المشهد الدولي يتغير.. هل تستعيد فرنسا دورها الريادي بعد استضافة مئوية الحرب العالمية؟
الإثنين، 12 نوفمبر 2018 10:00 م
شهدت العاصمة الفرنسية باريس، أمس إحياء الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، بمشاركة الرئيس الأمريكي دوتالد ترامب ونظيره الروسي ورئيس الوزاء الكندي جاستن ترودو إلى جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وغيرهم من زعماء العالم، الأمر الذي طرح سؤالًا مهمًا لماذا استضافت فرنسا هذه الذكرى وهل هناك طموح فرنسي لاستعادة باريس دورها البارز في المجمتع؟.
واعتبرت باريس غائبة لسنوات طويلة بعد انتقال القيادة الدولية إلى بريطانيا العظمي ومن ثم روسيا والولايات المتحدة إبان عصر الحرب الباردة، قبل أن تستأثر أمريكا بالقيادة العالمية منفردة منذ تفتت الاتحاد السوفيتي.
ويعكس تزامن إحياء الذكرى المئوية للحرب الدامية التي دامت ست سنوات كاملة في فرنسا، مع تغير المشهد الدولى فى ظل صعود قوى دولية جديدة تحاول إعادة هيكلة النظام العالمى، وعلى رأسها روسيا والصين، بشكل واضح رغبة فرنسا فى القيام بدورأكبر فى المجتمع الدولي المرحلة المقبلة، وهو ما بدا ظاهرًا فى جهود الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ، فى مزاحمة النفوذ الألمانى فى قيادة الإتحاد الأوروبى منذ بزوغ نجمه على الساحة السياسية، الامر الذي جاء أيضَا بعد خفوض نجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى أعلنت نيتها فى التقاعد عن رئاسة حزبها، حيث أصبح المشهد الأوروبى أكثر احتياجا لقيادة جديدة لملء الفراغ الناجم عن الإعتزال الألمانى.
ولعل اليوم أشبه بالبارحة، فبعد الحرب العالمية الأولي وانهيار انظمة أمبراطوريات كبري سواء في أوروبا أو العالم، من بينها الامبراطورية النمساوية المجرية، الأمر الذي أدى إلى صعود القوميين حيث ظهرت عدة دول جديدة فى أوروبا، وعلى رأسها تشيكوسلوفاكيا ، ويوغوسلافيا، بالإضافة إلى بولندا، كما ولدت دول أخرى من رحم الإمبراطورية الروسية، وهى فنلندا واستونيا وليتوانيا ولاتفيا، في حين كانت فرنسا آنذاك أبرز القوى التى تمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة فى ذلك الوقت، حيث تمكنت حينها من محاصرة خصمها الأوروبى الأبرز، وهو ألمانيا، التى كانت بمثابة القوى الأبرز ليس فقط على المستوى الإقليمى، وإنما على المستوى الدولى، وهو الأمر الذى بدا واضحا فيما آلت إليه معاهدة "فرساى " والتى قضت بخسارة ألمانيا لمساحات واسعة من أراضيها ومستعمراتها لصالح دول أخرى.
فرنسا قائدا جديدا لأوروبا
الأمر الذي تشابه مع الحاضر كثيرًا حيث تعتبر استضافة فرنسا لاحتفالية الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، بحضور قادة العالم، رسالة تحمل قيمة رمزية كبيرة، فى ظل الرغبة الفرنسية الجامحة فى استعادة دورها على المستوى الدولى من البوابة الأوروبية، على حساب خصم الماضى، ومنافس الحاضر، والمتمثل فى ألماني، لاسيما وأن هذا الامر يتزامن مع مبادرات فرنسية لتأسيس جيش أوروبى مشترك يساهم فى مجابهة الأخطار القادمة ليس فقط من خصوم القارة التقليديين، على غرار روسيا والصين، وإنما كذلك الولايات المتحدة الأمريكية.