صداع تلال القمامة.. «الحكاية وما فيها»
الأربعاء، 23 يناير 2019 06:00 مابراهيم الديب
تعد القمامة واحدة من أكبر المشكلات التي تواجهها وزارة التنمية المحلية ممثلة في محافظيها على مستوى الجمهورية، والهيئة العامة للنظافة والتجميل، ووزارة البيئة، فالشوارع الرئيسية والميادين ومحيط مؤسسات الدولة، والمدارس، والبوابات الخلفية للجامعات، تحولت بمرور الوقت إلى «مقلب عمومي» يحوي أطنان من المخلفات اليومية للمواطنين، والمحال التجارية.
وأصبحت أغلب الميادين الرئيسية خاصة القريبة من الأحياء الشعبية، والمناطق السكنية، سيطر عليها مشهد أكوام القمامة، تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف، ويتجمع عليها الحيوانات الضالة، والحشرات الضارة، تنقل الأمراض إلى المواطنين، وتعكس مدى إهمال المواطنين في المقام الأول، وأجهزة الحكم المحلي في حل تلك الأزمة.
وبذلت أجهزة الدولة جهودا كبيرة، ومحاولات متعددة لإنهاء تلك الأزمة، إلا أن السلوك اليومي للمواطنين، وحجم مايُنتج عنهم من مخلفات وقف كحائط صد أمام كل تلك المحاولات، فما بين دورية سيارات الهيئة العامة للنظافة في رفع وإفراغ ماحوته الصناديق الموزعة بالشوارع، وأخرى تتجمع أكوام القمامة من جديد، والغريب في الأمر أن هناك نقاط حددتها الجهات المسئولة لتلك الصناديق للتخلص من المخلفات بداخلها، إلا أنه يتم إلقائها في مناطق أخرى، أو خارج وبمحيط مكان تواجد الصناديق.
وليست أزمة القمامة وتلك المشاهد المنتشرة المسيئة وغير الحضارية التي حجبت الشمس عن أعين المواطنين لتلال وأكوام المخلفات بالشوارع بجديدة، فعمرها يمتد لأكثر من 25 عاما، حينما بدأ الاعتماد على الشركات الأجنبية في جمع القمامة والتخلص منها بدلا من جامعيها من المنازل اللذين كانوا يمرون عليها يوميا لجمعها والتخلص منها.
وبعد تزايد حدة الأزمة، بدأ أعضاء مجلس النواب في الشهور القليلة الماضية، إصدار طلبات الإحاطة للحكومة حول تفاقم تلك الأزمة، والتي باتت تؤرق المواطنين، وتزاحمهم في الشوارع والطرقات، في واحدة من محاولات أعضاء القبة لإنهاء الصداع المستمر الناتج عنها، كان آخرها اجتماع لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، برئاسة المهندس أحمد السجيني، آمين عام ائتلاف دعم مصر، بحضور وزير الكهرباء محمد شاكر، ومساعد وزير التنمية المحلية، خالد قاسم، ومستشار وزير التنمية المحلية اللواء حمدي الجزار، ونائب وزير المالية، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة.
وخلال الاجتماع أكدت «فؤاد»، أن ملف القمامة مُعقد للغاية وخلال الفترات الماضية يتم النظر له من منظور مختلف دون تحرك واقعي على الأرض، وهو الأمر الذي اختلف الآن بوجود خطط ورؤى واقعية للمواجهة الحقيقة لهذا الملف، مشددة على ضرورة التعاون والتنسيق بين الأجهزة المختصة في هذا الملف بدلا من أن يعمل كل جهاز بمفرده دون خطط متفق عليها، لافتة إلى أن دور المحافظات ووزارة التنمية المحلية وجهاز تنظيم المخلفات الصلبة، ووحدة التعاقدات «كيان جديد»، والشركة القابضة للقمامة عبارة عن كيان مساعد، وتم الانتهاء من الدراسة الفنية بشأنها، كما تم التنسيق بين كل هذه الأدوار وفق خطة واضحة ، وأيضا جهات التمويل من موازنة الدولة ووزارة الكهرباء التي تقوم بالتحصيل.
كما شهد الاجتماع مناقشة مواد الإصدار بمشروع قانون بتنظيم النفاذ إلى الموارد الأحيائية والأقتسام العادل للمنافع الناشئة عن استخدامها، وإعلان تشكيل لجنة فرعية لدراسة كافة مواد مشروع قانون النظافة بشكل متكامل، وهو المشروع الذي تأتي أهميته لدوره في حماية الموارد الأحيائية المصرية والسماح للغير باستخدامها لأغراض البحث العلمي أو المصالح الاقتصادية، عن طريق إجراءات محددة تضمن تقاسم المنفع، وذلك في إطار إعلان الحكومة إنشاء الشركة القابضة للنظافة، والتي تعتمد على الجمع السكني، بعد انتهاء تعاقد الشركات الأجنبية.
