مؤتمر بولندا ورقة أمريكا الأخيرة لتغطية عورتها في المنطقة.. وباحث: واشنطن فاشلة
الثلاثاء، 15 يناير 2019 04:00 م
هناك تخبط واضح في قرارات الإدارة الأمريكية، وأرجع البعض الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من سوريا إلى هذا التخبط، سواء لدى دول الشرق أو لدى قيادات داخل البيت الأبيض.
طه علي أحمد، الباحث في الشأن الإيراني، قا إن إدارة ترامب تُعيد النظر في التوجهات الاستراتيجية خارج حدودها ليس في سوريا والعراق فقط، بل في أفغانستان أيضًا، حتى أنه وفي الفترة الأخيرة هناك مفاوضات تجري ما بين طالبان والولايات المتحدة، تعكس المأزق الذي تعاني منه السياسة الخارجية الأمريكية بشكلِ عام وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
تعارض سياسات أوباما وترامب في موقف الولايات المتحدة من إيران
يرى طه علي أحمد أن هناك اختلافات بين سياسات أوباما وترامب تجاه إيران، ويرى أن أوباما حينما استعصى عليه حل القضية السورية بسبب الحضور الروسي الكثيف فيما بعد 2014 و2015 حتى اليوم، أدرك تمامًا صعوبة واستحالة تفرّد الولايات المتحدة بحل القضية سواء السورية أو اليمنية أو أي قضايا تخص الشرق الأوسط، الأمر الذي دفع اوباما إلى التفاوض والحوار، والذي انتهى للتوصل إلى عقد الاتفاق النووي 2015 والذي اختلفت معه إدارة ترامب الحالية – وهم الرافضين بشدة قرارات أوباما السابقة- والرافضين للوجود الإيراني في المنطقة، والاتفاق النووي وعلى رأسهم وزير الخارجية مايك مومبيو.
يرى طه علي أن الولايات المتحدة تسعى لتكتل أو لحفظ ماء وجهها بعد ما نراه نحن بهزيمة للسياسة الأمريكية في المنطقة، وبالتالي ترغب قبل خروجها من سوريا في محاربة تنظيم داعش وإيران بأيادي العرب ودول المنطقة حتى تخرج هي بسلام.
مايك بومبيو
لعبة السياسة الأمريكية في سوريا.. من الخاسر والكاسب منها؟
يقول «علي» إن الأكراد هم الخاسر الأول من قرار الانسحاب الأمريكي -أو ما تزعمه الولايات المتحدة- لأن الأكراد راهنوا مرارًا على الدعم الأمريكي في مواجة تركيا ومحاربة داعش في سوريا، وكان من الطبيعي أن يجدوا أنفسهم «في العراء»، بعد رفع الدعم وهو مايبدو تخليًا أمريكيًا، فالأكراد اليوم يلجأون إلى إيران ونظام بشار الأسد في إطار تفاوضي باعتبار «أننا سنحارب معكم تنظيم داعش مقابل حمايتنا من الضربة المحتملة الموجهة إلينا التي تعد لها أنقرة».
أما الكاسب الأول من القرار هو لا شك «إيران وتركيا وروسيا» هذه الأطراف تجد الساحة قد فُتحت لها بعد قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا باعتبار أنقرة اصبحت تفكر في أنها ستتحرك كما تشاء في سوريا، وإيران أيضًا، أي أن عقبة الولايات المتحدة ستزول بموجب هذا القرار.
تغير وجهات النظر العربية تجاه سوريا
الأمر ترتب عليه إعادة النظر التي تقوم بها الدول العربية تجاه سوريا ونظام بشار الأسد ، يقول "علي"، بمعنى أن الإمارات أعلنت إعادة فتح سفارتها بعد 8غلق سنوات في سوريا، والبحرين تتبعها ومن المحتمل أن تقوم الرياض أيضًا ومصر تعيد النظر حتى أن هناك حديث عن إحتمالات عودة سوريا إلى مقعدها في مجلس الأمن .. بالتالي بات الأمر واضحًا للدول العربية وضرورة احتواء دمشق، حتى أصبحت الدول العربية فاعلاً مهمًا جدًا في إطار الصراع وخاصة بعد إعادة الأمريكان للنظر تحت مظلة "أمريكا أولاً" التي يتبناها الرئيس الحالي دونالد ترامب.
من هنا باتت الدول العربية مخولة أن تكون هي صاحبة مبادرة احتواء دمشق، خاصةً بعد إدراكهم المحور المزعوم الذي يسعى إليه «مومبيو» بموجب خطابه في جامعة الدول العربية.
مؤتمر بولندا فبراير المقبل: فشل أمريكي في حل الصراع
هناك حديث حول مؤتمر بولندا الذي سيعقده بومبيو في منتصف فبراير المُقبل، يرى الباحث الإيراني أنه يعني ويؤكد فشل الطرح الأمريكي والرؤية الأمريكية لحل الصراع، فإذا كانت واشنطن تسعى لحشد تحالف من مصر في ضوء خطاب بومبيو، أي تدعو في الوقت نفسه إلى تحالف إقليمي تقوده، فما ضرورة هذا المؤتمر الدولي الذي تسعى واشنطن عقده في بولندا ؟ هذا يؤكد ضمنًا على احتمالات فشل جهود أمريكا في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي فإنها تلجأ إلى مؤتمر دولي.
ويبدو هذا واضحًا بعد جولات «بومبيو»، إلى 8 دول عربية منها 6 دول خليجية، ومن قبله جون بولتون مستشار الأمن القومي في زيارته لاسرائيل ثم تركيا، ودول المنطقة حتى يقنع دول الشرق بما يخص رؤية ترامب بشأن الإنسحاب، أو لتحقيق ضمانات للأكراد من جانب الأتراك.. لكن نظرًا للتخبط الذي تعاني منه الإدارة الأمريكية خرج علينا متحدث باسم الرئاسة التركي ومن بعده إردوغان نفسه يتحدثون بلهجة تهديد خشنة في التعامل مع ما يعتبره الأمريكان «تطمينات للأكراد»، من خلال الجولات الأمريكية في الشرق.
يؤكد علي، أن الدول العربية اليوم اصبحت على دراية بموقف الضعف الذي تعاني منه واشنطن في منطقة الشرق الاوسط وبالتالي الجهود الأمريكية في المنطقة في الفترة الأخيرة، فالعواصم العربية تُدرك حجم الانقسام في الإدارة الأمريكية وحجم التخبط في الرؤى الأمريكية، ما دفع دول مصر والسعودية في التفكير الجاد في تبني موقف عربي موحّد يتمثل في إعادة النظر في فتح السفارات الإماراتية في دمشق، ومصر أيضًا تعيد دومًا على رؤيتها في فكرة الحل السياسي وليست الحل العسكري بعيًدا عن سياسة المحاور والتحالفات، أما البحرين تحظو حظو الإمارات والسعودية والاطراف العربية جميعها باتت تتغير رؤيتها.