الرئيس السيسي للمصريين: «عبرنا مرحلة صعبة.. واللي باقي مش كتير»
السبت، 26 يناير 2019 10:00 م رضا عوض
«عبرنا مرحلة صعبة قوى وماشين فى طريقنا واللى تبقى فى هذا الأمر مش كتير قوى».. رسالة طمأنينة بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسى للمصريين، بأن إجراءات الإصلاح الاقتصادى- التى بدأتها الدولة- تؤتى ثمارها، وأن إجراءاتها قاربت على النهاية.
الرئيس الذى خاطب المصريين بمناسبة العيد الـ67 للشرطة المصرية، الأربعاء الماضى، قال: «إن برنامج الإصلاح الاقتصادى كان برنامجا شديد القسوة، وكان المطلوب معالجة حاسمة وعميقة جدا للتحديات والظروف»، مشيراً إلى أنه رغم قسوة هذه الإجراءات، لكنها كانت ضرورية، لأن استمرار الوضع السابق كان يعنى السير فى طريق الضياع.
أضاف الرئيس السيسى: «إننا ننتقل بثبات، بعد سنوات عاصفة ومضطربة، من مرحلة تثبيت أركان الدولة وترسيخ الاستقرار، إلى مرحلة البناء والتعمير، نستكمل بجدية واجتهاد، ما بدأناه من مشروعات تنموية كبرى، انطلقت فى جميع أنحاء البلاد، لتغيّر الواقع المصرى إلى ما نطمح إليه، من تنمية شاملة ومستدامة، وتسير خطوات إصلاح الاقتصاد، طبقاً للبرامج المدروسة بدقة وعناية، وبمنهج علمى متكامل، ونحصد ثمار هذا العمل الدؤوب، فى مؤشراتٍ تتحسن باضطراد، فيما يتعلق بزيادة نمو الناتج المحلى الإجمالى، ونصيب الفرد منه، واحتياطى النقد الأجنبى، وتحسّن معدلات التشغيل، وتضييق عجز الموازنة».
وتوجه الرئيس للشرطة المصرية بتحية من القلب فى يوم عيدها، مضيفاً: «تحيةٌ لمَن ما زال يواصل عطاءه ومَن تقاعد، نقول لكم: إن تضحياتكم محل تقدير من شعبنا الأصيل، الذى يحفظ العهد ويدرك قيمة جهود أبنائه من رجال الشرطة، وتحية تقدير وعرفان لأرواح شهداء الشرطة الأبرار، وللمصابين وعائلاتهم».
تحية الرئيس لشهداء الشرطة تؤكد أن الدولة لا تنسى أبناءها الذين قدموا أرواحهم فداءا للوطن، بعد أن سطروا تاريخا مشرفا بدمائهم الزكية في مواجهة الجماعات الإرهابية، تاركين خلفهم زوجات وأطفالا وأمهات يفتخرون بما قدموه تضحيات لوطنهم الذي حاول رد جزء من الجميل بإقرار قانون حق الشهيد لرعاية أسرهم.
وتاريخ رجال الشرطة وتضحياتهم بدأ مبكرا منذ عام 1952 عندما سطروا ملحمة تاريخية بالإسماعيلية، واستبسلوا فى الدفاع عن المحافظة، ورفضوا تسليم المبنى للإنجليز، لتدور أحداث موقعة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952، حيث وجهت القوات الإنجليزية دباباتها وأطلقت نيران مدافعها بشكل مركز وبشع، دون توقف، ولمدة زادت على ساعة كاملة، ولم تكن قوات الشرطة مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة، حيث حاصرت القوات الإنجليزية مبنى قسم الشرطة الصغير، ومبنى المحافظة فى الإسماعيلية، بسبعة آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة تدعمهم دباباتهم الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة فى الثكنات وثمانين فى المحافظة، لا يحملون غير البنادق.
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم رجال الشرطة المصرية، واستمرت مقاومتهم ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين البريطانيين وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم، ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال، سقط منهم خلالهما خمسون شهيدا وثمانون جريحا وهم جميع أفراد وجنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم، وأصيب نحو سبعون آخرون.
مقاومة رجال الشرطة وحمايتهم لبلدهم امتدت لعقود طوال، حيث كان الانحياز الدائم للشعب المصرى، وهو ما ظهر جليا خلال فترة حكم جماعة الإخوان الارهابية، عندما رفض رجال الشرطة تنفيذ تعليمات قيادات الإخوان بالاعتداء على المتظاهرين وفض تظاهرتهم بالقوة، وأعلنوا منذ اللحظة الأولى انحيازهم للشعب المصرى ولإرادته، ليقف رجال الشرطة فى خندق واحد مع الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو2013، ضد حكم الإخوان لتجىء المرحلة الحالية وهى الأدق فى تاريخ الوطن، حيث أطلقت قيادات الجماعة الإرهابية العنان لأذرعها المسلحة، وأعطوا الأوامر للجماعات المتطرفة التابعة لهم بتنفيذ العمليات الإرهابية التى تصدى لها رجال الشرطة، وكان استهداف الضباط والأفراد والأكمنة والمنشآت الشرطية الشاغل الأول لهذه الجماعة الإرهابية، حتى يشعر المواطن بحالة من الفوضى وعدم قدرة الشرطة على فرض الأمن والأمان فى ربوع البلاد، إلا أن بسالة أبطال الداخلية أحبطت ذلك المخطط، ونجحت فى التصدى للعديد من العمليات الإرهابية وإحباط عدد كبير منها.
