خدوا المناصب والمكاسب لكن خلولي وطني.. تكلفة أجندة «خراب» الربيع العربي
السبت، 23 فبراير 2019 04:00 م
يقولون إن الأوطان هي العيش في أمان دون خوف، حتى وإن كنت فقيرا أو مهموما أو مريضا، فالحالة الاقتصادية للشعوب وإن كانت متدنية إلا أنها تهون أمام التشرد والتهجير جبرا، هربا من دانات المدافع ورصاصات الغدر وغارات الطائرات، فلا قيمة لوطن ضاع فيه الأمن والأمان بسبب الأجندات الأجنبية التي حملتها شخصيات ادعت الوطنية وتحدثت باسم شعوبها، تنفيذا لمخططات دولية سميت منذ عام 2011 باسم ثورات الربيع العربي، وهي لا كانت ثورات ولا ربيع ولا حتى عربي، لاسيما وقد تهدمت كل البلدان العربية التي نُفذت على أرضها الأجندات الأجنبية التي خططت لاستنذاف كل مقدرات وثروات الوطن العربي، بزعم الثورة على الحكام العرب الذين استعمورا الحكم، فكان لهم ما خططوا إليه ولم يدفع فاتورة الخراب والدمار إلا الشعوب التي خُدعت باسم الثورة التي أضاعت مستقبل الشباب وشردت الأسر وقتلت الأطفال ورملت النساء.
بعد 7 سنوات تكلفة إعمار سوريا 400 مليار دولار
ذكرت أخر الإحصائيات الدولية، أن تكلفة الدمار الذي لحق بسوريا بلغت 400 مليار دولار، جراء الثورة المزعومة التي اندلعت في مارس 2011 والتي سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية مسلحة من الدرجة الأولى، بين حكومة حزب البعث بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد وبين مختلف القوى الداخلية والإقليمية والدولية المعارضة للحكومة السورية، بزعم الاستياء من حكومة الأسد وحلفائه «روسيا والصين وإيران وحزب الله»، حتى تصاعدت إلى نزاع مسلح، خاضته أطراف متعددة أنتجتها الجماعات المسلحة المعارضة السورية، بدأ بالفصائل المنشقة عن القوات المسلحة السورية تحت أسم الجيش السوري الحر، وقوات سوريا الديمقراطية التي تضم أغلبية كردية، ثم جماعات سلفية جهادية بما فيها جبهة النصرة داعش الإرهابي، مع تورط تركيا وقطر من خلال المشاركة مباشرة، أو تقديم الدعم اللوجستي إلى الفصائل المسلحة.
الحرب فى سوريا
منذ اندلاع الحرب السورية، قُتل مئات الألف من المدنيين، قُدرت أعداهم حتى الأن بحوالي 500 الف شخص، من بينهم أطفال ونساء، كما أجبرت الحرب الدامية أكثر من نصف السوريين البالغ عددهم نحو 21 مليون نسمة إلى النزوح أو الهجرة، مما شكل أزمة دولية حيث أعتبرت الأكبر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من هدوء المعارك واستعادة النظام السوري لمناطق واسعة في سوريا من سيطرة الفصائل المسلحة، فإن جهود الإعمار لاتبدو بالمهمة السهلة، نظرا لعقبات داخلية وخارجية كثيرة في خريطة النزاع المستمر.
اندلعت أولى شرارات نيران ما سمي بثورات الربيع العربي، داخل الأراضي الليبية، في فبراير 2011، بحجة الإطاحة بالرئيس الراحل العقيد معمر القزافي، للقضاء على الديكتاتورية ونشر الديموقراطية، سرعان ما تحولت إلى نزاعات مسلحة وحرب أهلية والنزاعات الداخلية وسيطرة تنظيم داعش على عدد من المناطق هناك، وبحسب ما ذكرته دراسة أجراها معهد الأبحاث السوويسري (css)، كشفت عن تكاليف تلك الحرب الأهلية وتأثيرها البالغ من الناحية الاقتصادية على الدولة والمواطنين الليبيين، إذ أوضحت أن النزاع المسلح دائر هناك أثر بشكل مدمر على سكان ليبيا، كما وفر بيئة خصبة للمخططات التخريبية التي تضمنتها الأجندات الأجنبية التي استهدفت تخريب اقتصاد دولا بعينها مقابل إزدهار اقتصاداتها.
بينت الدراسة، انتشار الجماعات والفصائل المسلحة في أعقاب إسقاط نظام العقيد القذافي، صاحبه عجز كامل في قدرات الدولة على خلق بيئة جيدة لمستثمرين جدد من أصحاب المشاريع لتوسيع دائرة إيرادات الدخل للمواطنين، تسببت فيها النزاعات المسلحة بين الليبين، في مقابل تحقيق آخرون عائدات مالية ضخمة بسبب قدرتهم على التعامل مع الأوضاع المتردية في الكثير من الحالات، لاسيما وقد رسخوا عوامل النزاع والفتنة وتعطيل جهود الوساطة لاستمرار الصراع من أجل مكاسبهم، وهم من يطلق عليهم مسمى «أغنياء حرب».
الحرب فى ليبيا
وقدرت الدراسة حجم تكلفة الحرب في ليبيا إذ بلغ ما يقرب من 35 مليار دولار، في ظل غياب الدولة وظهور أسواق قوية تقوم فيها الجماعات المسلحة باستخدام ألياتها للسيطرة على الأراضي والبنية التحتية الاقتصادية، حيث تفيد التقارير أن الحصار في الهلال النفطي من مايو 2013 كلف خزائن الدولة ما يقرب من 100 مليار دولار، كما أن سيطرة تنظيم داعش علي بعض الحقول النفطية في ليبيا زادت من قوتهم، ومكنتهم من زيادة حجم شرائهم للأسلحة من تركيا بدعم قطري ضخم، حيث تخصص داعش 3 ملايين دولار يوميا من عائدات تهريب النفط، للتوزع على أتباعهم وقياداتهم.
لم تختلف الأوضاع كثيرا في اليمن، عن مثيلاتها السورية والليبية، إذ نشبت الحرب الأهلية اليمنية في أوائل عام 2014، أسفرت عن مقتل نحو 10 آلاف شخص، بينما تهدّد المجاعة ما يقرب من 14 مليونا يمني، ما دعا الأمم المتحدة لإطلاق «تحذيرا شديد اللهجة» في آخر تقرير لها، بسبب اقتراب اليمن من كارثة كبرى، وأكدت على أن المساعدات التي يحتاج إليها البلد الغارق في نزاعها المسلح ستكون أكبر بكثير خلال عام 2019 في ظل الأوضاع المتدهورة هناك.
المجاعة فى اليمن