«9 سنوات محبوس مع المواشي».. حكاية قابيل وهابيل أسيوط (صور)
الإثنين، 25 فبراير 2019 04:00 ص
لم تمر سوى بضعة أيام على واقعة احتجاز أم لابنها لمدة 10 أعوام كاملة داخل منزل مهجور بإحدى القرى التابعة لمركز قطورة بمحافظة الغربية، وماتلاها من ردود أفعال واسعة، وحالة من الاستياء والجدل لما قدمت عليه الأم تجاه ابنها، وتسبب في تدميره نفسيا وصحيا، حتى خرج علينا مقدع فيديو يوثق استمرار الحرب الأزلية بين بني آدم، «قابيل وهابيل» المجسدين لمعركة الخير والشر.
في قرية «بني شقير»، التابعة لمركز منفلوط، في محافظة أسيوط، واحدة من أشهر محافظات الصعيد المصري، كانت تفاصيل الحكاية، والتي بدأت بمقطع فيديو يظهر فيه رجل مسن مقيد اليدين والقدمين بالسلاسل، ملقى على الأرض بداخل غرفة أشبه بحظيرة المواشي، يعانى إعياءا شديدا، ليكون هو طوق النجاة له.
محمد علي سعيد، قضى 9 أعوام كاملة محبوسا خلف جدران حجرة غير أدمية داخل منزل شقيقه «خ. علي. سعيد»، والذي قرر أن يتخلص منه بتلك الطريقة بعدما توجه إليه مطالبا بحقه في الميراث عقب وفاة والده، ليرد عليه الأخير «أنت مالكش عندي حاجة»، حسبما أوضح المجني عليه، وذلك قبل أن يقيده، ويكبل يديه وقدميه، ويلقيه داخل تلك الحجرة، ومنع اخواته من زيارته أو مساعدته.
ويقول «محمد»، إنه كان يتم وضع بواقي الطعام من منزل أخيه من أسفل باب الغرفة، وتمر علي الأيام والليالي دون طعام أو شراب، ولا يستجيب أحد لاستغاثاته وحاجته للطعام، مطالبا الأجهزة الأمنية بأخذ التعهد من أشقائه بعدم التعرض له خشية معاودة شقيقه بحبسه مره أخرى.
«أم محمود»، شقيقة المجني عليه، تمكنت من التسلل إلى مكان تلك الغرفة، وتصوير مقطع فيديو لأخيها، وإرساله إلى الأجهزة الأمنية، لإنقاذه من تلك الحياة التي فرضها عليه شقيقه، ونجدته من سنوات العجاف، التى قضها مقيد اليدين والقدمين بالسلاسل، نتيجة خلافات عائلية على الميراث.
وتوضح «أم محمود» أن قصة شقيقها تعود لأكثر من 18 عاما، حيث كانت حياته طبيعية كغيره من الشباب بقرية بنى شقير، وبعد وفاة والده وانتهائه من تأدية الخدمة الوطنية «التجنيد» تحدث مع شقيقه الأكبر، وطلب منه أن يعطيه حقه فى ميراث والده، حيث كان مقبلا على الزواج من إحدى بنات أعمامه ولكن إخوته رفضوا أن يعطوه الميراث، وأن يزوجوه بحجة أنه معتوه ومجنون، ولكن الحقيقة أنهم كان لا يرغبون فى إعطائه حقه من الميراث.
وأكدت أن حالة شقيقها الصحية والنفسية كانت جيدة جدا، حتى أنه فى أحد المرات تم وضعه فى مستشفى الخانكة، وأكد الطبيب المعالج له أن نسبة العقل وذكاؤه لديه طبيعية وجيدة؛ ولكن إخوته قاموا باحتجازه وتقيد يديه وأرجله بالسلاسل ووضعه داخل حجرة بمنزل شقيقى الأكبر «خ»، وكان يضعون له العيش وبواقى الطعام.
وتابعت: «لجأت بعدها إلى إرسال عدة شكاوى واستغاثات لوزارة الداخلية، ومحافظ أسيوط، حتى تم الاستجابة للشكوى بعدها حضرت لجنة من رئيس مجلس مدينة منفلوط، والنيابة ومركز الشرطة ووجدوا شقيقى ملقاه على الأرض ومقيد اليدين والأرجل».
واستجاب اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط، لاستغاثة المواطن محمد على سعيد المقيم بقرية بنى شقير التابعة لمركز منفلوط، والذى ظل لمدة 9 سنوات مريضاً داخل منزله ولا يستطيع الذهاب إلى المستشفى لخلافات عائلية مع أفراد أسرته – على حد قوله، بعدما تلقى استغاثة من أحد أقاربه، تفيد وجوده لمدة 9 سنوات داخل منزل بالقرية، وفى حالة مرضية سيئة، ولا يستطيع الذهاب إلى المستشفى.
وقال محافظ أسيوط، فى تصريحات صحفية، أنه فور تلقيه الاستغاثة، أصدر تعليماته بتوجيه رئيس مركز منفلوط، عبد الرؤوف النمر، وفريق من مديرية الصحة، لزيارة المدعو محمد على سعيد بمنزله للاطمئنان على حالته الصحية والتأكد من صحة الاستغاثة.
وعلى الفور تم تشكيل لجنة مكونة من عبد الرؤوف محمد أحمد النمر، رئيس مركز ومدينة منفلوط، واللجنة الطبية المكونة من كل من: الدكتور إسلام كرم، مدير مستشفى منفلوط المركزى، والدكتور محمد عبد الرحيم عبد الهادى، أخصائى العصبية والنفسية، والدكتور لطيف لطفى دبس، أخصائى جراحة عامة، وتم الانتقال إلى منزل المذكور، وبالكشف الطبى عليه تبين إصابته بتجمع دموى فى فروة الرأس، وجرح بالرأس بالجانب الأيمن وتيبس شديد فى مفاصل والأطراف السفلية، وتورم بالمفاصل والقدمين وقصور بشرايين الساقين والقدمين واشتباه غرغرينا بالقدمين وكسر ويحتاج إلى عمل أشعة على الشرايين القدمين والساقين والمفاصل وضعف عام بالجسم ونقص بالوزن.
وقررت اللجنة بعد توقيع الكشف الطبى على المذكور أنه بحاجة إلى نقله لمستشفى الايمان العام لاستكمال الفحوصات ولتلقى العلاج اللازم، وعلى الفور تم إرسال سيارة إسعاف مجهزة لنقل المذكور إلى المستشفى لاستكمال الفحوصات، وتلقى العلاج اللازم واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
وأصدر محافظ أسيوط تعليماته بتقديم كافة الدعم والرعاية الصحية للمواطن محمد على سعيد، صاحب الاستغاثة، ومتابعة حالته الصحية حتى تعافيه وخروجه من المستشفى.