وفى الكتاب يتناول مصطفى بكرى بالرصد والتحليل الأحداث التى شهدتها البلاد فى تلك الفترة، وذلك من خلال اللقاءات والمقابلات التى شارك فيها أو كان أحد أطرافها، على حد قوله فى الكتاب.
ويقول مصطفى بكرى فى مقدمة الكتاب "إن أحدا لا يستطيع أن يجزم بأن خروج الجماهير الحاشدة التى راحت تندد بالفساد والاستبداد كان مؤامرة على الدولة، بل كان ثورة حقيقية على أوضاع مجتمعية أثارت غضب قطاعات واسعة من الجماهير، غير أن ما شهدته البلاد بدءا من الثامن والعشرين من يناير من اعتداءات على الشرطة وإحراق منشآت الدولة والاعتداء عليها ومحاولة الاصطدام بالجيش لم يكن سوى مؤامرة استهدفت تمزيق الخرائط، وإسقاط الدولة، وصناعة الوهم وجعلها واقعا.
ويقول مصطفى بكرى "لقد عاشت مصر بعد رحيل الرئيس الأسبق (حسنى مبارك) عن الحكم ما يمكن تسميته بالحرب الناعمة أو (الجيل الرابع من الحروب) هذه الحرب التى استهدفت تغيير القناعات وضرب الهوية الوطنية وأخذ الشعب المصرى إلى حافة التوترات المفتوحة، التى استعانت بعناوين خادعة، فأسفرت عن نتائج متوحشة، استهدفت إسقاط المؤسسات، وإلغاء الانتماءات والموروثات، وسيادة الفوضى فى البلاد".
يرى مصطفى بكرى فى الكتاب "أن هذه الحرب نجحت فى قلب الحقائق وتزييف الوقائع وتبديل المفاهيم، واستدراج الغرائز الدينية والمذهبية والعرقية والسياسية والاجتماعية".
وأشار إلى أن إهداء الكتاب كان موجها إلى "المشير حسين طنطاوى الذى تصدى وتحمل وتألم فى صمت، معليا مصلحة الوطن، مدافعا عن كيان الدولة، حتى اللحظة الأخيرة"، ويرى الكتاب أن المشير طنطاوى كان واعيا بحقيقة المخطط الذى كان يهدف لهدم مصر، الذى أطلق عليه "الشرق الأوسط الجديد"، والذى استهدف تفتيت المنطقة وإعادة رسم خرائطها الجغرافية والعرقية والطائفية ومحو هويتها الوطنية والقومية.
ويذهب الكتاب إلى أن الهدف من وراء هذا المخطط هو إحداث أكبر عملية "إنهاك" تدفع إلى حدوث صدام مجتمعى، ينتهى به المقام إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس بعد حدوث اجتباحات فكرية وسياسية وثقافية تفقد الجسد مناعته وحصانته وقدرته على المواجهة.
ومن الموضوعات التى يتوقف عندها الكتاب فى القسم الأول ما يسميه ببداية الأحداث، وفيه يؤكد أن الدولة كانت على علم بتحركات 25 يناير وأن رد الفعل والاهتمام بالأمر قد اختلف من مؤسسة إلى أخرى.
ويرى مصطفى بكرى أن اختيار ميدان التحرير لم يكن عشوائيا بل كان المخططون يعرفون أنه نقطة التقاء بيم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
ويتتبع مصطفى بكرى فى الكتاب أحداث الأيام بالتفاصيل، ويرصد بدايات ظهور جماعة الإخوان فى هذه التظاهرات، ويقول "فى هذا الوقت، كانت جماعة الإخوان قد كلفت عددا من عناصرها بالاستعداد لمقابلة عناصر حماس وحزب الله التى بدأت فى التسلل من قطاع غزة لتنفيذ بعض المهام المكلفة بها، وبالفعل نجحت هذه القوات فى الدخول إلى سيناء عبر الأنفاق التى تربطها مع قطاع غزة".
