فقراء ولكن.. مصر تدعم المحتاجين رغم اقتصادها الناشئء وفرنسا تتجاهل الثائرين على «ضريبة»
الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018 08:58 م
أعادت مظاهرات السترات الصفراء فى فرنسا للأذهان ما جرى فى مصر قبل سبع سنوات، وبالرغم من اختلاف ظروف البلدين، إلا أن البعض لجأ للمقارنة بين الأحوال فى البلدين، حيث يعترض الفرنسيون على ارتفاع الأسعار وفرض أعباء مادية جديدة على المواطنين، إلا أن التعامل اختلف بين مصر وفرنسا، رغم أن هناك فرقًا فى الدخل وحجم الأعباء والمصروفات.
واختارت مصر بعد 30 يونيو 2013، الانحياز للمواطن والاستمرار فى دعمه، فى الكهرباء والبترول والخبز والمقررات التموينية، بالرغم من اختلاف المستويات الاقتصادية بين البلدين، حيث تصنف فرنسا من الدول الغنية، وتصنف مصر من الدول الناشئة، إلا أن مصر تدعم السلع التموينية، وتخصص 120 مليار جنيه للوقود فقط فى حين لاتقدم فرنسا الدعم للسلع أو الوقود أو الخبز أو التموين، كما تدعم مصر صادراتها، بـ4 مليارات جنيه، فى حين أن دعم الصادرات فى فرنسا من قبل الدولة يساوى «صفر».
كل أسرة فى مصر تحصل على دعم 260 جنيهًا شهريًا على أنابيب البوتاجاز، ودعم الخبز يوميًا لكل مواطن بمقدار ثلاثة جنيهات، و1000 جنيه متوسط الدعم الشهرى للأسرة المصرية. مصر تنفق 332 مليار جنيه على الدعم سنويًا.
وبالرغم من اختلاف التصنيف الاقتصادى لصالح فرنسا فقد خفضت مصر الدعم تدريجيًا كما هو الحال فى قطاع الكهرباء، والذى تدعمه بنحو 46.8 مليار جنيه حتى 2022.بينما أقرت الدولة فى فرنسا رفع أسعار الكهرباء دون تدرج، وهو ما دفع الشعب الفرنسى لتنظيم عدد من التظاهرات خلال شهر مايو الماضى، احتجاجًا على زيادة أسعار فواتير الكهرباء والتى تطالب بها الشركات الفرنسية منذ عام 2015.
اختلاف جديد يفرق مصر عن فرنسا، وهو معدل النمو الاقتصادى والذى وصل إلى 5.3% نهاية العام المالى الماضى، من بعد 5% فى العام السابق له، وتستهدف الدولة رفعه إلى 5.8% بنهاية العام المالى الحالى، فى حين سجل فى فرنسا 0.2% خلال الربع الأخير من العام الجارى «2018»، بعد أن كان متوقعًا له 0.4%، وذلك بحسب ما أعلنه بنك فرنسا المركزى.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة النمو فى مصر فإن هذه النسبة تلتهمها الزيادة السكانية، بينما كل الزيادة السكانية فى فرنسا من 61.2 مليون عام 2005، إلى 67.2 مليون نسمة فى 2018، ويكاد النمو السكانى يكون ثابتًا خلال ربع قرن، بينما ارتفع سكان مصر من 72.8 مليون نسمة عام 2006 إلى 98 مليون نسمة فى 2018، يصل إلى 104 ملايين بإضافة المصريين بالخارج، وهو ما يلتهم أى نتائج للنمو الاقتصادى للدولة المصرية فى زيادة متواصلة، بعكس الحال فى فرنسا، والذى يتراجع معدل النمو السكانى بها، والذى يعد أداة محفزة لزيادة النمو الاقتصادى والشعور به.
وكانت فرنسا تحتل المركز الخامس كأكبر دول العالم اقتصاديًا، ولكن تراجع مركزها إلى السادس فى 2018، بعد أن ارتفع الدين العام لها ليقترب من 100% فى حين يشهد الدين العام تراجعًا مستمرًا فى مصر، إذ سجل 108% خلال العام المالى 2016/ 2017، ليتراجع إلى 98% فى العام المالى التالى له 2017/ 2018، ومن المستهدف وصوله إلى 92% بنهاية العام المالى الحالى.
وتتميز مصر أيضًا، أنها من أقل دول العالم فرضًا للضرائب الجديدة، بل تقوم الدولة بين الحين والآخر أيضًا بإقرار عدد من التيسيرات لدافعى الضرائب، فى حين تصنف فرنسا كأعلى ثانى دولة على مستوى العالم فى فرض الضرائب.
فبحسب الدراسة السنوية التى أجرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والتى نشرتها صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أواخر العام الماضى، فإن الرسوم الضريبية التى تفرضها فرنسا قريبة من تسجيلها رقمًا قياسيًا عالميًا تاريخيًا، حيث لم يتغير ترتيب فرنسا كثانى دولة بعد الدنمارك، فرضًا للرسوم الضريبية، مسجلةً بذلك ثانى أعلى عبء ضريبى فى العالم.
وعن السبب الرئيسى فيما تشهده فرنسا حاليًا من مظاهرات عنيفة واحتجاجات متصاعدة، وهو رفع أسعار الوقود بـ«باريس»، تختلف مصر عن فرنسا فى هذا الأمر أيضًا، فما توفره الدولة المصرية من دعم للمواد البترولية بها يفوق كثيرًا ما تمنحه فرنسا لمواطنيها، إذ خصصت الدولة المصرية 89.075 مليار جنيه كدعم للمواد البترولية فى موازنتها للعام الحالى.
علاوة على أن سعر لتر البنزين فى مصر أقل كثيرًا من فرنسا، إذ يبلغ فى الدولة الفرنسية ما يعادل 1.63 دولار، بينما يبلغ فى مصر ما يعادل 0.43 دولار، كما تدعم الدولة المصريين بما يعادل 260 جنيهًا شهريًا فى استهلاك أسطوانات الغاز، حيث وصل حجم الإنفاق على الدعم فى مصر سنويًا لنحو 332 مليار جنيه. الحكومة المصرية تدعم الكهرباء بـ46 مليار جنيه وكل أسرة تحصل على 260 جنيهاً دعماً شهرياً للبوتاجاز.. و3 جنيهات يومياً للخبز.