شيكابالا وسماكة وإبراهيم سعيد.. نجوم أتلفهم الهوى
السبت، 01 ديسمبر 2018 11:00 ممصطفى الجمل
مأساة حياتهم أنهم لم يعرفوا يوما قصة المخترع العظيم أديسون الذى سأله أحدهم: ما العبقرية أيها العبقرى؟
فنظر إليه أديسون متعجبا ورد عليه قائلا: تعريفى للعبقرية لا يرضيكم، عموما 99 % من العبقرية عرق
إجابة أديسون العظيم كاشفة عن الفهم الحقيقى لقيمة العمل والجدية وعدم الاستنامة للأضواء وعدم الكسل والتراخى
نجومنا الذين كانوا نجوما صعدوا بسرعة الصاروخ ثم سقطوا بذات السرعة لأنهم لم يقدموا العرق اللازم للاستمرار على القمة
فنظر إليه أديسون متعجبا ورد عليه قائلا: تعريفى للعبقرية لا يرضيكم، عموما 99 % من العبقرية عرق
إجابة أديسون العظيم كاشفة عن الفهم الحقيقى لقيمة العمل والجدية وعدم الاستنامة للأضواء وعدم الكسل والتراخى
نجومنا الذين كانوا نجوما صعدوا بسرعة الصاروخ ثم سقطوا بذات السرعة لأنهم لم يقدموا العرق اللازم للاستمرار على القمة
أعاد الحديث عن هؤلاء النجوم، الظاهرة المصرية الكروية صالح جمعة، الذى لفت صعوده أنظار جميع محبى كرة القدم المصرية، وظن كثيرون أنه أخيرا وجدت كرة القدم المصرية، ضالتها فى إيجاد بديل لمايسترو الكرة المصرية المعتزل محمد أبو تريكة، وانضم الفتى الصاعد نجمه بشدة فى النادى البترولى إنبى إلى منتخب مصر للشباب ثم الأوليمبى، وجاور النجم العالمى محمد صلاح، ولك أن تتخيل أن محمد صلاح كان يجلس احتياطيا للاعب مثل صالح جمعة، بل إن كثيرين من محبى الكرة كانوا يتوقعون أن يكون صالح جمعة هو نجم الجيل، ومن بعده محمد إبراهيم، وحتى مباراة المنتخب الأوليمبى مع منتخب البرازيل لم يكن فى الحسبان ولا فى الصورة محمد صلاح، حتى نزوله الشوط الثانى وإحرازه واحدا من أجمل أهدافه.
سافر «جمعة» فى رحلة احتراف سريعة إلى البرتغال، وعاد بعدها إلى النادى الأهلى، الذى كان يبحث فى ذلك التوقيت عن بديل للاعب كان يلعب فى المركز رقم 10، تألق بعض لاعبى الأهلى فى هذه الفترة حرم «جمعة» من فرصة حقيقية، وعندما سنحت فرصة مشاركته تألق وصنع وأحرز الأهداف، ولفت الأنظار وبات ساحر قلوب الأهلاوية، إلا أنه وجه ضربة قوية لهذه القلوب، بسهراته التى تسببت فى غضب الجهاز الفنى والإدارى منه، وانهالت عليه الخصومات، حتى بات معروفا بـ«صالح خصومات»، وأثناء فترة التجميد، لم يهتم اللاعب بلياقته البدنية، وأهمل التدريب حتى تدلت دهون بطنه، وخرج «كرشه» إلى العلن، وأصبح محل سخرية زملائه فى الفرقة، وبعد أن حاول حسام البدرى المدير الفنى للفريق الأحمر سابقا منحه فرصة أخيرة، سقط اللاعب فى خطأ أكبر، ولسوء حظه كان قد وصل إلى النادى رئيسه الجديد محمود الخطيب، الذى طلب تقريرا تفصيليا عن سلوك اللاعب منذ انضمامه للنادى، وبعد الإطلاع والتدقيق، طالب برحيله فورا، فخرج فى إعارة إلى النصر السعودى، وهناك قضى اللاعب شهورا قليلة ولم يستطع النادى السعودى تحمل سهراته ومشكلاته، فطلبوا بفسخ التعاقد معه، فعاد طالبا السماح والفرصة الأخيرة داخل النادى الأهلى، مؤكدا أنه نادم على فعلته، واستهتاره الماضى، واعدا إدارة النادى وجهازه الفنى ببذل كل ما بجهده من أجل النادى، والدفاع عن قميصه.