ويقول الكتاب "إنه فى تمام الساعة الرابعة من صباح السبت 29 يناير 2011، توجهت العناصر المتسللة ومعهم بعض عناصر البدو إلى الطريق الدولى الساحلى المؤدى من رفح إلى مدينة الشيخ زويد، واشتبكت معها قوات الأمن المصرية من الرابعة إلى التاسعة من صباح نفس اليوم، غير أن قوة النيران والأسلحة المتقدمة التى كانت بحوزة العناصر التى قيل إنها بلغت (800) مقاتل مكنتهم من إنجاز مهمتهم فى إحراق أقسام شرطة رفح ورابع العريش والقسيمة والشيخ زويد وتدمير مكتب أمن الدولة فى رفح والشيخ زويد، كما قامت أيضا بتفجير أحد خطوط الغاز التى تمر عبر سيناء باتجاه إسرائيل.
وبعد أن نجحت هذه المجموعة فى نشر الفوضى وإفساح الطريق أمامها، قامت بتقسيم نفسها إلى ثلاث مجموعات، تحركت باتجاه محافظات القاهرة والقليوبية والبحيرة عبر محافظة الإسماعيلية، متجهة إلى سجون وادى النطرون وأبو زعبل والمرج وغيرها لاقتحامها وتحرير عناصر حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المتواجدين فيها.
كما يحكى الكتاب محاولة اغتيال عمر سليمان بعد اختياره نائبا للرئيس، حيث استأذن "سليمان" فى الذهاب إلى مكتبه فى جهاز المخابرات العامة حتى يجمع أوراقه، وبالفعل عندما ذهب إلى مكتبه، تلقى اتصالا من سكرتارية الرئيس، بأن الرئيس يطلبه على نحو عاجل، وبالفعل سارع عمر سليمان إلى ترك مكتبه والتحرك إلى السيارة، وعندما سئل فى هذا الوقت من المختصين عن السيارة التى سيركبها، قال "سأركب السيارة التى حصلت عليها من رئاسة الجمهورية كنائب للرئيس" وليست السيارة الأخرى التى كان يستخدمها خلال عمله رئيسا لجهاز المخابرات العامة، وعندما وصل عمر سليمان إلى مستشفى كبرى القبة، فوجئ بإطلاق نار على السيارة التى رفض أن يركبها ما أدى إلى مقتل السائق وإصابة موظف الأمن الذى كان بجانبه.
يستمر الكتاب فى استعراض معلومات مهمة فى هذه المرحلة وما بعدها تتعلق بمعركة الجمل وملابساتها، وتنحى الرئيس مبارك وما تبعه من فوضى، وموقف القوات المسلحة من ضبط النظام، واختيارات الحكومات، وصولا إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية عندما وجد الشعب المصرى نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما شفيق أو مرسى.
وفى الجزء الثانى المسمى بـ (زمن الإخوان) يقول الكتاب إنه خلال الفترة من 30 يونيو 2012 إلى 3 يوليو 2013 عاشت مصر فترة تاريخية صعبة، شاعت فيها الفوضى، وتآكلت فيها المؤسسات، وحلت فيها "الجماعة الإرهابية" محل الدولة، ولم يكن الرئيس فيها سوى مندوب للإخوان، يحكم بتعليمات مباشرة من مكتب الإرشاد، ولا يستطيع أن ينفذ إلا ما يملى عليه، لقد تعرضت البلاد فى هذه الفترة إلى مشاكل وصدامات، وأزمات عديدة منذ اليوم الأول لوصول "محمد مرسى" إلى سدة الحكم، حيث سعت الجماعة إلى تقويض الإعلان الدستورى والهيمنة على القضاء والتفريط فى الاستقلال الوطنى والسعى إلى تغيير هوية الدولة والوطنية وتفتيتها.
ويرى الكتاب أنه منذ البداية تصدت مؤسسات الدولة وتحركت جموع الشعب المصرى لمواجهة المخطط، فكانت التظاهرة الأولى بعد ثلاثة أسابيع من حكم جماعة الإخوان، وتحديدا خلال تشييع جثمان اللواء عمر سليمان فى 22 يوليو 2012، حيث شهدت المظاهرة رفع شعار "يسقط حكم المرشد" للمرة الأولى أعقبتها مظاهرات 24 أغسطس، ثم أحداث الاتحادية فى 4 ديسمبر 2012 وما تلاها.