في ذكرى رحيل سامية جمال.. «زمردة» التي هزت عرش الرقص الشرقي
السبت، 01 ديسمبر 2018 04:00 م
لم تثر راقصة مثلها كل هذا الجدل مثلما أثارته، ولم تحتل عرش الرقص الشرقي في زمانها، مثلما احتلته، إنها الراقصة والفنانة الكبيرة الراحلة، سامية جمال، الشهيرة بالفراشة، التي رحلت عن عالمنا، في مثل هذا اليوم، في الأول من ديسمبر عام 1994.
اختلف المؤرخون الفنيون حول تاريخ ميلادها، حسبما تشير الكاتبة ناهد صلاح في كتابها "سامية جمال الفراشة" الذي تناولت فيه سيرتها الفنية والحياتية، إذ تقول: بعض النقاد الفنيين أرجعوا ميلادها للعام 1921، فيما يخمنه البعض الأخر أنه عام 1924، لترجح سامية نفسها كفة الفريق الثاني، كأن من الطبيعي أن يحيط الغموض بكل ما يتعلق بهذه الفنانة التي نبتت من الظروف القاسية، حتى تاريخ مولدها.
تلتحق سامية جمال مع بلوغها الرابعة عشرة من عمرها، بمصنع للطباعة، ثم تعمل ممرضة فى مستشفى، وأخيرا تحط في مشغل خياطة، حيث يولد داخلها شغف بغرام صاحبة المشغل بالسينما، والتي كانت تحكي لها عن الأفلام الجديدة، فتسحبها من يدها، وتدخلها إلى صندوق الدنيا، حيث الاستوديوهات السينمائية، ومواقع التصوير، وأخيرا تصحبها لمشاهدة فيلم لبديعة مصابني، فتهفو روح الفراشة إلى أن تكون ضمن أركان هذا العالم.
تلفت ناهد صلاح إلى تزامن توقيت ميلاد سامية جمال، مع تمرد المرأة المصرية وخروجها إلى الشارع في ثورة 1919، ثم خلعها النقاب من بعد ذلك، وانضمام النساء إلى طابور الملتحقات بالجامعة، التي لم تذهب إليها سامية جمال، بل خطت بجرأة إلى عالم الارتيست بديعة مصابني..
تحكي ناهد صلاح في الكتاب عن الفرصتين اللتين منحتهما بديعة لسامية، وكيف تجمدت في الفرصة الأولى، ولم تستطع أن ترقص قيد أنملة، ثم في الفرصة الثانية زفرت بالنصر، بعدما تدربت طويلا على يد مدرب الرقص إيزاك ديكسون، قبلها لم ترض سامية بكونها كومبارس منسياً، وسط حشد من الراقصات في الأفلام التي ظهرت فيها "المعلم بحبح" عام 1935، و"العزيمة" 1939، لم تكن هذه الجنة التي تنتظرها سامية جمال، سلطت عينيها على مكانة تحية كاريوكا، تقول سامية: تمنيت أن أصبح راقصة مشهورة مثل تحية، كنت أتقاضى 3 جنيهات في الشهر، قررت الست بديعة أن يكون هذا أجري، صعدت لأول مرة على المسرح ككومبارس، وأنا لا أعرف شيئا عن اليمين وعن الشمال عند الرقص، كان رقصي أشبه بعجين الفلاحة.
بعد التدريب على يد إيزاك ديكسون تنطلق سامية جمال لترقص وتنجح، التحقت بمدرسة تعلمت فيها السامبا والرومبا والروك آند رول، والتانغو، وحتى الباليه بمساعدة مدربة الرقص سونيا إيفانوفا، ترفرف الفراشة، وتصبح مطلبا للملاهي والصالات، فتتعاقد مع ملهى في السويس بأجر 20 جنيها، وملهى "الدولز" في شارع عماد الدين بأربعين جنيها، حيث نالت لقبها الذي سيلازمها طيلة مشوارها "الراقصة الحافية" قبل أن تنتقل إلى الأريزونا، وينتقل طموحها معها إلى درجة أخرى.
في صالة بديعة يبدأ تعلق سامية جمال بفريد الأطرش، تحكي ناهد صلاح، أن الأخير كان يستعد لتصوير فيلمه "انتصار الشباب" مع شقيقته أسمهان، في الوقت الذي يبزغ فيه نجم سامية، تذهب إلى موقع التصوير، وتهديه باقة ورد ادخرت ثمنها من آجر يومين، امتنعت خلالهما عن الطعام، تبدأ بينهما قصة حب، وسيرة فنية، تنقل سامية جمال نقلة نوعية، بعد سلسلة أفلام، ظهرت فيها كممثلة هامشية "على مسرح الحياة" و"خفايا الدنيا" 1942، و"ممنوع الحب" ثم دورها الرئيس في فيلم "من فات قديمه" 1943، الذي لم يكتب له النجاح، و"رصاصة في القلب" مع عبد الوهاب عام 1944، و"أحمر شفايف" أمام نجيب الريحاني عام 1946.