الصعيد يتصدر قائمة المحافظات.. أطفال في محاكم الأسرة بسبب زواج القاصرات

الإثنين، 07 يناير 2019 03:00 م
الصعيد يتصدر قائمة المحافظات.. أطفال في محاكم الأسرة بسبب زواج القاصرات
أرشيفية
أشرف أمين

مشاكل زوجية وقضايا اثبات نسب وطلاق تنظر امام محكمة الاسرة، ابطالها ليسوا اشخاص بالغين بل اطفال لم يصلوا لسن البلوغ ، بسبب الهروب من الجهل والفقر وقعوا ضحايا للذئاب المفترسة من البشر، الذين لم يرحموا طفولة هؤلاء بين جدران المحاكم سجلت محكمة الأسرة هذا العام ما يقرب من 635 دعوى إثبات نسب وزواج وطلاق بسبب الزواج العرفى.

وكان للصعيد النصيب الاكبر حيث كانت  محافظة أسيوط  تعانى نسبة عالية من الجهل والفقر، فطبقا لآخر إحصائية تمثل نسبة الأمية بالمحافظة %38 فيما تحتل معظم قرى المحافظة المركز الأول فى الفقر.
 
قاصرات
 
أطفال وضحايا 
 
أطفال في عمر الزهور لم تتفتح دفعن وحدهن ثمن التفكك الاسري الذى اغتال براءتهن ودفعن ثمن غاليا فقد ذهبت ملامح الطفولة البريئة عن وجهها، وكان الفقر والجهل من اهم اسباب ضياعهم بين قسوة الحياة وجدران المحاكم . 
أسماء قدرها وحده كان سببا فى أن تولد لأسرة فقيرة، لم تعرف طريقها  للعب او للتعليم كباقي أطفال جيلها ، تعيش في احدي قري محافظة أسيوط الفقيرة، لم تدرك «أسماء.س» أنها ستكون واحدة ضمن أسرة مكونة من 10 أفراد هى الفتاة السادسة بها، وغيرها 7 أخريات، فحلم والدها بأن ينجب ذكرا كان وحده سببا كافيا فى أن يزداد فقر الأسرة، فأنجب 7 فتيات ثم رزق بعدهن بالولد بعد ان ارهقه الزمن بسبب عادات وتقاليد انتهت منذ عقود .
 
وبعد أن فاق من غيبوبته فى الإنجاب، اكتشف أن لديه 8 أبناء منهم 7 فتيات أكبرهن 18 عاما، فمن أين ينفق علي كل ذلك وهو لا يوجد له اي مصدر دخل ثابت، فكان الاقتراح من الأهل والأقارب أن يقم بتزويجهن، وبهذه الحالة سيتخلص من حملهن ومن نفقاتهن، وكانت المفاجاءة إنهم لم يبلغوا السن القانونية ولذلك سيتزوجن بعقد عرفى، ويكتفى بالإشهار وكان زواج الإشهار بدون عقد من نصيب أسماء التى قررت الهروب من العوذ والفقر إلى منزل العريس والتى كان وقتها عمرها لا يتعدى الـ15 عاما.
 
محكمة-الاسره
 
بين أسوار المحاكم 
 
الجحود ونكران الجميل كان عنوان الحكاية فقد حملت أسماء عقب زواجها مباشرة فى الوقت الذى غاب فيه زوجها عن القرية للعمل بالقاهرة ليستطيع توفير النفقات، وعاشت هى فى حجرة في منزل اهل زوجها ثم جاء خبر حملها بتوأم على زوجها كالصاعقة، وبدلا من أن يقف بجوارها، قال لها: إنه لا يستطيع تحمل نفقات طفلين بسبب ظروف المعيشة الصعبة ، وعليها أن تذهب في هذه الفترة الي منزل والدها عادت أسماء إلى منزل والدها تحمل فى أحشائها طفلين لا تعلم مصيرهما، وجلست فى منزل والدها حتى أنجبت، لكنه لم يستطيع ان يتحمل مصاريفها هي واولادها الرضع   فحملتهما على كتفها وتجولت بالشوارع، لكنها لم تجد فرصة واحدة للعمل لجهلها وضعف صحتها  أسماء تحكى قصتها وتختصم زوجها الذى أنكر نسب طفليه وأبيها الذى لم يضمن حقها وظلمها ثم رفض عودتها للمنزل اعترافا بالخطأ.
لم تكن الماساة في قصة أسماء بل كانت البداية داخل جدران المحاكم فليس الفقر والجهل هو سبب المأساة التى تعيشها الفتيات القصر، فالتمسك بالعادات القديمة والمتوارثة عن جهل كفيلة بأن تتسبب فى ضياع مستقبل الكثيرين، فمنذ أن كانت «أميرة.ع.ب» فى عمر العام، نذرها والدها للزواج بابن عمها، فطبقا لتقاليد إحدى قرى مركز البدارى بأسيوط أن تتزوج الفتاة من ابن عمها مهما كان فرق العمر أو فرق التعليم، ويحق له الزواج منها حتى بدون شبكة أو مهر أو عقد زواج، فابن العم دائما مقدم على أى عريس آخر حتي لو لم يكن الأفضل.
 
