فرقة «رضا» تستعيد بريقها باستعراضات محمود رضا.. وموسيقى علي إسماعيل بمسرح البالون
السبت، 29 ديسمبر 2018 05:00 معادل السنهورى
عادت ليالى المتعة والبهجة والإبداع على مسرح البالون بالعجوزة..عادت ليالى فرقة رضا للفنون الشعبية برقصات مؤسسها ورائدها محمود رضا، وموسيقى وألحان العبقرى على إسماعيل، وأبطالها القدامى فريدة فهمى والجداوى رمضان وحسن السبكى وحسن عفيفى وهناء الشوربجى ومحمد حسام الدين ونبيل مبروك وسميرة تيسير وهدى عبدالعزيز وعصام زكريا وإيهاب حسن وهيلين سمولينز وامتياز رشدى وغيرهم.. عادت بأبطال جدد مهرة ومستوى فنى عالٍ، وبأزياء تليق بتاريخ الفرقة التى رعاها شخصيا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وحضر عروضها حتى أطلقوا عليها «الفرقة الرئاسية» فى الخمسينيات والستينيات، وكانت بمثابة سفير متجول لمصر أمام العالم، وطافت كل المحافظات لجمع التراث الشعبى، ثم عرضه بعد ذلك فى قالب فنى.
فهى قصة كفاح لأعرق فرقة فنية للفنون الشعبية عرفها العالم العربى، التى من خلالها استطاع الفن الشعبى أن يخرج من الشكل النمطى إلى واقع على خشبة المسرح، ومن عباءة المحلية ليجوب العالم نحو العالمية، وجاءت فرقة رضا لترسخ قواعد فن جديد على مصر فى تلك الحقبة من الزمن الجميل، والتى تحول معها فن الرقص إلى عمل فنى راقٍ.
يوم الخميس الماضى، وبدعوة كريمة من الدكتور الفنان عادل عبده، رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، كنت ونخبة صحفية وفنية، نشاهد أول عروض الفرقة على مسرح البالون، وفى حضور الدكتور عصمت يحيى، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عصمت يحيى للثقافة والفنون والتنمية ورئيس أكاديمية الفنون الأسبق، وطلعت إسماعيل، مدير تحرير جريدة الشروق، والفنان القدير عبدالسلام الدهشان، والمخرج الكبير محمد الخولى، رئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى الأسبق، والفنان سامى نوار، والمخرج الدكتور محمد حسن.
وتحت رعاية الدكتورة الفنانة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، والدكتور خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى، قدمت فرقة رضا للفنون الشعبية تابلوهاتها الاستعراضية مساء الخميس بأجمل الرقصات بمصاحبة فرقة الأوركسترا بقيادة المايسترو وليد طموم، وإدارة الفنانة القديرة ماجدة إبراهيم، مدير عام فرقة رضا، وتدريب مها توفيق، ومحمد زينهم، ودعاء سلام، وعصام المصرى، ومنى فاروق، وأحمد فاروق.
قدمت الفرقة رقصات، الداحية، غزل فى الريف، الأقصر بلدنا، الحجالة، موشح غريب الدار، المزمار، العصايا، الفلاحين، إسكندرانى، لحظ رنا، التنورة، سماح النوبة، الكرنبة، النوبة.
وأشاد جموع الحاضرين بالعرض المبهر لفرقة رضا، وسط مطالبات كبار الحاضرين بضرورة دعم الفرقة حتى تعود إلى بريقها فى الخمسينيات والستينيات، وتذليل كل العقبات أمامها، وكما قال لى قائد الأوركسترا، وليد طموم، إننا نحتاج إلى راقصين وراقصات ومطربين جدد، وضم أعضاء جدد للفرقة الموسيقية بفتح باب المسابقات للتعيين، ووجه قائد الفرقة الموسيقية الشكر للوزيرة إيناس عبدالدايم، لاستجابتها السريعة للجمع بين حافزى الأداء والإثابة ومساواة الفنانين بزملائهم فى البيت الفنى للمسرح.
لكن مازال المطلوب كثيرا لإعادة الوهج مرة أخرى ليس لفرقة رضا فقط، وإنما لباقى الفرق الفنية الشعبية، مثل تغيير اللائحة المالية وتغيير بنود المكافآت والحوافز، فليس معقولا ألا تزيد المكافآت منذ 15 عاما، علاوة على ضرورة منح الفنانين بدل طبيعة عمل، وحوافز مثل زملائهم فى البيت الفنى للمسرح، لأنها أقل كثيرا وأغلب الفنانين الجدد لا يتقاضونها إلا برفع دعوى قضائية.
وعلمت أن الوزير الأسبق فاروق حسنى، كان يمنحها بشكل استثنائى، وأعتقد أننا فى حاجة ملحة فى هذا الوقت إلى أن نذلل العقبات، ونزيح الروتين من أمام فنانينا وفرقنا الموسيقية الشعبية.. والوزيرة الدكتورة إيناس عبدالدايم بالتأكيد تعلم ذلك، وسوف تسعى لتحقيق كل مطالب الفنانين.. فقوة مصر الناعمة التى تمثلها فرقة رضا، والفرقة القومية للفنون الشعبية، تستحق الكثير مثلما كانت فى الماضى، وتعود إلى سابق عهدها فى النشاط الفنى داخل مصر وخارجها فى المهرجانات الدولية، والجمهور فى القاهرة وباقى أقاليم مصر، متعطش لرؤية هذا الفن الراقى.
فرقة رضا بدأت فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى تحت قيادة محمود رضا، وقدمت عروضا لاقت القبول والاستحسان، وتعتبر أول فرقة خاصة للفنون الشعبية.
