قمة فرنسية بعيون مصرية
الأربعاء، 30 يناير 2019 10:28 ص
تذكرني دائمًا نغمة المنظمات الحقوقيّة التي باتت تتغني بها منذ فترة وجيزة، بمثال يصف حالها، فدعونا نتخيل مريض في حالة حرجة وبداخل غرفة العمليات لساعات، والطبيب الجراح يبذل قصارى جهده لإنعاش المريض وإبقائه على قيد الحياة، مسخرًا كل ما أوتى من قوة جسدية ونفسية لتحمل التوتر، ثم يدخل طبيب أخر يلقن الأول درسًا عن ألوان غرفة المريض وشكل المفروشات بها- مثلا- بعد النقاهة! يا له من طبيب لا يقدر خطورة الموقف ولا يبالى !
لا أحد يقلل من شأن حرية الرأي ولا أحد يقمع معارضًا، لكن هناك بعض القضايا التي يختلط الأمر بها بين حرية الرأي والمساس بالأمن القومي متخطيًا الخط الرفيع بينهما، فإذا قلت أن هذا النظام لايعجبنى وسكتّ فهذه حرية رأى، أما إذا قلت أن هذا النظام لايعجبنى وعلينا جميعًا أن نفترش الطرق ونشل مفاصل الدولة مستخدمين العنف والإضرار بالدولة فهذا هو المساس بالأمن القومي وتكدير الصفو العام وشحن النفوس بالكراهية.
أعتقد أن فرنسا ذاتها نالها من نصيب الخراب والدمار الكثير، وحينها أدركت أن نغمة حقوق الإنسان التي يتغني بها الغرب نغمة غير صادقة وغير منطقية.
أكثر ما ظهر جليًّا في القمة المصرية الفرنسية، هي كلمات السيد الرئيس الصادقة التي لم تتغير قط منذ القمة السابقة منذ حوالي ثلاث سنوات سوى أن أثراها بالأرقام، أرقام استطاعت أن تعيد العلامات الحيوية لجسد الوطن.
جاءت زيارة الرئيس الفرنسي للأزهر الشريف والكنيسة المرقسية وكاتدرائية ميلاد المسيح لتنقل الصورة للغرب من خلال فرنسا، وهى واحدة من الخمس دول الكبار فى مجلس الأمن وفى صناعة الأسلحة، تنقل صورة حية ليس فقط عن المساواة وحرية ممارسة العبادات في مصر ولكن لتنقل عن مدى الفخامة والرقي العقاري التي وصلت لها مصر الآن، ليس هذا على سبيل التفاخر أو التباهي فقط ولكن هو عامل جذب لكل الاستثمارات وارتقاء بمستوى مصر الحضاري في ثوبها الذي يليق بها اليوم أمام مصاف الدول الكبرى التي تعيد تصنيف مصر من جديد.
أما عن حرص الرئيس الفرنسي على زيارة مصر و بالرغم من استمرار التوتر في فرنسا وثورة السترات الصفراء، فذلك يعنى أنها مهتمة بصناعة حليف قوي لها، فالسياسة العالمية ليس لديها أي مساحة للمجاملة ، ومن هنا نستشف أهمية مصر في الإقليم من خلال حرص فرنسا على صناعة حليف قوى لها في الشرق الأوسط.
أما عن باقة الورود التي قدمها الرئيس الفرنسي وقرينته أمام مزار شهداء البطرسية، فمصر لم تخف أو تخجل من تلك الحوادث، بل استعرضت ذلك كمبعث للفخر لنا اليوم لتجعل العالم يرى كيف كان التحدي كبيرًا ومخيفًا، حصد الكثير ولكن مصر استطاعت أن تحصد روح الإرهاب ذاته وتودعه لمثواه الأخير بل أضافت محاربته وحماية المواطن الآمن الحق الأول من حقوق الإنسان والتي يجب أن تتبناها كل منظمات حقوق الإنسان وتعيد هيكلة سياساتها لتتماشى مع معطيات اليوم.