قصة منتصف الليل.. «هشام» أب تحول إلى «عمو» بعد الطلاق
الأربعاء، 09 يناير 2019 10:26 مإسراء بدر
مكث «هشام»، يلتفت هنا وهناك، يترقب وصول القطار المنتظر، ومع وصول كل قطار يبحث بعينيه في وجوه المارة إلى جواره عن زوجته التي وعدته بالوصول في هذا التوقيت بصحبة ابنته بعد سنوات من البعد وانقطاع التواصل لانفصالهما بالطلاق، وقرار الزوجة اللجوء للإقامة مع أهلها في إحدى المدن الساحلية ورفضت إعطاءه فرصة الاطمئنان على طفلته واتخذ المحاكم طريقه في الحصول على حقه في رؤية الطفلة، وبعد سنوات من الإجراءات القانونية المعقدة استطاع الوصول إلى قرار من المحكمة بأحقيته في الرؤية.
وبدأ بعدها يعد الأيام والساعات ليرى طفلته الوحيدة خاصة بعدما أبلغته زوجته السابقة بوصولها القاهرة ومع الطفلة وهو ما جعله يتوجه إلى محطة القطار قبل الموعد المحدد بساعات، وفجأة وجد أصابع صغيرة تلمس كتفيه برقة حنونة فالتفت ليجد طفلته التي تغيرت ملامحها كثيرا مع سنوات الفراق ولكن مهما تغيرت الملامح استطاع التعرف عليها بسهولة. وكانت بوصلته في ذلك هو قلبه الذي ارتعش بمشاعر مختلطة فور رؤيتها فألقاها في حضنه ليؤكد لنفسه أن ما يشاهده ليس حلمه المعتاد في كل ليلة ولكنه حقيقة، فها هي ابنته بين أحضانه يلمس شعرها ويضمها بقوة ربما أراد بها أن يدخلها قلبه خوفا من أن تبتعد عنه مرة ثانية.
واستمر الحضن لدقائق لم ير فيهم سوى ابنته وبعدها التفتت الطفلة للخلف لتعرفه على رجل طويل ذو شارب عريض وتشير إليه بيدها الصغيرة قائلة «بابا»، ثم أشارت إليه قائلة: «عمو هشام»، صدم «هشام» فيما يحدث أمام عينيه وظن أن هناك كلمات وقعت على أذنيه بالخطأ فوقف مذهولا ولكنه شعور لا يدوم طويلا فقد بدأ الرجل بالحديث قائلا: «أنا زوج عفاف طليقتك واتجوزنا بعد نهاية شهور العدة والبنت اتربت على ايدى ومعتبراني أبوها لكن كنا بنحاول نعرفها ان كان ليها أب تاني وهي صغيرة اسمه هشام وكنا بنفرجها على صورك قبل ما تجيلك عشان تتعرف عليك بسهولة».
فظل «هشام» متمسكا بصمته ولكن ليس بإرادته، فقد علق لسانه بأعلى حلقه وكأنه تحجر ورفض النطق بكلمة من الصدمة، وبدأ ينظر إلى الطفلة بعيون لامعة أبت البكاء ثم نظر إلى من أطلقت عليه ابنته «بابا» وشعر بقلبه يتمزق كاد أن ينزف من شدة الغضب والتفت في طريقه للعودة وفي كل خطوة كان يضغط بقدمه على ما انتظره من سعادته برؤية صغيرته وقرر الرحيل في صمت ولكن فور التفاته للخروج لم يستطع كتم دموعه وبدأت تخرج لتحفر على خديه ما بداخله من آسى.