الأهلى والمنتخب الوطنى، فى حاجة ماسة إلى موهبة صالح جمعة خلال الفترة المقبلة، فى ظل النقص العددى فى اللاعبين الذين يجيدون اللعب فى مركز صانع الألعاب، وفى ظل عجز النادى الأهلى عن إيجاد لاعب مناسب لهذا المركب، ولا سيما بعد إخفاق اللاعب الصاعد ناصر ماهر فى ملء فراغ هذا المركز، ولكن لن يقبل الأهلى ومنتخب مصر عودة صالح جمعة إلا بشرط التزامه فى الملعب وخارجه، وعلى الرغم من حاجة الفراعنة لجهود صالح جمعة، خاصة فى بطولة أمم أفريقيا القادمة، واتجاه المدرب الجديد أجيرى للجمع بين الشباب والخبرة والمهارة، الأمر الذى يعد فرصة جديدة وأخيرة لصالح جمعة.
شيكابالا
قبل صالح جمعة، كان هناك موهبة أخرى لا تقل فى المهارة عنه، ولا عن أبو تريكة، ألا وهو الفهد الأسمر محمود عبدالرازق شيكابالا، لم يضبط شيكابالا كثيرا فى سهرات، ولكنه كان يفتعل الكثير من المشاكل أثناء تواجده داخل أو خارج جدران القلعة البيضاء، الأمر الذى حرمه من رفع أى دورى باللون الأبيض، حتى وصل إلى أن نادى الزمالك عجز هذا الموسم عن ضمه للقائمة المحلية بعدما تغيب الفهد الأسمر عن تدريبات الزمالك، مما صعّب المهمة على المدرب الأجنبى فى ضمه لقائمته، وهو ما أكده مجلس إدارة النادى عبر أحد الفيديوهات المنشورة على صفحة النادى.
أجمع معظم خبراء كرة القدم على تفوق شيكابالا على جميع لاعبى هذا المركز فى المهارة والسرعة وقوة التسديد، إلا أنه كان ينقصه العقلية المحترفة المحبة لمهنتها، التى كانت سبب شهرته فى يوم من الأيام.
بدأ الفهد الأسمر حياته الكروية بصفوف الزمالك ولعب للفريق الأول وعمره لم يتجاوز 16 عاما، عندما دفع به البرازيلى كارلوس كابرال فى إحدى المباريات ليظهر بشكل جيد ويقرر الاستمرار فى الدفع به، وكان أول أهدافه مع الفريق فى مرمى غزل المحلة فى عام 2003.
مع تألقه فى الدورى المصرى تلقى الزمالك عدة عروض أوروبية لضم لاعبه الموهوب، وكانت أول العروض التى وصلت لشيكابالا من نادى جنت البلجيكى مقابل 150 ألف دولار، وكان لنادى جنت تجربة مع المصرى أحمد حسام ميدو قبل خمس سنوات تقريبا استفاد منها فنيا وماديا بعد بيعه، إلا أن إدارة الزمالك رفضت وقتها العرض لضعف المقابل المادى، وطلبت زيادته إلى مليون دولار، كما تلقى الزمالك عرضا من باوك اليونانى لضم الثنائى أمير عزمى مجاهد وشيكابالا، ونجح الفريق اليونانى من ضم عزمى مقابل 203 آلاف دولار، وفشلت صفقة شيكابالا لضعف المقابل المادى، ثم انتقل خلسة إلى نادى باوك اليونانى ووقعت مشكلة كبيرة بينه وبين نادى الزمالك، ومن وقتها وهو معروف بـ«صانع الأزمات»، لاعتياده الاختفاء وصناعة الأزمات عقب أى تألق، وهو الأمر الذى تسبب فى انهيار علاقته بمعظم المدربين الذين تعاملوا معه، للدرجة التى أوصلته للإيقاف أكثر من مرة.
إسلام عوض
وفى نفس الجيل، كان هناك لاعب يدعى إسلام عوض، كان صاحب موهبة كبيرة فى منطقة خط الوسط، وتوقع كثيرون أن يخلف إبراهيم سعيد فى هذه المنطقة، ولم يخيب اللاعب ظن محبى القلعة البيضاء فسار على نهج المشاغب إبراهيم السعيد، تألق ولمع ثم اتجه إلى مسارات أخرى فانطفأت شمعته، الفارق بينه وبين إبراهيم سعيد أنه لم يقض نفس مدة «هيما» فى الملاعب، فتكالبت عليه قضايا النصب على النجوم، وتم سجنه على إثر هذه القضايا، وكان من أشهر ممن تعرضوا للنصب من قبله الحارس المخضرم، الذى اشترى منه سيارة فارهة بمبلغ مالى كبير، ليتضح للحضرى أنه تعرض للنصب عندما ذهب لتسجيل أوراق السيارة الفارهة، وفى النهاية تدخل بعض الوسطاء، ومنهم الممثل ولاعب كرة القدم السابق أحمد صلاح حسنى، لإعادة المبلغ إلى الحضرى، بعد أن تقدم ببلاغ ضد إسلام.