دفاع رجال الشرطة لم يقف عند هذا الحد، بل إنهم قدموا عشرات الشهداء طوال تاريخهم الطويل، فمن ينسى الشهيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور مركز شرطة كرداسة؟ أو «شيخ العرب» كما لقب بالمنطقة نظرا لتدخله وحرصه على حل مشاكل الثأر والعائلات وديا، وكان شرطيا محبا لعمله، وإنسانا ذا خلق، حتى نال الشهادة فى أحداث اقتحام مركز الشرطة من قبل العناصر المسلحة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، كما كتب الشهيدان محمد فاروق وهشام شتا تاريخا مشرفا بدمائهم بعد أن رفضا الاستجابة لطلب أسرتيهما بالخروج من القسم عندما تعالت أصوات التكبيرات وتوالت الأخبار بمحاولات عناصر إرهابية اقتحام مركز شرطة كرداسة، واستمرا فى الذود عن عملهما والدفاع عنه حتى استشهدا، أما الشهيد محمد جبر فكان لا يجلس خلف مكتبه كثيرًا، يتحرك داخل مبنى المركز بنشاط ويستقل «بوكس» الشرطة ليلا لتنفيذ دوريات أمنية بنفسه، وكان يرد على الضباط والأفراد الصغار عندما يسألونه عن سر إخلاصه فى عمله لهذه الدرجة؟ بـ«أصل حياة الناس مسئولة مننا وإحنا بنعمل عشان نرضى ربنا»، وكان صوت القرآن الكريم هو الصوت الوحيد الذى يملأ جنبات مكتب «السيد المأمور» فلا يدير التلفاز إلا على قراءة القرآن الكريم، وعندما يسمع صوت الأذان يذهب إلى «المصلى» بالمركز، حيث يقف وسط أبنائه الأفراد يؤدى الصلوات.
وعقب هذه المجزرة البشعة أعدت قوات الأمن حملة كبرى للقبض على مرتكبى المجزرة فكان اللواء نبيل فرج أول من وطأت قدمه أرض كرداسة فاغتالته طلقات غادرة.
وأمام جامعة القاهرة سقط طارق المرجاوى، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، بعد أن تلقى مكالمة من قيادة أمنية تخبره بعزم أعضاء الجماعة الإرهابية من الطلاب التظاهر والتعدى على رجال الشرطة بعد الخروج من الحرم الجامعى، حيث أجرى مكالمات مع مفتشى مباحث فرقة الغرب يخبرهم بضرورة الحضور فى محيط الجامعة، وحدد أسماء ضباط المباحث واتفق على حضورهم فى التاسعة صباحا، وبالفعل حضر الشهيد وتفقد الحالة الأمنية سيرا على الأقدام، ثم عاد مرة أخرى إلى مقر الاستراحة الذى استشهد فيه، وجلس بجوار اللواء عبد الرءوف الصيرفى، نائب مدير الأمن لقطاع الغرب وفيما يتابع الشهيد الحالة الأمنية وقع انفجار ضخم هز أركان مبنى الاستراحة الذى كان بجواره، وعندما التفت من هول المشهد، انفجرت القنبلة الثانية لتقضى عليه وتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها.
كما استهدف الإرهابيون العميد لأنه شارك فى فض اعتصام النهضة، وهو من مواليد الفيوم وحاصل على أكثر من 25 فرقة تدريبية متنوعة وفرقة مكافحة الإرهاب الدولى، كما أنه حاصل على فرقة معلم تدريب صاعقة، تولى منصب قائد مركز تدريب ثم قائد كتيبة، ثم مديرًا لإدارة تدريب، ثم مديرا لإدارة عمليات جنوب الصعيد، وعمل فى قطاع البحر الأحمر للأمن المركزى، ثم عمل قائدا لقطاع عمر بن الخطاب بالجيزة، وأخيرا مدير إدارة شئون الخدمة بمنطقة الجيزة الأمن المركزى، ولذلك كان الشهيد مستهدفا، حيث راقبه عناصر ما يسمى «أجناد مصر» ورصدوا تحركاته رغم تغييره لسيارة الشرطة واستقلاله لسيارة ربع نقل خضراء، وزرعوا أسفل مقعده الأمامى قنبلة لتنفجر بشدة ويتحول جسده إلى أشلاء عقب خروجه من منزله بدقائق.
كما نجح الإرهابيون فى اغتيال اللواء محمد السعيد، مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية، فى 28 يناير 2014 أمام منزله بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين فى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، حيث نجح أيضا أعضاء «أجناد مصر» فى رصد تحركاته من خلال مراقبته لقرابة أسبوع وانتظروا خروجه من منزله وأمطروه بوابل من الأعيرة النارية.
كما استشهد الرائد محمد جمال، شهيد تفجيرات ميدان لبنان، التى أطاحت برأسه بعد أن زرع إرهابيون عبة ناسفة على نافذة النقطة المرورية التى يقضى الشهيد خدمته بها.
أما الضابط ضياء فتوح الذى ارتدى بدلته الواقية وتقدم نحو القنبلة رافضا إبطالها بمدفع المياه بسبب قربها من محطة وقود، ورفض هذا الحل لتجنب وقوع كارثة، وقد عمل ضابطا بالأمن العام، وأصيب بطلق نارى فى ظهره أثناء مأمورية أمنية، وطلب نقله إلى إدارة المفرقعات، وحصل على دورات تدريبية عديدة، وشارك فى إبطال العشرات من عبوات الإرهاب عقب عزل محمد مرسى.
ولعل أروع التضحيات عندما استشهد «الضابط الشجاع»- كما لقبه زملاؤه- المقدم محمد لطفى ضابط المفرقعات، وهو يعد أحد أبطال وزارة الداخلية الذى استطاع تفكيك ٥٦ قنبلة حتى استشهد أثناء تفكيك القنبلة رقم 57 بمحيط قصر الاتحادية.