الأتراك جائعون وأردوغان يصرف أموالهم على قصوره الفخمة
الجمعة، 22 فبراير 2019 07:00 م
حالة استنزاف مستمرة تنتاب الاقتصاد التركي فالخسائر فادحة، جراء العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ العام الماضى، والتى تضمنت عقوبات على وزير العدل التركي، عبد الحميد غل، ووزير الأمن الداخلي، سليمان صويلو، اللذان لعبا دورًا بارزًا في توقيف القس الأمريكي أندرو برانسون، في أكتوبر 2016، واعتقاله لاحقا، الأمر الذى دعا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المطالبة بالإفراج عنه أو فرض عقوبات ردًا على اعتقال السلطات التركية القس الأمريكي الذى تتهمه بالانتماء لمنظمة جولن المحظورة فى أنقرة.
الأتراك جائعون، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يبالي إلا بترفه، ورغم انهيار الليرة التركية، قام بتخصص 3.2 مليار ليرة لمشروعات تتعلق بمؤسسة الرئاسة ضمن برنامج الاستثمار لعام 2019 الذي أعلنته حكومة "العدالة والتنمية"، بحسب صحيفة "جمهورييت" التركية والتى أكدت أن إجمالي المبلغ المخصص للإنفاق على قصور إردوغان والجهات التابعة لها يبلغ 950 مليون ليرة هذا العام، فيما أنفق 2.1 مليار ليرة على مشروعات مشابهة العام الماضي.
يستهدف برنامج الاستثمار الجديد الذى أعلنه أردوغان، ترميم قصر يلديز بتكلفة 20.5 مليون ليرة، وهو القصر الذي كان يقيم فيه السلطان عبد الحميد الثاني قبل عزله على يد جمعية الاتحاد والترقي عام 1909، فيما كشف موقع "آر تي جرتشاك" فى سبتمبر الماضي عن خضوع 11 قصرا تاريخيا لسلطة إردوغان بموجب مرسوم رئاسي أصدره يوليو 2018، من بينها قصور دولمة بهتشه ويلديز وألهامور ويالوفا.
يبدو أن الرئيس التركي لا يدرك الأزمة الاقتصادية التى تمر بها بلاده، فيحاول حلها بالتصريحات الرنانة فقط، فرغم اتخاذه قصر السلطان مكتبا له، فتوجه بعدهاه لتخصيص قصر يلديز التاريخي في حي بشيكتاش التابع لبلدية إسطنبول ليكون مقرا لإقامته هو وعائلته، ويتجه أيضا لإنشاء استراحات جديدة على ضفاف بحيرة فان بتكلفة 30 مليون ليرة.
البزخ والترف قد يعيدان لأردوغان مخيلة "السلطان العثماني"، والخلافة العثمانية بحسب مخيلته، فخلال احتفالات ذكرى معركة ملاذكرد في ولاية موش أغسطس الماضي، أعلن رجب اعتزامه تشييد قصر جديد في بلدة أخلاط التاريخية على مساحة 5 أفدنة، ويرى مراقبون أن إردوغان يسعى خلف سراب إحياء السلطنة المقبورة، وقام بتشييد قصره الأبيض "إيك سراي" بتكلفة 500 مليون إسترليني عام 2014، على مساحة 300 ألف متر مربع، ما يعادل 30 ضعف البيت الأبيض الأمريكي، واعتبرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية "أكبر قصور القرن".
انتقادات حادة
فسر نائب حزب الشعب الجمهوري بولنت تزجان بذخ إردوغان، بأنه يحاول تأسيس نظام السلطنة، السلاطين العثمانيون لم يشيدوا هذا الكم من القصور، واكتفوا طوال 600 عام بقصر طوب قابي مقرا للحكم، كما انتقدت منظمات بيئية بل عارضت بناء القصر المطل على خليج جوكوفا، بسبب تأثيره على حركة الملاحة في المجرى المائي المهم، وانتقدت تشييد قصره الصيفي في أوكلوك كويو أبريل 2017 بعد اقتلاع 50 ألف شجرة.
أزمة اقتصادية حادة
يأتي البذخ والترف التركي فى وقت توقعت وكالة التصنيفات الائتمانية "ستاندرد أند بورز غلوبال"، انخفاض الليرة التركية على نحو مطرد في الأعوام الثلاثة المقبلة، وارتفاع مستوى القروض المصرفية المتعثرة إلى المثلين عند 8 %، في الـ12 شهرا المقبلة، وقد أكد المحلل الاقتصادي لدى ستاندرد أند بورز، مكسيم رابنيكوف، أن التوقعات حاليا انخفاض قيمة العملة التركية على نحو مطرد طوال الوقت حتى 2022، فيما قال محلل قطاع البنوك، ماجار كيومديان، أن مستوى القروض المتعثرة، وهي القروض التي تأخر سدادها 90 يوما على الأقل، سيبلغ نحو 8 % قرب نهاية العام، بالرغم من أن القروض المعدومة على نطاق أوسع ستبلغ 15-20 %.
إن الأزمة الاقتصادية الحادة فى تركيا، جعلت نسبة التضخم ترتفع إلى ثلاثة أمثال متوسط نسبتها في الدول ذات الأسواق الناشئة المماثلة، وأصبحت البلاد في سلة واحدة مع البلاد التي تعاني معدلات تضخم ضخمة مثل الأرجنتين 22.9 % وأوكرانيا 13.6 %، فقد ارتفع معدل التضخم السنوي فى تركيا خلال أكتوبر الماضي إلى 25.2 %، مما انعكس على المستثمرين في قطاع الإسكان، فتعرضوا لخسائر بنسبة 17 % على أساس القيمة الحقيقية، ونتيجة لكل ذلك، انتشر الركود المشهود في المناطق المركزية لقطاع الإسكان، مثل مدينتي إسطنبول وأنقرة، إلى جميع أنحاء البلاد، وفقا لمصادر تركية.