وكان ممن تعرضوا لنصب نجم الزمالك أيضا، الفنان سعد الصغير الذى اشترى سيارة أخرى فارهة بمبلغ ضخم، وهى السيارة التى أهداها الأخير لنجله، الذى تم القبض عليه بسبب السيارة، على الرغم من امتلاكه توكيلا للبيع والشراء، لكن المفاجأة هى أن القانون يشدد على عدم صحة مثل هذه التوكيلات، لأن السيارات الليبية فى مصر لا يقودها سوى مالكها الليبى، وبعد أن افتضح أمره فى بيع السيارات الليبية اتجه للنصب فى مجال بيع شقق بمنتجعات راقية عن طريق عقود مزورة.
عمرو سماكة
عمرو سماكة، واحد من اللاعبين الذين قيل فى بداية مشوارهم إنه سيكون له مستقبل كروى ناصع، لما يتميز به من موهبة فذة، وإجادته اللعب فى أكثر من مركز هجومى، وبالأخص مركز صانع الألعاب، انضم للنادى الأهلى قادما من نادى الترسانة، ولكنه لم ينجح مع الأهلى بعدما اكتشفت إدارة النادى تعاطيه المخدرات والمنشطات، فتمت إعارته لنادى كاظمة الكويتى، وهنالك قضى اللاعب فترة ثم عاد لنادى الجونة فى مصر.
كان اكتشاف تعاطى «عمرو سماكة» الحشيش أمرا فاضحا للاعب وناديه، فتم إيقافه عن اللعب من قبل الاتحاد الأفريقى، وقررت إدارة الأهلى الاستغناء عنه، على الرغم من استمراره فى الملاعب، النقاد وكثير من الجمهور توقع أن يحل سماكة خليفة فى الموهبة والنجاح للاعب محمد أبو تريكة، نظرا لما يتمتع به الأول من موهبة ظهرت أولا مع فريق الترسانة وبدأت أندية القمة تتهافت عليه لضمه إليها، وحين ارتدى الفانلة الحمراء كان مجلس إدارة الأهلى قرر أن يدفع 3 ملايين جنيه فى هذه الصفقة.
يتذكر سماكة، سبب تحوله لتعاطى المنشطات، وهى الواقعة التى يرويها كسبب رئيسى لكشف المنشطات فى جسمه، حيث يقول إنه كان يحضر فرحا شعبيا فى المنطقة السكنية التى يقيم بها «إمبابة» حيث كان مضطرا تحت إلحاح أصدقائه لمشاركتهم تدخين «الحشيش» ولسوء الحظ تم اختياره لتحليل الكشف عن المنشطات الذى أثبت نسبة المخدر فى دمه، ليتحول مصيره 180 درجة.
إبراهيم سعيد
إبراهيم سعيد، يعد أبرز اللاعبين الموهوبين فى الملاعب المصرية، والذين أضاعوا موهبتهم بأيديهم، فاللاعب الذى لعب للأهلى والزمالك والإسماعيلى، لم يترك مكانا بالملعب إلا وحل به وأجاد، فلعب ليبرو ومساك ولاعب خط وسط مدافع وخط وسط مهاجم ورأس حربة وظهير أيمن، إلا أن كل ذلك لم يجد العقلية التى تعينه على الاستمرار والتألق، حتى اعتزل وهو فى ريعان شبابه، دون أن ينال تكريما من أى من الفرق التى لعب لها، بسبب أنه كان يغادر كل فريق من هذه الفرق بأزمة ومشكلة.
ارتدى إبراهيم سعيد، قميص النادى الأهلى بين 1998، 2003 والتى شهدت فوزه بالدورى 3 مرات ودورى أبطال أفريقيا مرة والسوبر الأفريقى مرة وتم الاستغناء عنه بعد إيقافه فى أواخر عام 2003، ثم انضم معارا من الأهلى لإيفرتون موسم 2002-2003 ولكنه لم يشارك، ورحل عن النادى فى قصة ظريفة، عندما احتفل بإحراز فريقه هدفا فى نادى ليفربول الغريم التقليدى لإيفرتون بخلع فانلة فريقه والتى كان يرتدى من تحتها فانلة حمراء، فغضبت الجماهير وتم طرده فى نفس اليوم، فرحل عن الفريق وتم فسخ الإعارة وعاد إلى الأهلى ليلعب له قرابة موسم قبل أن يتم استبعاده نهائيا.
