ظاهرة بدأت تتكشف ملامحها خلال السنوات الأخيرة الماضية، أكدت أن هناك معدومي ضمير، يتاجرون بآلام المرضى، ويسعون إلى تحقيق «الربح الحرام» على حساب أجسادهم، غير عابئين بما يتعرضون له من معاناة، فلايشغلهم سوى «السبوبة»، ولاينظرون إليهم إلا باعتبارهم سلعة رخيصة لا أهمية لها، حتى باتت الأدوية هي الطريق إلى نهاية
العديد من الشركات الوهمية ومصانع «بير السلم» اجتمعت على الجسد المنهك بالأمراض كالغربان لمص دماء صاحبه وملئ بطونهم بالثروات المحرمة، وباتت تجارة الأدوية المغشوشة، ومنتهية الصلاحية، أحد أبرز العقبات التي تواجه أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة الصحة في الأونة الأخيرة، لاسيما وأنها انتشرت وتعددت أشكالها بشكل كبير وتهديدها لحياة الإنسان والحيوان على حد سواء.
مافيا الأدوية المغشوشة، على إعلانات القنوات التليفزيونية غير الشرعية، وصفحات السوشيال ميديا في الترويج لمنتجاتهم، مخاطبة جهل وحاجة المريض، وتنوعت مابين أدوية لها قدرة السحر على الشفاء من الأمراض المستعصية، وأخرى لإنقاذ الوزن في وقت قياسي، وغيرها مما يتابعه الملايين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وشاشات التليفزيون.
وتستحق تلك الكارثة الوقوف أمامها ودق ناقوس الخطر، تحذيرا من زيادة حدة انتشارها كونها أزمة تقع بالعبء على كاهل الفقراء وتزيد من العقبات التي تواحه الدولة، حيث أنها تتزايد يوميا مع زيادة نسبة المرضى وأعدادهم، كما أنها ظاهرة عالمية وليست محلية ، فهي نشاط إجرامي منتشر في كافة دول العالم، وتهدد عموم البشر.
منظمة الصحة العالمية كانت قد دعت رسميا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وعاجلة لمكافحة الأدوية المزيفة التي بدأت تأخذ أبعاداً وبائية حيث تمثل الأدوية المغشوشة حوالي 10% من تجارة الأدوية علي الصعيد العالمي حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
فيما يتعلق بجهود مكافحة تلك الظاهرة، بدأت وزارة الصحة والسكان، في اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين الأسواق من الأدوية المهربة والمغشوشة التى تمثل خطرا كبيرا على الصحة العامة للمواطنين، وذلك من خلال البدء في طباعة الباركود على العلب الدوائية مع نهاية العام الحالي، كما تسعى إلى استكمالاً تطبيق منظومة التتبع الدوائي مع جميع المصانع والشركات، حرصاً على توفير المستحضرات الصيدلية بالجودة والأمان والفعالية، من خلال طباعة الباركود ثنائي الأبعاد 2Dعلى العبوات الخاصة بعدد مستحضر واحد على الأقل من المستحضرات الخاصة بكل شركة أو مصنع وذلك قبل نهاية العام الجاري.
وأعلنت الإدارة المركزيه للشئون الصيدلية بوزارة الصحة والسكان، أن إدارة التفتيش وبتكليف من هيئة الرقابة الإدارية ضبطت مكتب علمى لشركة مكملات غذائية بدون ترخيص تقوم بإعادة التغليف والتعبئة لمكونات أدوية بدون ترخيص لأصناف مسجلة.
ومن جانبه بدأ البرلمان وضع تلك القضية على رأس أولويات المشكلات التي تستدعي القضاء عليها للحفاظ على حياة المواطنين من الإضرار العمدي الناتج عنها، وحذر أعضاء مجلس الشعب من مافيا الدواء مطالبين بضرورة تغليظ العقوبة لتصل إلى السجن 10 سنوات، وغرامة مالية تصل إلى مليون جنيه، وضرورة تفعيل الباركود للأدوية، وتتبع الجريمة، وعدم توقيع العقوبة على الموزع فقط، مع ضرورة تفعيل قانون تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية كما ينبغى.
وفي هذا الصدد قال النائب أيمن ابو العلا، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، ومقدم مقترح بشأن تشديد العقوبات على جريمة غش الأدوية، إن الغش يمثل جريمة تهدد صحة المصريين ولابد من تغليظ العقوبة وتطبيق نظام التتبع الثلاثى ومعاقبة كل الأطراف المشتركة فى هذه الجريمة.
وأوضح أن القضاء على هذه التجارة يتطلب عددًا من الخطوات،أولها تغليظ العقوبة بالإضافة لخاصية الباركود وإنشاء "أبلكيشن" ليسهل على المواطنين إدخال الباركود لمعرفة تاريخ إنتاج الدواء والشركة وكافة التفاصيل المتعلقة بالدواء وأن يكون لدى الصيدلى أيضًا خاصية التتبع، وأخيرًا تتبع خط الإنتاج لتشمل العقوبة المصنع لهذه الأدوية المغشوشة وعدم معاقبة الموزع فقط كما يشير القانون الحالي.
ولفت «أبو العلا»، لأن المقترح تضمن عددًا من العقوبات تشمل الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه أو ما يُعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كما عاقب الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنية ولا تزيد عن 600 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
وأوضح النائب طارق متولى، أن وسائل التواصل الاجتماعى وبعض القنوات اصبحت منصات لعرض الأدوية المغشوشة وتداولها وهذا الامر يتطلب محاسبة القائم على هذه القوات وزيادة الوعى المجتمعى للمواطنين لسهولة كشف هذه الأدوية ومنع تداولها، محذرًا من تداول المكملات الغذائية التى يتم تصنيعها فى مصانع بئر السلم ومنها لعلاج فيروس سى و المناعة.
وفي نفس السياق قال النائب خالد هلالى، إن هذه الأزمة تتطلب رقابة صارمة وتغليظ عقوبة فى نفس الوقت، خاصة على بعض مخازن الأدوية العشوائية و والغير قانونية التى ساهمت فى انتشار الأدوية المغشوشة على الرغم أن بعضها مرخصة من وزارة الصحة، ولكن لأسباب تتعلق بالضمير يلجأ البعض للاتجار فى هذه الأدوية المغشوشة لتحقيق مكاسب خيالية علي حساب المريض المصري .
وطالب عضو مجلس النواب، بوضع خطة للتصدى للأدوية المهربة والمنتهية الصلاحية، وذلك من خلال توقيع بروتوكول تعاون مع نقابة الصيادلة على جمع الأدوية المنتهية الصلاحية من السوق المصرى، مشددًا على ضرورة تفعيل القانون رقم 206 لسنة 2017 الخاص بإصدار تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، الذى وافق عليه مجلس النواب في السابق .
على الرغم من زيادة المطالبات بتغليظ العقوبة ضد مافيا تجارة الأدوية المحرمة، فهل تفلح كل هذه المحاولات في القضاء علي هذه الظاهرة المميتة ؟