«الأسطى أسماء».. فتاة تخترق الأخطار وتتحدى الفولاذ بحرفتها (صور وفيديو)
الأحد، 18 نوفمبر 2018 04:00 م
بمجرد دخولك إلى ورشة الخواجة لضبط زاويا السيارات المتواجدة بمركز أولاد صقر في محافظة الشرقية، تنتبه كافة حواسك إلى صاحب الأيدي الخشنة ممسكًا مطرقته الثقيلة بإحكام شديد دال على حرفيته ومهاراته، وينزل بها على قطع الفولاذ تزامنًا مع حركة عقرب ثوان الساعة، فتسمع خبطات صارخة تصدع أذنيك.
مع استمرار مراقبتك لأفعال عامل الورشة صاحب الأعصاب المتينة، يتزايد اندهاشك مع كل عمل صادر عنه، بداية من انتهائه من صفع الحديد وتقليمه بالصاروخ الكهربائي دون قلق من شظايا النيران المتطايرة، مرورًا بإمساكه بكل ثقة ودون تعبير عن آلم أو حرقة، حبيبات الفحم أثناء احتماء اللهب المشتعل لتسخير فولاذ السيارات وتشكيله، وصولًا إلى الاستلقاء تحت السيارة الثقيلة عند إجراء عملية الفك والتركيب دون إبداء أي خوف من التعرض لحادث مؤلم.
المدهش لأي زائر في هذه الورشة، ليس فقط ما يقوم به الحرفي من أداء يمثل خطورة كبرى على حياته أو إعجابًا بمدى مهارته وقدرته الخارقة، وإنما رجوعًا للهوية الجنسية للقائم بالعمل، فقد يظن البعض أن الفاعل هنا هو رجل راشد لديه ما يكفي من الخبرة في عمله لإجراء هذا، ولكن الحقيقة أن ما يقوم بكل هذا هو فتاة عشرينية تدعى "أسماء".
"أسماء" ابنة الريف، التي هاجرت وقت طفولتها مع والديها من محافظة الدقهلية لتقيم بمركز أولاد صقر في محافظة الشرقية، لا تؤدي هذا العمل اضطرارًا، وإنما تقوم به تطوعًا وحبًا لمهنة والدها، بعد أن شربتها منه منذ أن كانت في عمر الـ3 سنوات، ليتطور الأمر عند الكبر، وتقرر مواصلة العمل لمساعدة والدها بعد مرضه، ومن أجل المساهمة في توفير مصروفات بيتهما، فضلًا عن رغبتها في توصيل رسالة لكافة البنات من جيلها إنهن قادرات على فعل أي شيء دون الحاجة لأي شخص، وكذلك من أجل تحدي تقاليد الأرياف التي طالما منعت الفتاة عن العمل.
وعن حياتها كأنثى تقول أسماء خلال تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، أن عملها لا يؤثر إطلاقًا على حياتها الأسرية أو معيشتها كأنثى، مؤكدة أنها تعيش حياة عادية تمامًا ولا تواجه أي ضغوطات.
وفي سياق أخر، تضيف، "إن الفتاة قادرة على فعل أي شيء، ومن وجهة نظري إن هناك فتيات في عالمنا أفضل من كثير من الشباب يفضلون الجلوس على المقاهي عن العمل الجاد والشاق"، مشيرة إلى أن عملها يجعلها تواجه الكثير من الأخطار المؤدية إلى الموت ولكنها تفضل الاستمرار به كونها تعشقه منذ أن علمها أباها هذه المهنة في الصغر.
ولفتت الفتاة العشرينية، إلى أنها حققت رواجًا واسعًا لورشتها، منوهةً إلى أن هناك الكثير من العملاء يأتون إلى ورشتها بسبب سمعتها الجيدة في مجال حدادة سوست السيارات ويعرفونها باسم "الأسطى أسماء".
وحول المضايقات التي تتعرض لها، تقول أسماء: "كثيرًا ما تعرضت لمضايقات من قبل البعض خلال عملي بسبب كوني فتاة، ولكني أجيد التعامل مع مثل هؤلاء، ولا أشغل بالي بأفعالهم".