قصة منتصف الليل.. «تيسير» حكمت على طفلها بالموت من أجل «شمة»
الأحد، 20 يناير 2019 10:00 م
خرجت «تيسير» من غرفة العمليات وهي بين الحياة والموت، تشعر وكأنها تتلفظ أنفاسها الأخيرة لتقف أمام محكمة بداخلها لا يدرى بها أحد سواها، ولم تجد من يدافع عنها ولا يحكم بالعدل، فقد حكت بالفعل على نفسها في لحظة دون تفكير وشعرت بأن نتيجة حكمها سيسقيها العذاب فيما هو آت.
فبدأت تفكر فى زواجها من الشاب الذى أحبته بجنون واكتشفت بعد الزواج أنه يتعاطى المخدرات بأنواع مختلفة لعل أبرزها الهيروين وعندما حاولت ابعاده عن هذه المخدرات وجدته يتحول إلى شيطان رجيم يبث فى أذنيها سمومه لتدخل معه عالمه الكارثى، وبعد عدة أشهر استجابت لدعواته الشيطانية وتعاطت المخدر ومع الوقت أدمنته ورسخت حياتها مقابل «شمة»، ولكن المفاجأة وقعت عليها كالصاعقة عندما علمت بخبر حملها وخطورة المخدرات على الجنين فحاولت بطرق عديدة الابتعاد عن هذا الطريق ولكنها لم تفلح، فكيف تفلح وسموم زوجها زرعت بداخلها.
وبعد مرور شهرين أخبرها الطبيب بخطورة أفعالها وأنها ستنجب طفل مشوه أو قد يموت قبل أن يولد وأوضح لها مدى خطورة إدمانها على طفلها، وعندما ذهبت لإخبار زوجها بالأمر أقنعها كعادته بالتخلى عن أى شئ قد يفسد حياتهما الوهمية ويخرجهما من دائرة الإدمان وأكد لها ضرورة التخلص من الجنين معللا ذلك بخوفه على طفله المستقبلى بدلا من مساعدتها على التخلص من إدمانها وعلاجها من سمومه، وبعد تفكير دام لأيام تخلله نبرات زوجها فى أذنيها قررت المثول أمام رغبته والتخلص من الجنين بالفعل.
توجهت «تيسير» لإحدى المستشفيات الغير رسمية وطلبت إجهاض الجنين وهنا بدأت رحلتها فى إنهاء حياة طفلها قبل أن يرى النور، لتنهى براءته وهو لا يد له في أفعالها ولا سموم والده الذى لم يراه، فأغلقت عينيها واستسلمت لقرارها، وما إن خرجت من غرفة العمليات وشعرت كأنها فقدت متاع الدنيا وملاذها، فقد حكمت على طفلها بالإعدام قبل أن تحتضنه، تعرضت لمخاطر العملية الجراحية وتحملت آلامها وكل ذلم من أجل الحفاظ على «شمة».
وفى الوقت الذى تعاتب فيه «تيسير» نفسها على الجرم الذى ارتكبته استمعت لصوت طفل حديث الولادة فنظرت بعيون مليئة بالدموع لتجد سيدة بالغرفة المجاورة لها بالمستشفى تخرج حاملة طفلها وسط زغاريد الأهل وفرحتهم بوصول الطفل المنتظر، وتسير به بخطوات هادئة دليل على تعبها من آثار الولادة وعيناها مليئة بالدموع ولكن دموعها اختلفت عن دموع «تيسير» فهى دموع الفرحة برؤية طفلها فى الوقت الذى تبكى فيه «تيسير» دموع الحزن والأسى وفراق فلذة كبدها بقرارها القاسى.