قصر إسماعيل باشا المفتش.. تحفة فنية رهن الترميم
الأحد، 10 فبراير 2019 07:00 صزينب وهبة - تصوير عمرو مصطفى
■ «الآثار»: رممنا %90 منه.. واتخذنا إجراءات لحماية الأثر من الانهيار
■ مسئول بـ«بحوث الإسكان»: التعامل مع المبانى الأثرية والتاريخية أمر دقيق للغاية
تحفة فنية فى منطقة وسط البلد، تحديدا فى ميدان لاظوغلى، إنه قصر إسماعيل باشا المفتش، والمملوك لإسماعيل صديق شقيق الخديو إسماعيل فى الرضاعة، حيث يعد «المفتش» من الشخصيات الوطنية التى لعبت دورا مؤثراً فى تاريخ مصر، وكان له دور بارز فى السياسة المصرية، وإن كانت سيرته السياسية قد اكتنفها بعض الغموض، وهو ما ساعد على مقتله بطريقة بشعة.
تلقى إسماعيل المفتش الرعاية الكاملة من قبل الخديو إسماعيل الذى عينه وزيرًا للمالية عام 1868، وبدأ إسماعيل المفتش حياته الوظيفية فى الدائرة السنية، وظل الخديو يرقيه حتى حصل على رتبة الباشوية، وبعد ذلك عينه مفتشاً عاماً لأقاليم القطر المصرى، وطوال تولى إسماعيل المفتش وزارة المالية (1868 - 1876م) كان حائزاً على رضاء الخديو وعطفه، لدرجة أن منحه 4 منازل بعابدين قيمتها 30 ألف جنيه، كما منحه أرضا بنى عليها قصره بعد ذلك، وفور تعيينه وزيراً للمالية أمر إسماعيل المفتش بتشييد قصر فخم مقرا له، وتم تشييده بين عامى (1868 - 1870م) وفقاً لأسلوب عمارة الباروك التى تتميز بالمبالغة فى العناصر الزخرفية المجملة للواجهات، حيث يتكون القصر من جزأين، وهما الجزء الخاص بالسكن، والجزء الخاص بالعمل، كما أن طراز البناء ينتمى إلى طراز التوليف المتكون من عدة طرز مختلفة اشتهرت بها العمارة الأوروبية فى القرنين التاسع عشر والعشرين وتتبع لمدرسة ألبوزار الفنية.
ويتكون القصر من 3 أدوار تضم 18 غرفة رئيسية و42 غرفة صغيرة للحريم وفناءً واسعًا، والقصر عبارة عن جزأين، جزء شمالى وآخر جنوبى، كما يتوسط القصر نافورة جميلة.
الغريب أن إدارة قطاع المشروعات بوزارة الآثار اتخذت هذا القصر مقرا لها، ومازالت تعمل على ترميمه، حيث أكد المهندس وعد أبوالعلا، رئيس قطاع المشروعات، أن تكلفة ترميم القصر وصلت لـ192 مليون جنيه حتى الآن، مشيرا إلى أن عمليات الترميم بدأت عام 2008، حيث تم ترميم ما يقرب من 90 % من القصر، ومن المتوقع انتهاء الترميم فى نهاية العام المقبل، مشيرا إلى أن معدلات العمل فى ترميم القصر لا يمكن أن تكون أسرع من هذا، والعمل به يتم فى جزء جزء منه، لأنه ليس مبنى خرسانيا، فحوائطه حاملة وتربته متحركة، ولا يمكن أيضاً أن نأتى بـ5 ماكينات حقن مثلا وتعمل فى الوقت ذاته، فهناك ساتر خرسانى حول القصر قبل الحقن، علاوة على وجود مترو الأنفاق، فضلا عن أن المبنى ليس به أى خطورة إنشائية، والعمل فيه يجرى يومياً حتى الليل.
وأضاف «وعد»، العمل مستمر فى القصر حتى أيام العطلات حيث يتم عمل شدات على الواجهة حالياً للبدء فى تشطيب الواجهة، ولم نستطع البدء بها للانتهاء من المراحل الأولية الخاصة بتقوية الأساسات والحوائط وعزل الحوائط التى كانت تقص مترا مترا، علاوة على عملية الحقن، لكى يستعيد المبنى الحالة الطبيعية له، حتى لا تحدث أى شروخ أخرى.
وأشار رئيس قطاع المشروعات إلى أن ترميم الآثار لا يحكمه معيار الوقت بل معيار الجودة، وغير مسموح بالإضافة أو الحذف، ولابد من الاطمئنان على المبنى إنشائيا قبل البدء فى ترميمه، فإذا كان المبنى سليما ولا توجد به مشاكل إنشائية أبدأ فى الدهانات والأرضيات والكهرباء.
وعن كيفية استغلال القصر بعد ترميمه، أوضح «أبو العلا» أن توظيف المبانى الأثرية وارد، وتوجد مناقشات كثيرة فى ذلك، والفكرة نفسها قائمة، حيث يتم توظيف المبنى الأثرى حسب ظروفه، وما الذى يصلح فيه، وما الذى لا يصلح، موضحاً عدم إمكانية وضع إضافات للقصر بعد ترميمه، وإن كان من الممكن عمل مكتبة.
من جانبه قال المهندس محمد عبد القادر سويدان بمركز بحوث الإسكان والبناء والاستشارى العام لقصر إسماعيل باشا المفتش أنه يشرف على عملية الترميم والإصلاح التى تتم فى القصر، حيث تمت الاستعانة بمركز بحوث الإسكان والبناء، لأن به جميع التخصصات من تربة لعمارة لأساسات، حيث يحتوى المركز على جميع التخصصات الخاصة بالأعمال الإنشائية والمعمارية.
وأشار «سويدان» إلى أن القصر كان فى حاجة إلى الكثير من التدعيمات، ولن نقول إنه كان آيلا للسقوط، لكنه كان يعانى العديد من المشاكل، مشيراً إلى دعم قطاع المشروعات لهذا القصر مثل البرج الكائن بالقصر، حيث تم تدعيمه بالفعل، مؤكدا أنه بدأ العمل فى القصر منذ عام 2016.
وأضاف «سويدان» أن التعامل مع المبانى الأثرية أو التاريخية أمر دقيق جدا، ومرهق للغاية، لأنه ليس كالتعامل مع المبانى الخرسانية المعتادة، فالتعامل هنا بدقة وأجزاء صغيرة فى أجزاء صغيرة، فلو قمنا برفع حجر واحد بشكل خاطئ من الممكن أن ينهار المبنى كله.
وأوضح أن بداية عمله فى القصر هى البحث عن الأشياء التى بها خطورة ومشاكل لكى يتعامل معها قبل تفاقم المشكلة وحدوث أى تدهور بالقصر، مشيرا إلى أن جدرانه كانت بها مشاكل، حيث تم فك الجدران جدارا جدارا، وتركيبها مرة أخرى، مشيرا إلى أن عملية الفك والتركيب احتاجت شدات معدنية حتى لا يسقط السقف، خاصة إذا كان الترميم فى قبو فتكون هناك صعوبة بالغة.
وأكد «سويدان» أن سبب حدوث مشاكل فنية فى هذا القصر هو تحرك التربة بسب نفق الصرف الصحى الذى انهار فى 2008، حيث جرى سحب المياه فتحركت ذهاباً و إياباً، وهو ما تسبب فى حدوث خلخلة للتربة، ما أدى إلى حدوث مشاكل إنشائية، كما أن هناك سببا آخر، وهو أن التربة الموجودة فى منطقة وسط البلد لها طبيعة خاصة غير التربة الموجودة فى منطقة 6 أكتوبر أو فى مصر الجديدة أو فى المناطق التى تعتبر من ضواحى القاهرة، فتربة وسط البلد ضعيفة نسبيا لأنها عبارة عن تراكم من الردم، ونظرا لتحرك التربة التى يقع عليها القصر، أوشكت أجزاء من المبنى على الوقوع، فى حين بقيت الأجزاء التى لم تتعرض للخلخلة متماسكة، وبالتالى بدأ حدوث هبوط كان من الممكن أن ينهار على أثره المبنى.
وأوضح أن القصر- كمبنى وكجدران- قوى جداً ولا توجد به مشكلة، لكن تتركز المشكلة فى التربة الضعيفة، لذلك بدأوا بحقن التربة، وهى عملية دقيقة جدا لمنع حركة التربة، ونظرا لأن الحقن يتسبب فى عمل ضغوط على المبنى، لذلك فإننا نراعى الجدران حتى لا تنهار، لأن ضغط الحقن من الممكن أن يهدم القصر.
وأشار إلى أنهم بدأوا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية القصر من الانهيار، حيث تم عمل تقوية للحوائط والأساسات لتبدأ عملية حقن التربة بعد ذلك. وأضاف، فى بداية عملية حقن التربة واجهنا مشكلة كبيرة، وهى وجود مترو الأنفاق، لذلك كان من المهم التنسيق مع إدارة المترو وأخذ موافقة من الإدارة الهندسية فى المترو على بعض الأعمال والعمق الذى سننزل إليه وعلى الضغوط التى سنضغطها فى الحقن حتى لا يتأثر المترو.
WhatsApp Image 2019-02-12 at 4.18.49 PM
WhatsApp Image 2019-02-12 at 4.18.53 PM