كل ما تريد معرفته عن ضوابط تفتيش المنازل في الدستور والقانون
السبت، 23 فبراير 2019 09:00 ص
أرست محكمة النقض مبدأ قانونيا جديداَ منذ عدة أيام، بشأن إجراءات تفتيش المسكن فى غير حالات التلبس، فى جرائم نشر الأفكار المحرضة ضد نظام الحكم، والمؤثمة فى قانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015، فأقرت بصحة التفتيش دون الحصول على إذن من النيابة العامة، إذا ثبت ما يفيد رضاء صاحب المسكن وموافقته على إجراء التفتيشن، فى الطعن المُقيد برقم 9680 لسنة 86 القضائية.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد ضوابط تفتيش المنازل في الدستور والقانون من حيث مدلول المسكن سواء المعد للسكن وملحقات السكن وكذا المساكن الخالية، وأحكام محكمة النقض الخاصة بذلك الأمر، والإطار الدستوري والقانوني والإجرائي لدخول وتفتيش المنازل وما في حكمها – بحسب محمود البدوى الخبير القانونى والمحامي بالنقض ورئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان.
مدلول المسكن
مدلول المسكن : اتجهت أغلب التشريعات إلى عدم تحديد أو إيراد تعريف لمدلول كلمة المسكن تاركة هذه المهمة للفقه والقضاء. ولذلك فإن الفقه والقضاء عنيا بتحديد المقصود بكلمة المسكن ويريان أنها تشمل معنيين الأول المكان الذى يستخدم بالفعل فى الإقامة والسكنى فيه والثاني هو المكان الذى وإن لم يستخدم بالفعل في السكنى إلا أنه مخصص لهذا الغرض، فالمعنى الأول ينصرف إلى المكان المسكون والمعنى الثاني ينصرف إلى المكان المعد للسكنى.
المكان المسكون
والمكان المسكون هو المكان المستعمل بالفعل للسكنى سواء أكان معداً لذلك بطبيعته كالمنزل والفندق أم لم يكن معداً من الأصل للسكنى ولكنه مسكون فعلاً أي يقيم فيه شخص أو أكثر فينام أو يقضى وقت راحته فيه ، مثل المدارس أو المسارح التي يبيت فيها حارس لحراستها .
المكان المعد للسكنى
أما المكان المعد للسكنى فهو المكان المعد للسكنى إلا أن ساكنيه لا يقيمون فيه بصفة مؤقتة مثل منزل في مصيف لا يقيم به صاحبه وقت الشتاء، فالمكان يعتبر مسكناً متى كان الشخص يملك الإقامة فيه ولو كان لا يقيم فيه أي يكفى أن توجد بعض المظاهر التي تدل على أن شخصاً يشغل هذا المسكن.
ملحقات السكن
ملحقات السكن : تتمتع ملحقات المكان المسكون أو المعد للسكنى بالحماية ذاتها المقررة لهما فهذه الملحقات تأخذ حكمها، وذلك لأنها تعتبر امتداداً لها لاتصالها بها وتخصيصها لمنافعها ومن أمثلتها حظائر الماشية والطيور والحديقة الملحقة بالمنزل وكذلك الأبنية الأخرى الملحقة بالمنزل والمخصصة لأفراد الحراسة .
أما بالنسبة للمساكن الخالية كالمنزل الذى تم بناؤه حديثاً والمساكن المعدة للإيجار فإنها لا تعتبر من قبيل الأماكن المعدة للسكنى، لذلك فإن تفتيشها لا يخضع للقواعد المتعلقة بتفتيش المساكن وإنما يخضع للقواعد المتعلقة بتفتيش الأشخاص.
مدلول كلمة المساكن بالنسبة للقبض والتفتيش
- فمدلول كلمة المساكن بالنسبة للقبض والتفتيش لا يختلف عن مدلول المسكن بالنسبة لانتهاك حرمته، ومتى انطبق على المكان وصف المسكن فلا أهمية للشكل الذى يتخذه لذلك قضى باعتبار كوخ مقام في نهاية حديقة مسكناً متى كان معداً للإقامة فيه، كذلك لا أهمية للمادة التي صنع منها، فيستوى أن يكون مبنياً من الطوب أو الخشب بل إن الخيمة تصلح لأن تكون مسكناً متى أعدت بغرض السكنى فيها.
