المشهد السياسي الأمريكي متوتر.. هل أصبح الأمن أولوية ترامب؟
الجمعة، 11 يناير 2019 01:00 م
«يمكننا استدعاء حالة الطوارئ لحماية أمن بلادنا».. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى خطابه أمس، تعليقا على موقف الديمقراطيين، الذين يهيمنون حاليا على مجلس النواب، تجاه تمويل الجدار الذى يسعى لبنائه على الحدود مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين، وهو ما يمثل نقلة نوعية ليس فقط فى إطار الأزمة بين الكونجرس بتشكيله الجديد من جانب والبيت الأبيض من جانب أخر، ولكن ربما فى العديد من القضايا التى تمثل هاجسا للرئيس ترامب، فى ضوء ما يواجهه من حملات شرسة تتبناها المعارضة الديمقراطية منذ انتصاره التاريخى على منافسته هيلارى كلينتون فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى عقدت فى نوفمبر 2016.
حديث الرئيس الأمريكى عن إعلان حالة الطوارئ تمثل الورقة الأخيرة بالنسبة له، حتى يتمكن من تمويل الجدار المثير للجدل، متجاوزا موافقة الكونجرس الأمريكى، خاصة وأنه يعتبر أن الحدود المفتوحة تمثل تهديدا صارخا للأمن القومى الأمريكى فى ظل احتمالات تسلل عناصر إجرامية وتجار مخدرات إلى الداخل الأمريكى، وهو ما سبق وأن عبر عنه فى العديد من المناسبات، متهما رافضى مشروعه، من أعضاء الحزب الديمقراطى، بتجاهل أمن الأمريكيين، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان إعلان حالة الطوارئ هو بمثابة السلاح الذى سوف يستخدمه الرئيس لمجابهة الأغلبية الديمقراطية بالكونجرس فى كافة القضايا فى المرحلة المقبلة.
إعلان الرئيس الأمريكى عن احتمال قيامه بفرض حالة الطوارئ لتمرير قراره المتعلق بالجدار، فى خطاب للأمة، أمس الثلاثاء، يمثل انعكاسا صريحا لثقته الكاملة فى تعاطف الأغلبية العظمى من الأمريكيين مع رؤيته، والتى كانت سببا فى فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خاصة وأن التدفق الكبير للمهاجرين إلى الأراضى الأمريكية لا يقتصر فى تداعياته على التهديدات الأمنية المترتبة عليه، وإنما يمتد كذلك إلى الجانب الاقتصادى، فى ظل مزاحمة هؤلاء المهاجرين للمواطنين فى فرص العمل والمزايا والخدمات التى تقدمها الحكومة لهم فى مختلف المناحى.
ولعل التوقيت الذى اختاره الرئيس الأمريكى للتلويح بإعلان حالة الطوارئ لتمويل الجدار العازل يبدو مثاليا إلى حد كبير، خاصة وأنه يبقى الحل الوحيد المتاح لإنهاء الإغلاق الجزئى للحكومة، والذى تسبب فى فقدان عدد من المواطنين لوظائفهم، حيث جاء قرار الإغلاق الذى اتخذه ترامب متزامنا مع عطلة عيد الميلاد والعام الجديد، وبالتالى مازال لم يشعر المواطنون بتداعيات مؤلمة للقرار على حياتهم اليومية أو على الاقتصاد بشكل عام.
ولكن يبقى لجوء الرئيس ترامب إلى عصا الطوارئ لمجابهة الأغلبية بالكونجرس، مخالفا إلى حد كبير مع الأعراف الديمقراطية التى طالما تشدقت بها الولايات المتحدة، بل وكانت سببا رئيسيا فى تدخلها فى شئون الدول الأخرى خلال عقود طويلة من الزمن، خاصة وأن الخطوة ربما تمثل بداية لخطوات وإجراءات أخرى من شأنها إعادة تشكيل المشهد الأمريكى، على مختلف الأصعدة، سواء سياسيا أو إعلاميا، فى ظل استهدافه المتواتر من قبل العديد من منظمات المجتمع المدنى والمنصات الإعلامية المدعومة من قبل المعارضة الديمقراطية.