بعيدا عن خطط الحكومة.. المشاركة المجتمعية تنجح في تغيير ملامح قلب الصعيد (صور)
الأربعاء، 13 فبراير 2019 03:00 ص
تلعب المشاركة المجتمعة دور أساسي في عملية التنمية التي تسعى المجتمعات المحتاجة للخدمات لإقرارها، كما أنها أحد الركائز الهامة التي تقوم عليها عملية التنمية، وهو مايفسر ضرورة التعاون مع هيئات ومؤسسات المجتمع المدني لحل المشكلات التي تواجه المواطنين، وتوفير احتياجاتهم، وتلبية متطلباتهم، وتنفيذ مايحتاجونه من خدمات.
وأثبتت التجارب عدم مقدرة الحكومات وحدها على تحقيق التنمية الشاملة دون مساعدة ومشاركة من مؤسسات المجتمع المدني، وإطلاق المبادرات التي تخدم تلك الأهداف، لاسيما في ظل عجز الموازنات، والمشكلات الاقتصادية التي تشهدها عددا من الدول.
وتسعى الحكومة المصرية، إلى إقرار عددا من المبادئ التي تخدم استراتيجية التنمية، وتخدم المواطنين، دون الاعتماد كليا على ماقتدمه الدولة لهم، وترسيخ مبادئ التعاون المشترك بين طرفي العلاقة، الأهالي من ناحية، ومؤسسات الدولة من ناحية أخرى، وهو ما بدأ يؤتي ثماره في أسيوط، واحدة من أكبر محافظات الصعيد، والتي تعاني بعض القرى فيها من تدني مستوى الخدمات المقدمة للأهالي.
وفي ظل ماتبذله الحكومة من خطوات حثيثة، ومجهودات لتوفير كافة متطلبات المواطنين، وتنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية لهم، كان لازما على الأهالي المشاركة بجزءا من مجهودهم، وممتلكاتهم لتنفيذ تلك المشروعات التي تخدمهم، وأبنائهم، وضربت قرية «العصارة»، التابعة لمركز الفتح بأسيوط، أبرع النماذج في الوعي والمشاركة المجتمعية، والتكامل، وتفعيل مبدأ الاعتماد على الذات في إنشاء بعض المصالح الحكومية التي تحتاج إليها القرية.
لم ينتظر أبناء «العصارة» الخطط المالية للحكومة، فبدأوا في التكاتف فيما بينهم لتوفير الأراضي والتمويلات اللازمة لبناء تلك المصالح من مدارس، ووحدات صحية، ومكتب البريد، ودور العبادة، وغيرها من المصالح الحكومية التي لم تكن موجودة من قبل داخلها.
وسرد صلاح خلف الله، أحد أهالى القرية تفاصيل نجاحهم في إنشاء تلك المصالح الحكومية قائلا: «قررنا عدم الانتظار لحين البحث عن أراض مملوكة للدولة، أو قيام الدولة بنزعها أو شرائها من مالكيها والاعتماد على الجهود الذاتية لشراء الأراضى التى تقام عليها المصالح الحكومية، فتمكنا من التبرع بقطعة أرض لبناء جمعية زراعية، ومكتب بريد ومدرسة العصارة الابتدائية، كما أننا تمكنا من خلال الجهود الذاتية وجمع مبالغ مالية من أهل القرية جميعا وبرضا كامل من الجميع من شراء 10 قراريط بقيمة 200 ألف جنيه لبناء مدرسة خالد بن الوليد بالقرية، وشراء 5 قراريط بقيمة 460 ألف جنيه لشراء أرض لإقامة وحدة طب الأسرة الحديثة بالقرية وأيضا بناء جناح إضافى لمدرسة خالد بن الوليد من خلال شراء أرض بقيمة 320 ألف جنيه، ونشرع حاليا فى جمع أموال من أهالى القرية لشراء قطعة أرض وتسليمها للدولة لعمل مشروع الصرف الصحى».
وأضاف الشيخ على خلف الله، شيخ البلد بقرية العصارة، أنه فى كل مرة نقرر شراء أرض لبناء مصلحة حكومية سواء كانت مدرسة أو وحدة صحية أو غيرها من المصالح التى تم إنشاؤها فى القرية يجتمع أهل القرية فى دوار العمدة وبرضا كامل وعزيمة من جميع الأهل وعدم الاعتراض ويتم تشكيل لجنة شعبية من بيننا وعمل دفتر خاص لتسجيل أسماء المتبرعين وقيمة ما دفعوه وذلك من خلال إحدى الجمعيات الفاعلة بقرية العصارة بعد اتخاذ جميع الإجراءات القانونية وفتح حساب بنكى باسم المشروع وطبع دفاتر مالية باسم الجمعية تشرف عليها الأجهزة الرقابية وعادة ما يكون هناك مبلغ يتم الاتفاق على جمعه وهناك من يدفع أكثر وكل على حسب مقدرته.
وأوضح سيد محمد عبد الباقى عليان، من أهالى القرية من أصحاب المعاشات، أن الأهالى فى البداية خاصة أصحاب المعاشات كانوا يتعرضون لإجهاد كبير فى الحصول على معاشهم، وذلك من خلال التوجه إلى مكاتب بريد فى القرى المجاورة مثل قرية الملجأ أو بنى مر أو الأطاولة وغالبيتهم من السيدات وكبار السن، حيث يركبون المواصلات ذهابا وإيابا وهو ما يتسبب فى تعبهم وجهدهم، ولكن الحمد لله بالمجهود الذاتى وبمشاركة جميع أهل القرية قمنا بعمل مكتب بريد وهو ما وفر الراحة للأهالى وكبار السن وكل الطالبين للخدمات البريدية بدلا من الذهاب لمسافات بعيدة طلبا للخدمة.