وقف المذابح الأسرية.. الفريضة الغائبة

الخميس، 03 يناير 2019 08:36 م
وقف المذابح الأسرية.. الفريضة الغائبة
مختار محمود

 
جَدَّاً وليس هزلاً.. المبادرة المُلحَّة والغائبة حالياً هى: مبادرة وقف المذابح الأسرية والعائلية التى يقودها الزوج أو تنفذها الزوجة، وأحياناً الابن أو الشقيق. 
 
لا يمضى يومٌ دون أن نستيقظ على صدمة ذبح رجل لأسرته بالكامل، أو تورط زوجة فى قتل زوجها.. وأحياناً أولادها، فضلاً عن قتل الابن لأحد والديه أو كليهما أو شقيقه أو شقيقته، لأسبابٍ لا تعلمونها، اللهُ يعلمها. لا تضعوا رؤوسكم فى الرمال، هذه ليستْ حوادث فردية أو عابرة، لكنها ظاهرة بائسة ودالة وكاشفة لما وصل حال المجتمع المصرى إليه. 
 
الأمرُ جللٌ وجدُّ خطير، ولا يجب تجاهله أو التعامى عنه، فهذه ظاهرة طارئة على مجتمعٍ يضربُ بنفسه المثلَ فى الطيبة والرحمة والتسامح. الغريبُ أن أبطال هذه المذابح غالباً ليسوا من العامَّة والدهماء وأراذل الناس، لكنَّ معظمَهم من النُّخبة: إما أستاذ جامعى أو طبيب أو رجل أعمال. مع كل حادثة.. نبكى قليلاً ونتباكى كثيراً، حدسُنا فى تحديد هوية القاتل/ القاتلة يسبق تحريات الشرطة. ليس هناك ما يبرر أن يُنفذ زوج جريمة القتل فى زوجته وأولاده، أو تُدبِّر امرأة خطة ساذجة للتخلص من زوجها أو قتل صغارها، مهما كانت الأسباب والدوافع. 
 
الشخصية المصرية تحولتْ تدريجياً إلى شخصية عنيفة عدوانية قاسية. الغريب.. أن الفقر ليس حاضراً فى مثل هذه النوعية من الجرائم، والأغرب أنها ليست مقتصرة على محافظة دون أخرى، أو إقليم دون آخر. هذه المذابح انتقلت عدواها من القاهرة الكبرى حتى وصلتْ إلى الصعيد وتوغلتْ فى الريف، وتمضى بوتيرة مُتسارعة مثل قطار لا يتوقفُ فى المحطات. 
 
علماء النفس والاجتماع مدعوون تطوعاً إلى  بذل الجهد فى دراسة الظاهرة وتحديد الأسباب ورصد الدوافع وسبل العلاج وطرق المقاومة بدون تنظير. هل ينتظر القوم مبادرة حتى يتحركوا ويباركوا ويشيدوا؟.. لماذا لا تأتى المبادرة من داخلنا، استشعاراً بالخطر؟.. الصمتُ فى مثل هذه الحالات جريمة مكتملة الأركان، والتجاهل كارثة لا يمحوها النسيان. 
 
التنشئة السويَّة غائبة عن الأجيال الجديدة، البيوت يسكنها الشياطين وتحرسها الأبالسة، الأب مشغول بجمع المال من حلٍّ ومن حرَم ليقاوم غلاء فاحشاً لا يرحم، والأم مشغولة بالتواصل مع صديقاتها على مواقع التواصل الاجتماعى بأحاديث النميمة التى تتحدى الزمن. أما الطلاق فهو الجريمة مُكتملة الأركان  التى تضرب البيوت المصرية ويعانى وزرها 9 ملايين طفل، والحصيلة مُرشحة للزيادة يومياً. 
 
المدارس إما حكومية لا مكان فيها لتعليم أو تربية، أو خاصة ودولية لا يهمُّمها سوى استنزاف أولياء الأمور. الإخصائى النفسى فى المدرسة بلا دور وبلا عمل، الفضائياتُ مهمومة ببرامج الطهى لأنه مربحة، ولن تكلف نفسها بتقديم برامج لتربية المصريين نفسياً، وقِسْ على ذلك جميع المؤسسات والجهات ذات الصلة وصولاً إلى دور العبادة التى تخلتْ طواعيةً عن دورها فى تهذيب النفوس وتربيتها .. لا تراهنوا على العقوبات الجنائية، فهى لم تكن يوماً حائلاً دون ارتكاب الجرائم باختلاف أنواعها..تحركوا يا أهل الحلِّ والعقد والاختصاص، ليس من أجل أزواج طائشين وزوجات متهورات، ولكن من أجل رُضَّع وصغارٍ سوف يسألكم رب السماء يوم القيامة: بأىِّ ذنبٍ تمَّ قتلهم؟!
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق