4000 حالة تنتظر قرنية.. إلى متى ستظل بنوك العيون فى مصر مغلقة لأجل غير مسمى؟
الأحد، 18 نوفمبر 2018 09:00 صميرفت رياض
- قوائم الانتظار كبيرة لعمليات القرنية بعد غلق بنوك العيون.. واستيرادها من الخارج مكلف جداً
- عميد «طب قصر العينى» السابق: أخذ الطبقة السطحية للقرنية لا يمثل إهانة للميت و4000 حالة تنتظر
- كل الدول أباحت التبرع بالأعضاء عدا مصر رغم أن بها أكبر معدل وفيات فى العالم بسبب الحوادث
- خالد سمير عضو نقابة الأطباء: يجب تغيير ثقافة المجتمع تجاه التبرع بالأعضاء وإجازته قانوناً
ما زال العديد من المرضى مهددين بفقد البصر، لعدم استطاعتهم الحصول على قرنية تنقذهم من الظلام الدامس، واحتياجهم لمن يمسك بأياديهم، ليعبر بهم الطريق، ومصر تعانى من عدم توافر القرنيات نتيجة رفض الأشخاص وذويهم التبرع بقرنيتهم بعد الوفاة من ناحية، وارتفاع تكلفة القرنية المستوردة من الخارج من ناحية أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن القرنية، هى الطبقة الشفافة الخارجية التى يدخل من خلالها الضوء إلى العين، وتعد الإصابة بـ«قرح القرنية» و«الالتهابات الميكروبية» مثل الخراج أو الصديد، أو انتشار الميكروب فى بقية أنسجة العين والالتهاب الصديدى وغيرها من الأمراض التى تصيب القرنية.
تؤدى لتأكل جزء من نسيج القرنية حتى يحدث ثقب، ويجب القيام بعملية ترقيع للقرنية بشكل فورى، إذ يصبح المريض مهددا بفقد العين، ولا توجد قرنيات صناعية عوضا عن القرنية الطبيعية، ولذلك كان لزاما وجود بنوك للعيون لحفظ القرنيات وإنقاذ آلاف المرضى من العمى، كما لا توجد فى مصر بنوك للعيون مفتوحة فى أى مستشفى حكومى أو جامعى الآن، حتى بنك العيون بقصر العينى أغلق مؤخرا بعد الحادث الشهير لأسرة المتوفى التى اكتشفت سرقة قرنيته بعد وفاته دون إذن منهم.
وقال الدكتور فتحى خضير، عميد كلية طب قصر العينى سابقا، إن أخذ الطبقة السطحية للقرنية، لا يمثل إهانة للميت، وأنه وفقا للقانون الصادر عام 2003، والذى يسمح بأخذ الطبقة السطحية للقرنية بما لا يشوه العين ودون إذن من أهل المريض، وذلك يتم بالمستشفيات الحكومية فقط، وحتى أغسطس الماضى كان هناك 4000 حالة انتظار لزرع القرنية بالمستشفى.
وأوضح أن جميع بنوك العيون فى مصر أغلقت، وظل بنك العيون بقصر العينى مفتوحا حتى أغلق هو الآخر فى أغسطس الماضى، ما أدى لمعاناة المرضى من نقص شديد فى قرنيات العيون، ورفض الأشخاص بالتبرع بقرنيتهم بعد وفاتهم ورفض أهالى المتوفين حديثا بالحصول على قرنية المتوفى اعتقادا منهم أن المتوفى يعذب، ما أدى إلى وجود قوائم انتظار طويلة فى ذلك، وعدم تفعيل القانون الخاص بالقرنيات، حيث أن القانون الخاص بزرع ونقل القرنية يختلف عن قانون زرع الأعضاء .
