بـطش واعتقالات وبناء 53 سجنًا جديدًا.. كيف يقمع أردوغان شعبه؟
الأربعاء، 28 نوفمبر 2018 09:00 ص
أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، احتلال أنقرة المرتبة الثانية من حيث عدد السجناء بعد الولايات المتحدة الأمريكية، موضحة أنه من بين 100 ألف مواطن تركي يقبع 287 سجينا في معتقلات حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهو ما يعكس تطور الأوضاع السياسية وتحول تركيا إلى سجن كبير في ظل حكم أردوغان، إذ تشهد البلاد منذ عام 2016 بعد مسرحية الانقلاب على أردوغان، حملة اعتقالات واسعة طالت نشطاء ومعارضين وعسكريين وصحفيين وإعلاميين وحقوقيين وقضاة، بزعم انتمائهم لحركة «الخدمة التابعة» لرجل الدين المعارض فتح الله كولن.
وذكرت جمعية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في تقرير صدر عنها، أنه يقبع داخل السجون التركية حوالي 228 الفا و993 شخصا منذ 15 نوفمبر 2017، بحسب الأعداد الرسمية التي ذكرها السجن المركزي التركي، وهو ما اعترف به وزير العدل التركي عبد الحميد جول، قائلا :«نحو 260 ألفا و144 شخصا في السجون، اعتبارًا من 16 نوفمبر الجاري، بينهم 202 ألف و434 محكوما عليهم، و57 ألفا و710 على ذمة التحقيق».
سجن فى تركيا
تتوسع تركيا في تشييد السجون والمعتقلات، لاستيعاب أعداد السجناء الهائلة، وهو ما ورد على لسان وزارة العدل مايو الماضي، حيث أعلن اعتزامها إنشاء 53 سجنا جديدا، وذكرت أن المساحة المقرر توفيرها من جانب الحكومة لبناء المعتقلات هي 4 ملايين و115 ألفا و558 مترا مربعا، بينما انتهت من بناء 18 سجنا على مساحة مليونين و269 ألفا و 924 مترا مربعا، الأمر الذي أصاب المواطنين الأتراك بصدمة كبيرة وخيبة أمل، بعدما تأكد أن النظام التركي الاردوغاني الحاكم، يصر على المضي قدما في خطته الأمنية التي تبدو كأنها مشروعا قوميا لإسكان الأتراك.
توحش النظام التركي ضد معارضيه واستفحال ظاهرة الاعتقال، دفعت المجالس الحقوقية في الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع جامعة لوزان السويسرية، لعمل إحصائيات توضح مدى تردي أوضاع المعتقلين داخل تركيا خلال عام 2016، مؤكدة أن عددهم بلغ خلال تلك الفترة 244 ألفا، أي بنسبة 9.5% من العدد الكلي لسجناء دول المجلس الـ28 البالغ عددهم مليونا و505 آلاف و187 سجينا.
ارتفاع عدد المسجونين فى تركيا
3 الاف طفل داخل معتقلات وسجون أردوغان
في 20 نوفمبر الجاري، كشفت إحصائية صدرت بمناسبة اليوم العالمي للطفولة، أن هناك أكثر من3 آلاف طفل بينهم 743 مع أمهاتهم ولا تتعدى أعمارهم 6 سنوات، و37 رضيعا لا يتجاوزون الـ 6 أشهر، يقبعون داخل سجون تركيا، إلى جانب عدم توفير بيئة طبيعية ولا وجبات خاصة لهم، ما يضطرهم لاقتسام الطعام مع أمهاتهم حتى يظلوا على قيد الحياة، وهو أيضا ما أكده أرجان يلماز مدير جمعية حقوق الإنسان في ديار بكر، إذا أكد أن الأطفال مجبرون على البقاء داخل السجون بشكل ينتهك حقوقهم وأداميتهم ولا يجري توفير الاحتياجات الأساسية لهم من ألبان ومواد غذائية ودواء ومستلزمات إعاشة إنسانية أو صحية والتعليم، إلى جانب أن سلطات أردوغان المتوحشة، تحرم هؤلاء الأطفال من اللعب داخل السجون وكذلك تمنعهم الزنازين المكدسة من الاستمتاع بالنوم، وفي الوقت ذاته هم محرومون من أي زيارات عائلية بسبب منع إدارة السجون ذلك.
