير الذى بذله فى الفيلم الذى يروى قصة صعود فرقة «كوين» الإنجليزية، ورحلة «ميركوري» بداية من تشكيل فرقة مع بريان ماى وروجر تايلور عام 1970 وحتى تأديتهم لأغنية «فيرست آيد» الشهيرة عام 1985 قبل 6 سنوات من وفاة ميركورى عن 45 عاماً بسبب مضاعفات جراء إصابته بالإيدز، حيث لزم على «مالك» لتجسيد دور أيقونة الروك فريدى مركورى، الذهاب إلى لندن لفترة حبث تلقى خلالها «دروسا فى الغناء والعزف على البيانو والتدريب الصوتى، لأن صوت فريدى مركورى كان فريدا».
وتحدث الشاب الذى تعرّف إليه الجمهور فى مسلسل «مستر روبوت»، الذى نال بفضله جائزة «إيمي» فى 2016: «لقد ظننت لبعض الوقت أنى لست فى حاجة لمصمّم رقص لأن ما كان يفعله فريدى كان مرتجلاً»، لكن كان لا بد من الاستعانة بخبير فى الحركة. وتابع: «يمكنكم أن تتصوروا كم كانت المهمة صعبة، منذ أن يعرف المرء أن عليه أن يؤدى دور فريدى مركوري»، وقد عمل رامى على التمعن بالطريقة التى كان يتكلّم بها مركورى، وكيف كان يتحرّك ويتصرّف، من خلال المقابلات المصوّرة له، ولكن ليس بهدف تقليده تماما، وأوضح: «كنت أعى أنه لا ينبغى على تقليده تماما، فهناك فريدى مركورى واحد، لكن كنت أريد أن أفهم هذه الحركات لأنها تدلّ على ما فى الداخل».
وبالنسبة إلى كواليس مغادرة عائلة رامى مالك من مصر، فقد بدأت فى العام 1978، حيث كشف فى حوار صحفى عن قرار والده الذى كان يعمل مرشدًا سياحيًا بالسفر إلى أمريكا، قائلا: “كان والدى يعمل كمرشد سياحى وكان يستقبل الزوار من الخارج، ومن خلال رؤيته لهذا العالم فتن به جدًا، واقترح أن يسافر إلى أمريكا". وأشار إلى أن والدته لم تكن حريصة على السفر وترك القاهرة، مؤكدًا أنها رفضت فى بداية الأمر لأن لها عائلة وأصدقاء وكان من الصعب التخلى عن ذلك من أجل السفر لمدينة لوس أنجلوس.
وأضاف مالك: «وافقت والدتى فى النهاية، وفتح أمامنا السفر بابًا نحو الازدهار، حيث يعمل أخى التوأم كمدرس والأخت طبيبة»، ودرس مالك الذى ولد فى 12 مايو عام 1981 بمدرسة نوتردام الثانوية وتخرج فى عام 1999، وقد حصل على شهادة فى الفنون الجميلة عام 2003 من جامعة ايفانزفايل فى ولاية إنديانا. ثم عاد إلى لوس أنجلوس وقضى هناك بعض الوقت، ويعمل فى عدة مهن قبل احترافه المثيل، منها أعمال توصيل طلبات المطاعم إلى المنازل،
خطواته الأولى بعالم الفن بدأت فى عام 2004، وحصل على أول دور له فى المسلسل التلفزيونى جلامور جيرلز، وفى عام 2006 قام مالك بدور الملك الفرعونى أخمن رع بالفيلم الكوميدى ليلة فى المتحف وأدى الدور مرتين فى سلسلة هذا الفيلم، الذى قدمه للمصريين، ثم شارك رامى مالك فى عام 2010 بدور مصاص دماء مصرى يدعى بنجامين فى الفيلم الشهير توايليت.
وفى عام 2015 حصل رامى مالك على دور القرصان الإلكترونى إليوت ألدرسون فى المسلسل التلفزيونى مستر روبوت، وتدور أحداثه حول مبرمج يدعى إيليوت الذى يعانى من اضطراب فى السلوك يجعله يظن أن السبيل الوحيد الذى سيمكنه من التواصل مع الناس هو قرصنتهم بشكل دائم، فيستعمل قدراته ومهاراته كوسيلة لحماية الأشخاص الذين يهتم بهم، لكنه سيجد نفسه فى تقاطع طرق بين شركة الحماية الإلكترونية التى يعمل بها، والمؤسسات الخفية التى تسعى للإطاحة بالشركات الأمريكية.
أدائه الفريد والمتميز مكنه من الحصول على ترشيحات لجائزة دوريان، جائزة ساتالايت، جائزة جولدن جلوب، جائزة سكرين جيلد، فضلًا عن ربحه جائزة اختيار النقاد لأفضل ممثل فى سلسلة الدراما وجائزة إيمى عن فئة أفضل ممثل متميز فى سلسلة درامية، وخلال عام 2016، قدم مالك فيلم Buster's Mal Heart، وهو الأول الذى يلعب فيه دور البطولة، عرض لأول مرة فى مهرجان تورونتو السينمائى الدولى وحصل على أراء إيجابية، حيث يلعب مالك شخصيتين هما جوناه وباستر، وفى نهاية العام ذاته، أعلن أن مالك أنه سيشارك مع شارلى هنام فى إعادة إحياء نسخة معاصرة من فيلم Papillon.
ثم جاء بعد ذلك فيلم «بوهيمان ريبسبودى»، الذى توج على إثره بالأوسكار، وإلى جانب ذلك يشارك رامى ضمن أبطال النسخة الجديدة من فيلم The Voyage of Doctor Dolittle، الذى يقوم ببطولته النجم العالمى روبرت داونى جونير، والمقرر طرحه خلال العام الجارى، وليس ببعيد أن يتكرر مشهد منح جائزة الأوسكار مرة أخرى إلى رامى مالك الذى نجح فى جذب الجميع إليه وكسب احترام العالم، وكان مثالا للمصرى الأصيل صاحب التحدى الإرادة منقطعة النظير.