وبات الأمل في التخلص نهائيا من تلك المشكلة معقودا، لاسيما بعد نجاح عددا من مصانع تدوير القمامة بالمحافظات، والتي من بينها مصنع الزقازيق، والذي تمكن من تحويل الأزمة، إلى منفعة اقتصادية تعود على الوطن، حيث أقيم على مساحة 5 أفدنة يعمل فيه 36 عاملا وموظفا، ويستوعب من 300 إلى 400 طن يوميا، لإنتاج السماد العضوى والوقود، ويتم داخله تجميع قمامة مدينة الزقازيق، هو النقطة التى تصب فيها حصيلة التجميع من الشوارع نظام الورديات طوال اليوم، ولاحظنا انتشار النابشين حوله من الذين يسكنون بالمنطقة.
والمصنع الذى لم يكمل عامه الثانى هو شراكة بين المحافظة وأحد المستثمرين، حيث كان المصنع متوقفا لسنوات وبدخول المستثمر قام بتجهيزه وإعادة العمل بانتظام، وإدارته بإيدى العمال المعينة من قبل المحافظة تحت إشراف مهندس الشركة الخاصة، فتم تزويده بأحدث المعدات والآلات فى مجال تدوير القمامة والذى يعمل جميعها بالنظام الآلى الحديث، حيث تقوم آلية العمل داخله على استلام الحمولة اليومية المقررة وهى تتجاوز فعليا 300 طن، من المقلب المجاور لهم إلى داخل محيط المصنع ليتم التعامل لها.
وعن طريقة العمل داخله فتبدأ من البوابة حيث يوجد الميزان، لوزن الحمولات، ليتم وضعها فى منطقة الفحص، ويتم رفعها بواسطة لودارات إلى آلات الفرز ثم نقاط جمع الإنتاج، والمصنع مزود بآلات وخطوط إنتاج تستوعب أكثر من 800 طن يوميا، وهى تستطع أن تتعامل مع مقالب المراكز المجاورة وليس الزقازيق فقط.
ويضم المصنع 3 خطوط إنتاج، كل خط به رافعة تستقبل القمامة، إلى الغربال وهو مزود بعدد من المعدات الحديثة والتى تكون مهمته عزل المواد الصلبة عن المخلفات العضوية وأسفل كل خط يوجد 2 سير، سير للمواد الصلبة والسير الثانى للمخلفات العضوية، ليتم تجميع كل نوع بعد ذلك، وتبدأ المحلة الأخيرة، وتقوم على معدات أحدث أيضا لتجميع السماد العضوى الذى تتسلمه المحافظة، بينما " DRF " أو القمامة المستخلصة، يتم تجميعها للإستخدمها فى توليد الوقود والتى تتم بالمصنع الثانى بالعين السخنة، بطاقة إنتاج يوميه تتجاوز 25 طن منها 180 طن سماد.
من جانبه أكد اللواء هشام الطويل، رئيس مركز ومدينة الزقازيق، أن مشكلة القمامة هى أزمة تؤرق المواطن، والمسئول، أنه يضع على أجندة أولوياته فى العمل، التخلص من هذه المشكلة، مضيفا أن عمليات الجمع تتم من خلال 3 ورديات تصل إلى أربعة ورديات على مدار اليوم، لتجميع القمامة والاستفادة منها، آلية العمل تهدف إلى تطوير الإدارة المتكاملة لإدارة المخلفات بالمحافظة، والذى يوضح الكميات المتولدة من المخلفات يوميا ونسبة التخلص العشوائى منها والجمع الأولى ونظافة الشوارع فى الريف والمدن ثم التخلص الأمن منها من خلال المدافن الصحية.
بينما أوضح الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، أن منظومة إعادة تدوير القمامة تانى فى إطار اهتمام الدولة للقضاء على مشكلة المخلفات والتى تضعها القيادة السياسية على أولويات أجندة الاهتمام الوطنية، وذلك من خلال تنفيذ منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات، مضيفا أنه عن أصدر ثلاثة قرارات تخصيص لقطع ارضى بمساحات مختلفة لإقامة مصانع تدوير بها، كما قامت وحدة التدخل البيئى السريع خلال شهر ديسمبر الماضى برفع ٦٤٢٨م٣ قمامة ومخلفات بناء من المقالب العشوائية المنتشرة بمراكز «ههيا- القنايات- أولاد صقر- منيا القمح- فاقوس- الإبراهيمية - الحسينية - كفر صقر».