الحكومة التركية لا تستحي من إعلان الأرقام الحقيقية عن عدد سجنائها، حيث جاء رد رئاسة الجمهورية ووزارة العدل في سبتمبر الماضي على استجواب طرحه أحد نواب حزب الشعب الجمهوري عن حالة السجناء، بأن السجون تضم نحو 259 ألفا و327 سجينًا، بالإضافة إلى 3 آلاف و13 طفلًا، وهو ما دعا
اطفال فى سجون تركيا
قتل السجناء داخل سجون أردوغان
بطش أردوغان لم يتوقف عند حدود الأعتقال والسجن العشوائي لكل معارضيه وأبناء شعبه، ووصل الأمر إلى قتل السجناء، وهو ما جاء في التقارير الدولية، التي رصدت معاناة نزلاء السجون من المعاملة السيئة، حيث يعيش 20 ألفا في غرف حجز ضيقة جدا إلى درجة اضطرارهم إلى افتراش الأرض عند النوم، بينما السعة القصوى لاستيعاب السجون تبلغ 207 آلاف و 279 فردًا فقط، فيما بلغت الأرقام حاليا 260 ألفا، إلى جانب ما تشهده السجون من ارتفاع حالات التعذيب والانتهاكات التي وصلت إلى حد الموت.
كما رصد التقرير الحقوقي الصادر عام 2017 عن فرع جمعية حقوق الإنسان في ديار بكر، تعرض 433 سجينًا للتعذيب وسوء المعاملة ما أدى إلى وفاة 17 قتلتهم السلطات ثم حاولت غسل يدها وتبرأت من دمائهم، فزعمت أن 3 اشخاصًا منهم ماتوا محترقين بعدما شهد عنبر حبسهم حريقا لم تذكر أسبابه، بينما انتحر 8 ولقي 6 حتفهم متأثرين بأمراض مختلفة لم تذكرها هي الأخرى، كما أكد التقرير الدولي عدم توافر أي رعاية صحية لنزلاء السجون بهدف التنكيل بالمعتقلين السياسيين، وذكر تقرير جمعية حقوق الإنسان في 2017، في تقريره أن 1154 سجينًا يعانون الأمراض المختلفة بينهم 357 يجب اطلاق سراحهم على الفور بسبب حالتهم الصحية المتردية.
الحكم بـ 122 عاما سجنا في انتظار معارضي أردوغان
عدد من الاتهامات المعلبة تجد النيابة العامة أعدت بها قائمة بمجرد تحديد الشخص المطلوب توقيفه داخل تركيا، على رأسها الانضمام لجماعة محظورة، المقصود في إشارة إلى حركة الخدمة أو حزب العمال الكردستاني، اللتان ادرجتهما تركيا كيانين إرهابيتين، وهي التهمة التي تصل عقوبتها إلى الحبس 25 عاما، إلى جانب التهمة الأخطر التي تضم إلى قائمة التهم وهي التأمر على الدولة والمشاركة في المسرحية الانقلابية عام 2016، وتصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد.
أما التهمة الأشرس التي توجهها النيابة العامة لأي معارض، فهي «إهانة الرئيس ورموز الدولة» وهما من أكثر الاتهامات الشائع استخدامها، وتصل عقوبتها من 4 إلى 6 سنوات، وأكثر الذين يتم توجيهها لهم هم الفنانين والشعراء، وتصل عقوبة المعارض التركي وفق التهم السابقة، إلى 122 عامًا، وهو ما تعرض له السياسي الكردي زعيم حزب الشعوب صلاح الدين دمير طاش الذي حكم عليه بالسجن 122 عاما.
الاتحاد الأوروبي يرفض توسعات أردوغان الاستبدادية
تسببت السياسة الاستبدادية التي يتبعها أردوغان ضد مواطنيه، في فضيحة دولية كبرى لتركيا، بعد اتهام القضاء التركي بأنه «مسيس» إذ يخدم النظام وخططه القمعية، وهو ما أدى إلى عرقلة وتيرة انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أفاد مفوض الاتحاد لشؤون مفاوضات الانضمام يوهانس هان، في شهر أبريل الماضي، أن تركيا تواصل الابتعاد عن مسار العضوية خاصة في مجالي سيادة القانون والحقوق الأساسية، إلى جانب تراجعها في معايير الاتحاد الأوروبي بمجال حقوق الإنسان وحرية التعبير وحكم القانون، وتشهد ضعفًا في العملية الديموقراطية مع زيادة في السلطات الرئاسية بشكل غير مسبوق.