وقصة تأسيسها تعود إلى الفنان محمود رضا، عندما فكر فى تكوين أول فرقة خاصة للفنون الشعبية، بالاشتراك مع الراقص الأول والمصمم والمؤلف الموسيقى على رضا، والراقصة الأولى فريدة فهمى بعد الرحيل المفاجئ للفنانة نعيمة عاكف، بالإضافة إلى خبرتها فى التدريب وتصميم الأزياء، وهكذا قدمت الفرقة أول عروضها على مسرح الأزبكية فى أغسطس عام 1959، وقد بلغ عدد أعضائها عند التأسيس 13 راقصة و13 راقصا و13 عازفا، أغلبهم من المؤهلين خريجى الجامعات، وصمم محمود رضا الرقصات التى استوحاها من فنون الريف والسواحل والصعيد والبرية، وقام بإخراجها تحت إشراف الدكتور حسن فهمى ورعايته، وبفضل هذا التكوين الراقى اكتسب فن الرقص احترام كل طبقات المجتمع.
وفى عام 1961 صدر قرار جمهورى بضم الفرقة إلى وزارة الثقافة مع الاحتفاظ باسمها، وأصبحت الفرقة تابعة للدولة، وقام على إدارتها الشقيقان محمود وعلى رضا، وقبلها بعام قرر الدكتور ثروت عكاشة إنشاء الفرقة القومية للفنون الشعبية، لتكون منافسة لفرقة رضا، وتحمل اسم الدولة.
وفى عام 1962 انتقلت عروض الفرقة إلى مسرح متروبول، حيث أصبح لها منهج خاص وملامح مميزة فى عروض الرقص الشرقى، ثم كان اللقاء الفنى بين محمود رضا، والموسيقار على إسماعيل، الذى أثمر أول أوركسترا خاص بالفنون الشعبية بقيادته، الذى أعاد توزيع الموسيقى لأعمال الفرقة السابقة، وقام بتلحين الأوبريتات الاستعراضية، مثل: وفاء النيل، وعلى بابا والأربعين حرامى، ورنة الخلخال.
وانتقلت الفرقة بعد ذلك إلى مسرح 26 يوليو بالعتبة، ثم مسرح نقابة المهندسين، ثم دار الأوبرا المصرية، وأخيرا مسرح البالون، حيث استقرت به حتى الآن، وفى فترة السبعينيات وصل عدد الفنانين من الراقصين والراقصات والموسيقيين إلى 180 فنانا، حينئذ قرر محمود رضا تقسيم الفرقة إلى ثلاثة أقسام، الفريق الأساسى الذى يقدم العروض داخل وخارج مصر، وفريق يمثل الصف الثانى للفرقة، وفريق يتكون من مجموعات تحت التدريب.
وتأسس بعد ذلك مركز لتخريج دفعات من الأعضاء لدعم الفرقة، وهى مدرسة فرقة رضا للمواهب الجديدة، وفى الثمانينيات قدمت الفرقة لونا جديدا من ألوان الرقص، وهو الموشحات الراقصة، التى لاقت نجاخا كبيرا، ومنها: «عجبا لغزال قتال عجبا»، وموشح «لحظ رنا» من تأليف وتلحين فؤاد عبدالمجيد.
ومن أشهر رقصات الفرقة: «حرامى القفة، بائع العرقسوس، المراكبى، الشمعدان، العصايا وخمس فدادين، الشاويش عطية، النوبة، زينة البدو، بنت إسكندرانية، زوج الأربعةوالطبول».
وقامت الفرقة ببطولة ثلاثة أفلام سينمائية لاقت نجاحا جماهيريا عريضا، وهى: إجازة نصف السنة، غرام فى الكرنك، حرامى الورقة، الرجل الثانى 1959. وطافت الفرقة دول العالم أكثر من 5 مرات، واحتلت المراكز الأولى فى معظم المحافل والمهرجانات الدولية، التى حضرها معظم ملوك ورؤساء الدول، وقدمت حوالى أكثر من 3000 عرض فى مصر والعالم على أكبر المسارح العالمية، منها: مسرح هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك وجنيف، مسرح الأولمبيا بباريس، مسرح ألبرت هول بلندن، مسرح بيتهوفن فى بون، مسرح ستانسلافسكى فى الإتحاد السوفييتى.
وشاركت الفرقة فى عدة مهرجانات دولية، مثل: مهرجان القطن المصرى (نيودلهى 1960)، والمهرجان الشعبى بيوغسلافيا (سراييفو 1961)، ومهرجان برلين السينمائى (برلين 1971)، ومهرجان الفلكلور المصرى (بيروت 1971)، ومهرجان قرطاج (تونس 1973)، ومهرجان الحديقة (لندن 1984)، ومهرجان هيوستن (أمريكا 1993)، ومهرجان الصداقة الدولى (اليابان 1996).
ولحن للفرقة مشاهير الموسقيين، مثل: على إسماعيل. وبليغ حمدى، وفاروق سلامة، وعبدالعظيم عويضة، وحلمى بكر، وإبراهيم رأفت. وألف لها الأغانى سمير محبوب، وسمير الطائر، ونبيلة قنديل، ومحمد العرابى، وحسن كمال.
وشارك مع الفرقة من المطربين: كارم محمود، ومحمد العزبى، وفايد محمد فايد، وعمر فتحى ومحمد رؤوف، وعادل فايد، وفؤاد عبدالمجيد، ومصطفى سامى، وخالد عبدالحليم.
ومن أهم الشخصيات التى شاهدت عروض الفرقة، الرئيس جمال عبدالناصر، والرئيس الروسى خوروشوف فى أسوان عام 1964، والملك حسين فى مهرجان جرش بالأردن 1983، والرئيس الراحل أنور السادات، والرئيس الأسبق حسنى مبارك.