كان لأحمد حسام ميدو، نجم نادى الزمالك والمنتخب الوطنى دور كبير فى كتابة نهاية مشوار هيما الكروى، ففى 2002 بدأت صداقة الاثنين، وحرض ميدو هيما على الهروب إلى بلجيكا، الأمر الذى نفذه هيما مما دفع الأهلى إلى إيقافه، وشكواه فى الفيفا الذى أوقفه 6 شهور، وكان وقتها يدرب المنتخب القومى محمود الجوهرى، وكان فى أشد الحاجة لخدمات هيما، ولكن كان هناك أمامه تحد كبير وهو عدم لمس اللاعب لكرة لمدة 6 شهور، ولكن الجوهرى كان معروفا بعنده وإصراره على قراره مهما كانت النتائج، فضم هيما لمواجهة السنغال فى تصفيات المونديال، وكلف هيما بإيقاف الحاج ضيوف آنذاك، وكسب الجوهرى رهانه عندما ظهر إبراهيم سعيد كأفضل اللاعبين فى المباراة.
عاش هيما مع الزمالك منذ انتقاله إليه سنوات عصيبة، حتى ٢٠٠٦، كان إبراهيم سعيد وصل لقمة أزماته مع مدربيه حتى غاب عن المشاركة تماما، ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد تعرض ليبرو الفراعنة عماد النحاس للإصابة قبل البطولة بأيام قليلة، ففضل حسن شحاتة الاعتماد على هيما رغم ابتعاد المشاغب عن المشاركات، لكنه فاز بالرهان أيضا وقدم اللاعب بطولة قوية للغاية.
عانى إبراهيم سعيد من الغرور والتعالى، ولم يجد من يقومه بطريقة تتناسب مع عقليته، فتحولت الموهبة الفذة إلى ضحية للنفس الشهوانية، فتكررت أزماته ولقطاته المثيرة للجدل، فمرة ينزل الملعب بنظارة، ومرة أخرى تلتقط له صورة يدخن السجائر أثناء تدريبه نادى جولدى، الذى كان يدربه ويلعب له فى نفس التوقيت، ولاحقت هيما كثيرا مشاكل الزيجات المتلاحقة، والتى كلها كان محلها محكمة الأسرة.
محمد عباس
محمد عباس، أحد أبرز لاعبى الكرة المصرية فى ثمانينيات القرن الماضى، وكان على بعد خطوة واحدة من تهديد عرش أسطورة النادى الأهلى محمود الخطيب، فبدأ «عباس» مشواره الكروى بممارسة الكرة الشراب فى منطقة المنيل، ثم اختبر فى الأهلى وكان مركزه فى ذلك الوقت الباك اليمين وليس الهجوم، ورحل سريعا عن القلعة الحمراء بسبب التجميد على الدكة، ويشاء القدر أن يلعب فى مركز رأس الحربة فى دورى الشركات ويتألق حتى اكتشفه كابتن زكى عثمان فى الزمالك ودخل فى معسكر واستمر نحو 6 شهور، وكان على بعد خطوة من اللعب مع فريق الدرجة الأولى لأن جسمه كان قويا وحينها كان فى الزمالك عتاولة أمثال فاروق جعفر وكابتن حسن شحاتة وعلى خليل، وعندما اتخذوا قرارا بتوقيعه على العقد، فوجئ بأنه مرتبط بعقد مع الأهلى عن طريق استمارة الناشئين، وأخذه عبده البقال - رحمه الله - إلى الأهلى، وقال لى نصا: «انت ابن النادى وهو أولى بيك، وجمع شنطته من الزمالك وذهب إلى الأهلى فورا، وبعد 3 أيام فقط منحه الأهلى الكارنيه الخاص به والمعتمد من اتحاد الكرة ومعه 5 آلاف جنيه.
فى موسم 78 - 79، شارك بشكل شبه أساسى، وكان يدخل قائمة المباريات باستمرار حتى أنهى الموسم برصيد 13 هدفا خلفا للخطيب، الذى تُوج بالمركز الأول، برصيد 15 هدفا، وأصبح معشوق الجماهير، وفى الموسم التالى 79 - 80 شارك بشكل أساسى فى جميع المباريات وأنهى الموسم هدافا برصيد 11 هدفا خلفا للخطيب برصيد 13 هدفا.سطع نجمه فى سماء بطولة الدورى، وجعل الخطيب يخشى على عرشه الذى تربع عليه كنجم نجوم الكرة المصرية، وواصل النمر الأسود صولاته فى الملاعب الخضراء، حتى وصل لمفترق الطرق، واختار «عباس» الطريق الخاطئ وانغمس المهاجم الفذ فى حياة اللهو وبدأ فى تعاطى المخدرات، وحاولت الإدارة الحمراء تعديل سلوكه لكن فات الأوان، ليفاجأ الجميع بخبر فى صفحة الحوادث عن القبض على اللاعب الشاب فى قضية مخدرات، ويدخل بعدها السجن، و يخرج منه لا يعرفه أى إنسان، ودار به الزمان من نجم يشار له بالبنان لإنسان فقير يعيش فى إحدى عشش الخوص ولا يجد قوت يومه، ليختفى اسم كان يمكن تسطيره بحروف من نور فى تاريخ الكرة المصرية.