وبعد أن بلغت أميرة 16 عاما، فقرر ابن عمها أن يشهر زواجه منها، ونظرا لأن «الحكاية فى بيتها» فهى ابنة عمه وجحا اولي بلحم طوره، فليست هناك ضرورة إلى كتابة عقد عرفى واكتفوا فقط بأن يشهر زواجه منها أمام أهل القرية، ولكن ما لا تعلمه أميرة هو أن القدر يخفى عليها ما لا تتوقعه، فبعد الزواج بعدة أشهر، سافر ابن عمها للعمل فى إحدى الدول الأجنبية عن طريق الهجرة غير الشرعية، وبعد عام من سفره، أرسل إلى والده يخبره بأنه تزوج من فتاه إيطالية، ولا يستطيع العودة لإكمال حياته مع ابنة عمه، وأنه لا يمكن له العودة قبل بضع سنوات.
 
توسلت إليه أميرة بأنها ستنتظره ولكنه أكد أن زوجته الأجنبية ترفض أن تكون أى زوجة أخرى فى عصمته، عادت أميرة مكبلة التفكير إلى منزل والدها، فلم يمض على زواجها سوى عدة أشهر، وقبل أن تضع خطتها فى استكمال تعليمها واستقلالها، فوجئت بأن زوجها لم يكتب عقدا رسميا بالزواج، وحتى تحصل على قسيمة طلاق، لا بد من وجود عقد زواج شرعى وهى لم تبلغ الـ17 عاما، لم ينته الأمر بالخلاف بين العائلتين بل امتد إلى الدم والثأر والخلافات، ووقفت أميرة أمام مكتب التسويات فى القضية رقم 468 لسنة 2017 تطالب بحقها فى الطلاق والعقد الشرعى وحقوقها التى أهدرت بدون وجه حق وضاعت احلام اميرة واصبحت تعيش في كابوس بطله العادات والتقاليد .
 
 قالت منى أحمد المحامية لدى محكمة الأسرة والمتخصصة في قضايا إثبات النسب: إن أغلب قضايا القاصرات أمام محكمة الأسرة تكون بسبب جهل الوالدين والولى بحقوق نجلته الشرعية والقانونية ، وأن معظم قرى الصعيد   تقع تحت سفوح الجبال والقرى المتطرفة بالمحافظة تنتشر ثقافة زواج الفتاة القاصروزواج الاقارب ، خاصة حينما تتعدى الفتاة عمر الـ15 عاما يعتبرون مكوثها فى المنزل بعد هذا العمر دخولا فى عمر العوانس بالإضافة إلى عدم اهتمامهم بتعليم الفتاة او العمل .
 
وأشارت إلى أنه على الرغم من انتشار ثقافة التعليم ومحو الأمية، فإن الزواج العرفى فى القرى للقصر يزداد عاما تلو الآخربسبب العادات والمفاهيم الخاطئة، فأصبح خوف أفراد الأسر على بناتهم من الإنترنت والانحلال الأخلاقى، خاصة فى القرى، يفوق اهتمامهم بأن تصل الفتاة إلى سن العنوسة وهنا مكمن الخطر.

وطالبت المحامية مني أحمد بالتدخل من قبل المجلس القومي للطفولة والأمومة وحقوق الطفل لزيادة التوعية في الصعيد والقري النائية،وكذلك وسائل الأعلام الاهتمام بهذه القضية .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة