«على قد إرهابك مد رجليك».. داعش تتقهقر وتكتفي بـ«ولاية الشام»
الخميس، 31 يناير 2019 08:00 ممنة خالد
تتوالى الضربات على تنظيم داعش الإرهابي كضربات سيوفهم على عنق الأبرياء، فلم تدم قوة التنظيم كما اعتقد رجاله، حتى دفعت الهزائم التي لحقت به في العراق وسوريا إلى إعادة هيكلة صفوفهم في محاولة للبقاء في أرض «الخلافة» المزعومة التي أعلنوا عنها بعد تمكنهم من مساحات شاسعة في العراق وسوريا عام (2014).
كانت البداية في يونيو (2014).. وبتسجيل صوتي وجهه تنظيم داعش إلى آذان العالم، حيثُ ميلاد تنظيم إرهابي بثوبِ جديد يختلف عن «القاعدة»، يبدو أكثر رُعبًا وتمكنًا ماديًا وتطورًا من حيثُ الأدوات التي ساعدت قادة التنظيم على الانتشار وبث الرُعب في قلوب أعداء قيام دولة الخلافة، وأولهم «أنصار» القاعدة.
اجتاح التنظيم ثاني أكبر مدن العراق «الموصل» واحتل أول أكبر مدينة بسوريا «الرقّة» ووصل التنظيم في زحفه إلى مسافة غير بعيدة عن العاصمة العراقية بغداد قبل أن توقفه الغارات الجوية الأمريكية. في هذا التوقيت منذ (5) سنوات، سيطر التنظيم على أكثر من نصف مساحة سوريا و(80%) من موارد النفط والغاز في البلاد. ونجحت محاولات التوغل في أقاصي بلاد الشام وكثُرت الحركات الإرهابية المُبايِعة للتنظيم في بقاع دول الشرق. وباتت عمليات الذبح والتفجير المُصورة حديث الميديا بالعالم.
بعد مرور ما يقرب من الخمس أعوام، فقد التنظيم المدن التي سيطر عليها في العراق وجر أذيال الخيبة تاركًا جميع المدن العمرانية السورية عدا «هجين» في أقصى الشمال السوري، والتي تقع على الضفة الشرقية من نهر الفرات على الحدود السورية العراقية. تراجعت قدرة التنظيم وأصبحت العناصر التنظيمية تبحث عن خطط بديلة للبقاء على الأرض وكسب عناصر جديد تنضم لهم بعد فقدانهم أغلب مُقاتليهم.
بات التنظيم الإرهابي يعاني قلة العدد والعتاد وضعف رسائله الإعلامية وقلة ترهيبها، حتى تناولت عدة تقارير أجنبية التغييرات الجوهرية في هيكلة إدارة التنظيم، خاصةً بعد نشوب العديد من الخلافات الداخلية للتنظيم سُجن على إثرها عدد من قادته.
تنظيم داعش يغيّر مسمى «الخلافة» لأول مرة منذ الإعلان عن وجوده
تقلّصت مساحات سيطرة التنظيم التي كانت تضم (35) ولاية في العراق وسوريا، إلى (6) ولايات فقط في العام الماضي، ومازالت المساحات في تقلص حتى العام الجاري، لتتغير مُسميات التنظيم لأول مرة منذ الإعلان عنه واستبداله «ولاية الشام» بديلا عن «دولة الخلافة» التي أعلنها زعيمهم أبو بكر البغدادي في العام (2014).
اختفى تمامًا مُسمى «دولة الخلافة» في خطاب التنظيم المتطرف وتحدّث في تقرير أخير في مجلة «النبأ» الصادرة عن التنظيم بشأن حصيلة الأعمال العسكرية، مشيرًا إلى (6) ولايات فقط لا يزال ينشط فيها وهي العراق والشام وشرق آسيا وطاجيكسان وسيناء والصومال.
تقلص سيطرة داعش على 6 ولايات خلال العامين الماضيين.. االمصدر: مؤسسة (IHS) لأبحاث وتحاليل الصراعات
خيبة التنظيم وتوالي الهزائم تفقد ثقة القيادات في أمراء الولايات الـ (6)
على الرغم من تفاخر التنظيم الإرهابي منذ بداياته وقبل ظهور زعيمه أبو بكر البغدادي، برسم حدودهم الجديدة في الشرق الأوسط بعد فوضى سوريا (2011)، وإزالة الحدود بين سوريا والعراق بالجرافات ضاربين باتفاقية سايكس بيكو (1916) عرض الحائط، إلا أن اليوم تنشر السلطات العراقية قواتها على امتداد الحدود مع سوريا التي كانت معقل وممر مهم لسلاح الجهاديين.
على الرغم من تفاخر التنظيم الإرهابي منذ بداياته وقبل ظهور زعيمه أبو بكر البغدادي، برسم حدودهم الجديدة في الشرق الأوسط بعد فوضى سوريا (2011)، وإزالة الحدود بين سوريا والعراق بالجرافات ضاربين باتفاقية سايكس بيكو (1916) عرض الحائط، إلا أن اليوم تنشر السلطات العراقية قواتها على امتداد الحدود مع سوريا التي كانت معقل وممر مهم لسلاح الجهاديين.
أشارت وكالات أنباء عالمية عن أن هذا التغيير يؤشر على ضعف التنظيم الإرهابي وفقدانه قياداته ومعاقله وعتاده وإعلامه، ولم يبقى غير بيانات السلطات العراقية عن اعتقال أو مقتل قادت التنظيم أو ملاحقة البغدادي وأبناءه في أحد المغارات النائية بسوريا. وفسّرت تقارير صحفية أن هذا التغيير أفقد القيادات المركزية الثقة بأمراء الولايات الـ (6) المتبقية، لتقتصر على قيادة واحدة مع توالي الهزائم.
خطاب «البغدادي» على تليجرام يكشف خسارة داعش لحواضنها
في أغسطس الماضي، دعا البغدادي عبر تسجيل صوتي نُسب إليه في 22 أغسطس- وتداولته حسابات تنظيمية على تطبيق تلجرام هو الأول له منذ عام- أنصاره إلى عدم التخلي عن دينهم وصبرهم وجهاد عدوهم، إثر الهزائم الكثيرة التي مُني بها التنظيم خلال الفترة الأخيرة وخسارة داعش حواضنها من ولايات العراق والشام، وهذا الخطاب يُشكّل دليل قوي على تراجع عزم التنظيم وانهياره.