الفكر الاستثماري لوزير الآثار!!
الإثنين، 14 يناير 2019 09:33 ص
كنت دائما اكتئب بعد زيارة الأهرامات رغم أن الهدف من الزيارة هو الترفيه والسعادة والشعور بالفخر بأنني احمل جنسية هذه الدولة العريقة صاحبة تاريخ وحضارة سبعة آلاف عام.
وسبب الاكتئاب هو سوء الخدمات وأيضا التصرفات التي تحدث حتى قبل دخول المنطقة من «السياس» ثم أصحاب الجمال والخيالة والحناطر والمتسولين أفعال لا تليق بتاريخ مصر ولا بعبقرية المكان لقد قمت بزيارة مناطق أثرية كثيرة في دول عديدة لا ترقى إطلاقا إلى مستوى آثارنا ولم أشاهد مثلما يحدث عندنا.
لذلك سعدت بقرار الدكتور خالد العناني وزير الآثار إسناد الخدمات بمنطقة الأهرامات إلى شركة «اورسكوم» لإدارتها وحسب البيان الصادر من الوزارة فإن التعاقد يشمل التسويق والترويج للمنطقة وتشغيل ساحة انتظار الحافلات خارج المنطقة الأثرية أمام المدخل الجديد الواقع على طريق الفيوم، حيث سيمنع دخول السيارات والأتوبيسات السياحية داخل المنطقة الأثرية.
مع قيام الشركة بتوفير وتشغيل وصيانة وسائل انتقال للزائرين داخل المنطقة، 30 أتوبيسا و20 عربة تعمل بالكهرباء والطاقة صديقة للبيئة للحفاظ على المنطقة الأثرية، كما تقوم الشركة بتشغيل وصيانة الخدمات المقدمة بمركز الزوار الجديد بمدخل الفيوم الجديد والذي يضم مجموعة من المحال والكافيتريات وقاعة عرض سينمائي، ويخضع محتوى الأفلام المعروضة لإشراف المجلس الأعلى للآثار.
كما تقوم الشركة بتزويد المنطقة بعدد 20 دورة مياه متنقلة، ومركز طبي متنقل للزائرين، مع استحداث خدمات الوجبات السريعة والمأكولات والمشروبات بالمنطقة في الأماكن التي يحددها ويوافق عليها المجلس الأعلى للآثار، واستحداث أنشطة ترفيهية أمام ساحة انتظار المدخل الجديد بطريق الفيوم.
كما تقوم الشركة بتنظيم والترويج للفعاليات بعد التنسيق مع المجلس الأعلى للآثار، واستحداث وسائل خدمات عالية التقنية للزائرين مثل الواي فاي، وخدمات رقمية كدليل للزوار وتطبيقات هاتفية، وطباعة وتوزيع خرائط إرشادية للزائرين، وتقديم خدمات مميزة لكبار الزوار، مع استحداث أكشاك تصوير ورسم للزائرين.
وتلتزم الشركة بالتعاقد مع شركة نظافة خاصة، وشركة أخرى لتأمين أماكن خدمات الزائرين فقط، مع استمرار وزارة الداخلية وأمن المجلس الأعلى للآثار وحدهما بتأمين الموقع العام.
وزير الآثار يريد أن يفعل ذلك أيضا مع المتحف الزراعي بالدقي التابع لوزارة الزراعة وليته يفعل ذلك مع كل المتاحف المصرية والمناطق الأثرية وإدرتها بفكر القطاع الخاص الاستثماري حتى تكون إضافة حقيقية للناتج القومي وتحقق المأمول منها لأن بعض هذه المتاحف للأسف الشديد لا يحقق حتى أجور موظفيه ويمثل عبئا على الموازنة العامة.
هي خطوة مهمة وجريئة من وزير الآثار يستحق عليها التحية والتقدير ولذلك استغربت من هجوم البعض عليه بسبب هذا القرار.. فمنطقة الأهرامات كانت مهملة من عشرات السنوات ولم يتحرك احد للمطالبة بتطويرها وفجأة حينما جاء وزير شجاع يفعل ذلك يتعرض للهجوم بدلا من الدعم والمساندة،.
عجبني أيضا منطق الوزير حينما قال انه ليست مهمة الدولة الإدارة ولكن الرقابة والتنظيم والحماية وتوفير مناخ المنافسة ومنع الاحتكار وأتمنى أن يكون هذا هو فكر الوزراء وان يتم حصر كل أصول الدولة المهدرة أو الخاسرة وإسنادها إلى القطاع الخاص لإدارتها تحت إشراف الحكومة وسوف تتحول الخسائر إلى أرباح والفشل إلى نجاح والإخفاقات إلى إنجازات.
في ليلة رأس السنة من كل عام أصاب بحسرة حينما أشاهد احتفالات العالم بهذه المناسبة وخاصة عند برج خليفة (الخرساني) الذي يتجمع حوله سائحين بمئات الآلاف للاحتفال بميلاد العام الجديد تستفيد منهم خزينة إمارة دبي بالمليارات وكنت ومازالت أتمنى أن أشاهد مثل هذه الاحتفالات في منطقة الأهرامات وعند برج القاهرة وأتوقع ذلك مستقبلا بعد مشاركة القطاع الخاص في إدارة المناطق الأثرية.
ما فعله وزير الآثار سوف يحقق أكثر من فائدة منها حسن استغلال المنطقة وتحقيق موارد كبيرة للدولة وأيضا القضاء على الظواهر السلبية وتحسين الخدمات وعمل دعاية وتسويق دولي للمنطقة من شركة محترفة فالقطاع الخاص مدير ناجح وتحيا مصر.