فيما أوضح الدكتور خالد سمير، عضو نقابة الأطباء، أنه لا بد من تغيير ثقافة المجتمع المصرى تجاه التبرع بالأعضاء من المواطنين بعد وفاتهم وإجازة ذلك قانونا، لأنه للأسف هذه الثقافة متوارثه منذ أيام القدماء المصريين، الذين كانوا يعتقدوا فى الخلود، حتى أنه فى حالة وفاة الشخص سواء مقتولا أوجراء حادث، يرفض الأهالى تشريح جثة المتوفى لمعرفة سبب الوفاة ويكونون متأزمين جدا لو حدث ذلك.
وأضاف أن المواطنين لا يعلمون أنه بمجرد دخول المريض لمستشفى يوجد بها بنك للعيون يعد هذا موافقة ضمنية على تبرع المريض بقرنيته حال وفاته دون موافقة ذويه، ولا توجد مساءلة قانونية أو إدانة للمستشفى فى ذلك، ويتم وضع نسيج آخر طبى بدلا من قرنية المتوفى، وتتم إزالة أى آثار لهذه العملية ولا يشعر بها أحد من أهالى المتوفى، بدليل أنه لم يتم توجيه أى إدانة قانونية لقصر العينى بعد الحادث الشهير ، لأن المواطنين يجهلون قانونية ذلك.
وأوضح «سمير» أن القرنية عبارة عن نسيج، حيث إنه لا يجوز أخذ قرنية طفل ووضعها لشخص بالغ، لكنها تجوز من البالغين للبالغين بعد عمل الفحوصات اللازمة حتى لا يكون هناك فيروس أو بكتيريا تنقل للمريض، ويقوم المستشفى بعمل ملف لحالة المتبرع بالقرنية يوضع مع القرنية فى بنك العيون، ويفضل زرع القرنية خلال 48 ساعة من الحصول عليها.
وأكد أن قوائم الانتظار كبيرة بالنسبة لعمليات القرنية، خاصة بعد غلق بنوك للعيون؛ بالإضافة إلى أن استيرادها من الخارج مكلف جدا، ما أدى لتوقف عمليات القرنية فترة طويلة، مطالبا كل وسائل الإعلام والجهات المعنية بتغيير ثقافة المجتمع تجاه التبرع بالأعضاء، فكل دول العالم أباحت التبرع بالأعضاء عدا مصر، حيث إن موضوع التبرع بالأعضاء ليس بالأمر الهين كى يصل الطبيب لتوافق ما بين المتبرع والمريض.
كما أكد أن عمليات التبرع بالأعضاء ستوفر قرنيات داخل البلاد ، بدلا من استيرادها والتى تكلف مبالغ كبيرة قد تصل إلى 40 ألف جنيه للقرنية الواحدة، ما يوفر عشرات المليارات من الجنيهات وتنقذ كثيرا من الأرواح، حيث إن تبرع المتوفّى بالقرنية ينقذ اثنين من العمى.
وما يقال عن خطف الأطفال لسرقة أعضائهم غير صحيح علميا، لأن هناك تحاليل وفحوصات مطلوبة قبل زراعة العضو داخل جسم المريض، والتأكد أن هذا العضو متوافق مع جسمه، ولم يثبت أن هناك قضية واحده حقيقة فى المحاكم فى ذلك الشأن.
مصر بها أكبر معدل حوادث فى العالم، وهؤلاء وحدهم يكفون مصر كلها للأعضاء، مشيرا إلى أنه توجد فى العالم كله مفوضية لزراعة الأعضاء، سواء قرنيات أو غيره من أعضاء الجسم، حتى أن السعودية أصبحت تشجع زراعة الأعضاء وعمل إعلانات صرف مكافآت لمن يتبرع بأعضائه بعد الوفاة، وهناك الكثير من الوصيات من الأشخاص للتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، مؤكدا فى الوقت ذاته أن كل المجامع الفقهية فى كل دول العالم الإسلامى أجازت التبرع بالأعضاء عدا مصر.
من جانبها، أكدت الدكتورة هالة صلاح الدين، عميد كلية طب القصر العينى، أن بنك العيون بقصر العينى مغلق حتى الآن، وبالتالى لا توجد قوائم انتظار لديهم منذ الحادث الشهير، وبرغم أن النيابة حفظت المحضر ولم يتم توجيه إدانه لأحد بالمستشفى.
