دور القيادة السياسية في تشكيل الوعي الديني
الأربعاء، 09 يناير 2019 01:36 م
"لا سياسة في الدين، ولا دين في السياسة" كلمات من ذهب قالها الرئيس الراحل السادات، قاعدة سياسية أساسية في حياة الأوطان، نجح الغرب في تطبيقها منذ عقود ماضية ولكن تعثّر تطبيقها في عالمنا الشرق أوسطى الذي لم يستطع أن يتجاوز تلك المرحلة من النضوج، فتأثرت الحياة الدينية في مصر باختلاف كل قيادة، بل أداة تستخدمها بعض الأنظمة.
ولأن ذلك ليس نضوجًا على الإطلاق، ولا سمة من سمات المجتمع الذي يريد أن يتقدم ويبقى، قررت القيادة المصرية السياسية اليوم أن تنُهى ذلك الرباط - بين الدين والسياسة- وتصل بالشعب المصري لنقطة النضوج المكتمل الذي يصون الوطن مهما تبدلّت عليه الأحوال أو الأنظمة.
فكل إنسان بداخله جانبين - كالقمر- جانب مشرق وجانب مظلم،جانب من الخير وجانب من الشر، من الممكن مخاطبة كل جانب في أي إنسان وتغلّيب جانب على الأخر، نتذكر جميعًا في 2013م إبان حكم الجماعة الإرهابية، كيف تحول الكثير من الشعب إلى عنصريين مجاهرين بذلك، على الرغم من أن الجماعة لم تُعلن حتى ذلك الوقت عن وجهها القبيح صراحة ونهجها الذي يفرق بين أبناء الشعب الواحد بل بين أبناء الدين الواحد، ولكن مجرد تولىّ رئيس يخاطب الأهل والعشيرة ويمّكن مجموعة من الحكم والسلطة عن غيرها،كان ذلك يؤذن باقتراب موعد تأجج قمة الفتن الطائفية، واستثار كل هذا الجانب المظلم في كل إنسان وأعطى الفرصة الغنية للطائفية والتمييز والعنصرية ليتصدروا المشهد .
أما اليوم،فعندما تقتنى القيادة السياسية المصرية مقاليد القوي الناعمة الراقية في تشكيل أسس التعايّش بين جميع الأطراف بشكل يضمن استقرار الوطن والتخلص من أي أسقام فكرية، فهذه هي الجراحة الدقيقة التي تأخرت لعقود،هذا هو تشكيل الوعي الإنساني في كيفية تناوله لكل الأمور الحياتية الدينية داخل وطن يتسم بالمواطنة الإخاء الحقيقي.
فعندما يرى المواطن مصداقية الدولة وتحقيقها للعدل وللمساواة لكل المواطنين دون التفرقة باسم الدين، يكون ذلك بمثابة اللغة التي تخاطب الدولة بها الجانب المشرق داخل الإنسان، تستثير الخير بداخلة وتضع قوانين وقواعد جديدة حتى وان كانت ضمنية.
تلك القواعد النفسية المعنوية الجديدة التي يتم غرسها في كل نسّمة تحيا على أرض مصرية، تنبذ التطرف والتمييز والعنصرية سواء على أساس فردى أو اتجاه مؤسسات بعينها.
فعلى سبيل المثال :- احتفالات عيد الميلاد والتي احتضنت افتتاح المسجد والكنيسة في أن واحد، لم تكن احتفالات فقط بل كانت أدوات ناعمة تخاطب اللاوعي والعاطفة الشرق أوسطية لتذكرها بذلك المجتمع الذي يجب أن يكون، هي المصل ضد أي تصرف أحمق متعصب ومتطرف.
تلك الحماقات التي رأيناها في 2013 وفى سنوات أخرى عندما كان من صميم نهج القيادات إشغال الجميع في فتن طائفية مستمرة، فأي مواطن اليوم قبل أن يرتكب مثل تلك الحماقات سُيفكر ألف مرة قبل أن يرتكب فعلا ينافى سياسية السلطة الأقوى والأعظم وهى الدولة !
دولة لا تفرق، دولة تعدل، دولة لا تطلق على هؤلاء أقلية وأولئك أغلبية !
فاقضِ اليوم يا دولتي العظيمة على كل أوجه العوار الفكري التي كادت تقتلنا.