محكمة النقض
رأي محكمة النقض في ما يعتبر سكناً: وقد قررت محكمة النقض المصرية أن المنزل فى معنى قانون الإجراءات الجنائية أخذاً من مجموع نصوصه كل مكان يتخذه الشخص سكناً لنفسه على وجه التوقيت أو الدوام بحيث يكون حرماً آمناً لا يباح لغيره دخوله إلا بإذن منه، ويكفى حتى تتوفر للمسكن الحماية القانونية أن يكون في حيازة شخص سواء أكان مسكوناً فعلاً أم خال من السكان لأن الدخول إليه على أي الحالين لا يكون إلا بإذن ممن له حق حيازته فالشقة الخالية فى منزل لا يجوز تفتيشها إلا برضاء من صاحبها. ويستوى أن يكون مصدر حيازة المسكن هو الملكية أو الإيجار أو العارية .
- أما إذا فقد المكان الاختصاص به ففتحه صاحبه للجمهور، فإن ذلك يعنى أنه لم يعد مستودعاً للسر ولذلك لا يعد منزلاً وإنما محلاً عاماً لا تحميه قواعد التفتيش.
- وتطبيقاً لذلك قضى: «بأنه ما دام الحكم قد أثبت أن المتهم أعد غرفتين فى منزله للعب القمار وضع فيهما الموائد وصف حولها الكراسي ويغشى الناس هذا المنزل للعب القمار دون تمييز بينهم بحيث أن من تردد تارة قد لا يتردد الأخرى فإن ذلك يبيح لرجال البوليس الدخول فيه دون إذن من سلطة التحقيق .
تفتيش المنازل :
أولاً : أن تفتيش أو دخولها المنازل لا يكون إلا في حالة واحدة وهي «صدور أمر قضائي» ويجب أن يكون هذا الأمر متمتع بعدد من الخصائص حتي يصدر صحيحاً غير قابل للطعن عليه، وهو ما نحدده فيما يلي :
1- أن كون الإذن مسبب « أي ان يكون قائم على سبب محدد ».
2- أن يحدد في الإذن مكان التفتيش .
3- أن يحدد في الإذن وقت التفتيش .
4-أن يحدد في الإذن الغرض من التفتيش .
ثانياً : يجب علي مأمور الضبط القضائي المأذون له بتفتيش المنزل أن ينبه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها ويجب عليه فضلا عن ذلك إطلاع من في المنزل علي الأمر الصادر بالتفتيش.
ثالثاً : يجوز دخول المنازل في ظروف معينة، ومنها علي سبيل المثال «الخطر- استغاثة من في المنزل بطلب المساعدة - الحريق – الغرق» أو ما شابه ذلك .
رابعاً : صدور إذن بتفتيش منزل لا يعطي الحق للمأذون له بالتفتيش أن يقوم بتفتيش من فيه، وإستثناء من ذلك يجوز لمأمور الضبط القضائي المكلف بتفتيش المنزل أن يقوم بتفتيش المتهم أو أي شخص آخر داخل المنزل إذا قامت قرائن قوية ضد المتهم أو الشخص الآخر، أنه يخفي معه ما يفيد في كشف الحقيقة، وهذا أمر جوازي لمأمور الضبط القضائي في هذه الحالة.
خامساً : لا يجوز لمأمور الضبط القضائي التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة التي صدر إذن التفتيش خصيصاً لأجلها، ولكن إذا ظهر لمأمور الضبط القضائي علي سبيل المصادفة وليس العمد أثناء التفتيش وجود أشياء يعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخري، «جاز» لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها، وهذا أمر جوازي لمأمور الضبط.
سادساً : التفتيش لا يكون إلا بحضور المتهم أو من ينيبه بدلا عنه للحضور إذا أمكن ذلك، وإلا وجب أن يكون بحضور شاهدين من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، وذلك بقدر الإمكان ، ويتم إثبات ذلك بمحضر التفتيش.