وشددت على أن بنك العيون لن يفتح إلا عندما يكون القانون واضحا وصريحا، وكل أفراد المجتمع على علم به، مؤكدة أن جميع المستشفيات الجامعية على مستوى الجمهورية أغلقت بنوك العيون الخاصة بها.
وبرغم أن النيابة حفظت القضية الشهيرة (السابق ذكرها) إلا أن الدكتورة هالة أضافت أنه لم يأت حتى الآن الرد النهائى من النيابة إليها، مؤكدة أن جامعات المنصورة وعين شمس وأسيوط، جميعها أغلقت بنوكها للعيون برغم أن لديهم قرنيات، مشيرة إلى أن هناك مرضى يعالجون بالقرنيات المستوردة وتكلفتها من تبرعات أهل الخير.
فيما قال الدكتور أحمد عبداللطيف الطحاوى بلجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أنه سيتم عمل طلب إحاطة لمعرفة أسباب غلق المستشفيات الجامعية لبنوك العيون، وسنجد حلا لذلك ، مضيفا أن القرنية ليست عضوا من أعضاء الجسم الذى يجرم القانون الحصول عليه دون موافقة الأهل، لكنه جرى العرف فى مجتمعنا أنه لا يجب المساس بجسد المتوفى احتراما لحرمة المتوفى، ولا توجد ثقافة التبرع فى مصر مثل بقية دول العالم.
فيما أكد الدكتور مجدى راشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن الدكتورة هالة صلاح الدين عميد طب قصر العينى، لها الحق فى غلق بنك العيون بقصر العينى، واذا فتحت بنك العيون لن يعمل لديها طبيب عيون واحد، خاصة بعد كل الإهانات والتشهير الذى تعرض له طبيب العيون أثناء الحادث الشهير.
وقال إن القانون لا يحمى الطبيب، وبالتالى لن يعمل طبيب عيون بالمستشفيات الجامعية، محذرا من أن الكارثة تتمثل فى أن المهددين بالعمى فى مصر بسبب القرنية 90 % منهم من الناس الغلابة لأن عتامات القرنية لا تحدث إلا عند الفقراء، أما الأغنياء يستطيعون شراء قرنيات.
ولفت بقوله: «أنا شخصيا سأتبرع بأعضاء جسدى وقرنيتى عند وفاتى»، وأنه لا يستطيع مطالبة أى بنك عيون أن يفتح إلا عندما يكون محميا بقوة القانون، وأن عددا من نواب المجلس تقدموا بثلاثة طلبات إحاطة، مشددا على ضرورة تغيير القانون.
أما مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير للتنمية، أكد أن مصر بها حوالى 4.6 مليون مواطن يعانون من ضعف الإبصار منهم مليون مهددون بفقدان البصر، مضيفا أن عمليات القرنية مكلفة جدا وتكلفتها من 25 ألف جنيه إلى 40 ألفا، حسب حالة المريض، لافتا إلى أنه لا يوجد بنك يورد إلى مصر قرنيات سوى بنك القرنيات الأمريكى، ولكن العدسات الخاصة بالمياه البيضاء تأتى من أمريكا والهند، ولا بد أن تكون مسجلة بوزارة الصحة.
وقال إنه يجب على المؤسسات التى تقوم بعمل جراحات العيون وزرع القرنيات أن تتعاقد مع «معاهد الرمد»، لأنها من أفضل الأماكن لإجراء هذه العمليات، والدولة توفر لهم القرنيات فى أسرع وقت، لافتا إلى أن المعهد التذكارى بالجيزة من أهم تلك المعاهد، وله القدرة على زرع 20 قرنية أسبوعيا، إضافة إلى مراكز خاصة للعيون تقوم بزرع 15 عملية أسبوعيا، علاوة على المؤسسات الخيرية بما فيها مؤسسة صناع الخير التى تقوم بعلاج أمراض العيون وزرع القرنيات.