للمحامين في الخارج.. أحكام النفقة والحضانة في بلاد المذهب الجعفري
الخميس، 27 ديسمبر 2018 12:00 ص
من أهم المشكلات التي تصادف المحامين المصريين العاملين بدول الخليج، أن بعض هذه الدول تعتمد نظام القضاء الشرعي المذهبي، بمعنى أن هناك قضاء خاص للمذهب السني، وقضاء خاص للمذهب الجعفري «الشيعي».
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد بيان الأحكام الفقهية الخاصة بالنفقة والحضانة في المذهب الجعفري لتكون معيناً للمحامي المشتغل بالخارج، مع الأخذ بالإعتبار أن كثير من هذه الاحكام لا يختلف في مضمونه عن أحكام الفقه السني وفقا للخبير القانونى والمحامى محمد أحمد الشهير.
الادلة الشرعية على وجوب النفقة:
أجمعت كافة المذاهب الفقهية على أن الزوجية و القرابة من أسباب النفقة، و استدلوا بقول الله تعالى: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا».
و قوله تعالى: «الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ».
و قول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ «حق المرأة على زوجها أن يشبع بطنها و يكسو جنبها، و إن جهلت غفر له، كما ورد الدليل على أحقية الآباء بالنفقة لقوله تعالى:« وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا»، وقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ «أنت و مالك لأبيك».
الأحكام العامة للنفقة في الفقه الجعفري – بحسب «الشهير»:
1ـ النفقة تثبت للزوجة بالعقد الدائم، ولا تجب فى العقد المنقطع إلا إذا إشترطت الزوجة ذلك.
2ـ تجب النفقة للزوجة و للمعتدة من طلاق رجعى، ولا تجب للمعتدة من وفاة .
3ـ المعتدة من طلاق لا تستحق النفقة إلا إذا كانت حامل، أما المعتدة من فسخ العقد والمتوفى عنها زوجها فلا تستحق نفقة عدة حتى لو كانت حامل .
4ـ لا تجب النفقة للزوجة الصغيرة التى لا تطيق الفراش، كذلك لا تجب النفقة للزوجة الكبيرة إذا كان الزوج ما زال صغيراً لأن التمكين غير متحقق، والصغير غير مكلف، ولا دليل على تكليف وليه.
5ـ إذا ثبت إعسار الزوج، فلا يجوز حبسه أو إلزامه بنفقة زوجته، بل تصبح النفقة ديناً فى ذمته ..، وإذا تم حبسه رغم إعساره، فيجوز له طلب إسقاط نفقة زوجته من تاريخ حبسه .
6ـ مرض الزوجة أو عجزها لا يسقط نفقتها.
7ـ تجب النفقة للمسلمة و الكتابية، وتسقط عن المرتدة.
8ـ تجب نفقة الزوجة من تاريخ الدخول بها، سواء كانت فى منزل زوجها او فى بيت أهلها، كما تثبت من تاريخ طلبها الإنتقال لمنزل الزوج.
9ـ إذا قام الزوجان بالتراضى على نفقة معينة، أو قام القاضى بفرضها، فإنه يجوز تعديل مبلغ النفقة بعد ذلك بالزيادة أو النقصان تبعاً لتبدل أحوال الزوج و تبعاً لتبدل الأسعار.
تقدير النفقة
1ـ تجب النفقة بأنواعها الثلاثة «المأكل و الملبس و المسكن» ، وتقدر بحسب يسار و عسر الزوجين، والمقصود هنا «مستوى معيشة الزوج و أهل الزوجة».
2ـ و النفقة حق ثابت للزوجة، حتى لو كانت ذات يسار، و يفضل أن تكون النفقة نقداً لما جرى عليه العرف فى عصرنا الحالى.
3ـ وأكثر فقهاء الإمامية قالوا بأن النفقة تقدر بما تحتاج إليه الزوجة حسب عادة أمثالها من أهل بلدها، بينما قال البعض أن المعتبر هو حالة الزوج فقط، وذلك لقول الله تعالى «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا».
4ـ تجب نفقة النفاس على الزوج، وكذلك أجرة الطبيب إذا كانت هناك حاجة إليه، عملاً بقول الله تعالى: «وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ».
نفقات علاج الزوجة:
ـ هناك أقوال فى المذهب:
الأول: عدم وجوب نفقات العلاج على الزوج .
الثانى: وجوب نفقة العلاج على الزوج إذا كان الدواء من النوع الذى تكثر الحاجة إليه.
الثالث: أن تقدير نوع النفقة الواجبة على الزوج يرجع إلى العرف، وقدرة الزوج على الإنفاق
النفقة الماضية:
ـ تثبت نفقة الزوجة الماضية فى ذمة زوجها مهما طالت المدة، طالما توافرت شروط إستحقاقها لهذه النفقة.
النفقة المستقبلة:
1ـ المعمول به فى المذهب أنه إذا عزم الزوج على السفر، فلا يجوز للزوجة طلب ضامن يضمن نفقتها المستقبلية، لأنها لم تثبت بعد فى ذمة الزوج، و لأنها عرضة للسقوط بالطلاق أو الوفاة أو نشوز الزوجة
2ـ و قال البعض بأحقيتها فى ذلك لتحقق سبب الضمان و هو عدم نشوز الزوجة ، و بهذا قال الشيخ أحمد كاشف الغطاء ، السيد اليزدى صاحب العروة الوثقى.
3ـ تلف النفقة المستقبلة أو سرقتها، بعد دفع الزوج لها، يبرأ ذمة الزوج.
4ـ كما يجوز للزوجة التنازل عن نفقتها المستقبلة.