سابعاً : تضبط الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أن يكون قد استخدم في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها، وما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقية، ويجب عرض هذه الأشياء علي المتهم ويطلب منه إبداء الرأي بشأنها ويتم عمل محضر، بذلك يوقعه المتهم ويجوز له الامتناع عن التوقيع مع ذكر امتناعه في المحضر.
ثامناً : يعاقب كل من يفشي معلومات خاصة بالتفتيش إلي غيره، أو حتي إذا انتفع بها بأي طريقة كانت، وذلك بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري، وهي العقوبة المنصوص عليها في المادة «310» من قانون العقوبات المصري، بشرط أن تكون المعلومات وصلت إلي علمه بسبب التفتيش.
تاسعاً : لمأمور الضبط القضائي المأذون له بتفتيش المنزل أن يستعين بالقوة العسكرية.
الإطار الدستوري والقانوني والإجرائي لدخول وتفتيش المنازل وما في حكمها :
-تنص المادة (60) من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014 علي أنه « للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبنة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم علي الأمر الصادر في هذا الشأن.
-تنص المادة (45) من قانون الإجراءات الجنائية « لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل، أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك».
-تنص المادة (49) من قانون الإجراءات الجنائية «إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن قوية ضد المتهم أو شخص، موجود فيه علي أنه يخفي معه شيئا يفيد في كشف الحقيقة، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه».
-تنص المادة (50) من قانون الإجراءات الجنائية «لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ، ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخري ، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها».
-تنص المادة (51) من قانون الإجراءات الجنائية «يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، ويثبت ذلك في المحضر».
-تنص المادة (52) من قانون الإجراءات الجنائية « إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخري ، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفضها».
- تنص المادة (53) من قانون الإجراءات الجنائية « لمأمور الضبط القضائي أن يضعوا أختام علي الأماكن التي بها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة ولهم أن يقيموا حراساً عليها ويجب عليهم إخطار النيابة العامة بذلك في الحال ، وعلي النيابة العامة إذا ما رأت ضرورة ذلك الإجراء أن ترفع الأمر إلي القاضي الجزئي لإقراره».
-تنص المادة (54) من قانون الإجراءات الجنائية «لحائز العقار أن يتظلم أمام القاضي من الأمر الذي أصدره بعريضة يقدمها إلي النيابة العامة ، وعليها رفع التظلم الي القاضي فوراً ».
-تنص المادة (55) من قانون الإجراءات الجنائية «لمأموري الضبط القضائي أن يضبطوا الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أن يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وتعرض هذه الأشياء علي المتهم، ويطلب منه إبداء ملاحظاته عليها ويعمل بذلك محضر يوقع عليه من المتهم، أو يذكر فيه امتناعه عن التوقيع ».
-تنص المادة (56) من قانون الإجراءات الجنائية «توضع الأشياء والأوراق التي تضبط في حرز مغلق وتربط كلما أمكن ويختم عليها ، ويكتب علي شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبط تلك الأشياء، ويشار الي الموضوع الذي حصل الضبط من أجله ».
-تنص المادة (57) من قانون الإجراءات الجنائية «لا يجوز فض الأختام الموضوعة طبقا للمادتين 53 و 56 إلا بحضور المتهم أو وكيله، ومن ضبطت عنده هذه الأشياء أو بعد دعوتهم لذلك ».
-تنص المادة (58) من قانون الإجراءات الجنائية «كل من يكون قد وصل الي علمه بسبب التفتيش معلومات عن الأشياء والأوراق المضبوطة، وأفضي بها الي أي شخص غير ذي صفة أو إنتفع بها بأي طريقة كانت، يعاقب بالعقوبات المقررة بالمادة 310 من قانون العقوبات».
-تنص المادة (59) من قانون الإجراءات الجنائية «إذا كان لمن ضبطت عنده الأوراق مصلحة عاجلة فيها تعطي له صورة منها موقع عليها من مأمور الضبط القضائي».
-تنص المادة 60 من قانون الإجراءات الجنائية «لمأموري الضبط القضائي في حالة قيامهم بواجباتهم أن يستعينوا مباشرة بالقوة العسكرية ».