سوق الحلاوة جبر.. الجمال «العيرة» بأقل من ألف جنيه
الأحد، 11 نوفمبر 2018 10:00 صأحمد سامي
«عاينها قبل ما تتجوزها» أصبحت هذه الجملة تمثل نصيحة الشباب لأصدقائهم المقبلين على الزواج بعد انتشار حيل التجميل بين الفتيات والسعى وراء الموضة وتقليد الفنانات للحصول على جسد منحوت ووجه جذاب ببعض المنتجات المتداولة بكثرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، ليصبح شكل الفتاة من شعر رأسها إلى أصابع اقدامها «عيرة».
للوهلة الأولى، التى تتصفح فيها مواقع التواصل الاجتماعى من «فيسبوك» و«إنستجرام» تظهر الإعلانات التى تروج لمنتجات التجميل بشكل واضح وصريح لتصنع سوقا تجارية مخفية بعيدا عن أعين الرقابة لبيع وهم الجمال للفتيات، دون النظر إلى المخاطر التى يتعرضوا لها.
وانتشرت مئات الصفحات التى تروج لبيع أدوات تجميل، ففى إحدى الصفحات تحمل اسم «محبى الميكب والتجميل» تروج لبيع قلم فيلر يستخدم لتكبير الشفايف بشكل مؤقت، حيث يقوم بنفخ الشفايف ويهيئها بترطيبها لوضع الروج ويزيد من حجم الشفايف على الفور ويدوم لمدة تصل إلى ١٢ ساعة ولا يزيد ثمنه عن 100جنيه، لتنهال بعد دقائق تعليقات الفتيات ليعلن عن رغبتهن فى شراء المنتج وتجربته فى نفخ الشفايف دون اللجوء لعيادة تجميل ودفع تكاليف باهظة وقد تفشل العملية وتؤدى لمنظر مشوه.
وتحت كلمات: «أسهل وأسرع وسيلة لتكبير المؤخرة»، انتشرت صفحات على فيس بوك لبيع ملابس داخلية تحتوى على حشوات سيليكون، تساعد الفتاة فى الحصول على شكل جذاب ومظهر مختلف بعيدا عن الجراحات والتخدير والتعقيدات، ويمكن للفتيات استخدامه فى المناسبات فقط ويصل سعره من 200جنيه إلى 500جنيه ونظرا لإقبال الفتيات عليه لم يعد هناك فرق بين الفتيات الطبيعية والأخرى ذات القوام الصناعى.
وقد أضحى الجمال سلعة تباع وتشترى، وبمجرد الضغط على زر واحد تقوم الفتاة بشراء شرائح رقيقة من السليكون مصحوبة بمادة لاصقة توضع أعلى سمانة الرجل وتعطيها مظهرا أجمل ومتناسقا، وكذلك يمكن استخدامها فى الوجه لتعطيه استدارة فى حالة نحافته أو التقليل منها حسب طريقة استخدامها ومكان وضعها.
وبإمكانيات بسيطة تستطيع الفتاة اكتساب شكل آخر فموضة «تاتو» الحواجب انتشرت الآن بشكل كبير بين الفتيات حيث تستخدم الحنة فى رسمها أو من خلال صبغها بألوان شعرها أو ببعض مواد التجميل التى تباع فى المحلات تعتمد على لصق تاتو على الحاجب ويترك لمدة خمسة دقائق وبعد إزالته يتغير شكل الحاجب تماما.
ومن التقاليع المنتشرة بين الفتيات الآن نجد الرموش الصناعية والتى تباع داخل المحلات وعلى الأرصفة وتصل تكلفتها إلى عشرين جنيها يتم لصقها وتصبح الرموش ذات كثافة كبيرة، وبمبلغ 50 جنيها تتمكن الفتاة من تغيير لون عينيها وتحولها من اللون الاسود إلى الأزرق والأخضر والرمادى من خلال العدسات اللاصقة.
ومن خلال هذه الأدوات والإمكانيات البسيطة أصبح بمقدور الفتاة التى لا ترغب فى الذهاب لعيادات التجميل المتخصصة ذات المبالغ الباهظة تغير شكلها بمبلغ لا يتجاوز الألف جنيه، خاصة مع انتشارها وسهولة الحصول عليها من شبكة مواقع التواصل الاجتماعى فمبجرد الضغط على زر واحد تحصل الفتاة على ما تريد من أدوات التجميل دون عناء.
وأصبحت صفحات بيع وهم التجميل، هى المقصد الأول لكل الفتيات، ما يشكل تجارة يتجاوز حجمها المليارات، فقد كشفت الإحصاءات الأخيرة للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاءات أن مصر تستورد مواد تجميل بقيمة مليار و700مليون جنيه، حيث بلغ حجم استيراد الشعر المستعار والرموش الصناعية مبلغ 63 مليون جنيه.
فى حين وصل حجم أدوات التجميل المغشوشة الصينية والمستوردة من الخارج مبلغ 6 مليارات جنيه سنويا، الأمر الذى يؤكد أن هوس التجميل أصبح مؤشرا خطيرا يكشف حقيقة أن الجمال «العيرة» هو التجارة الرائجة الآن، فما أسهل بيع الوهم للسيدات فى قوالب جميلة ومنمقة لتنافس النجمات والفنانات!
من جانبه أكد ماجد جورج عضو شعبة صناعة المستحضرات التجميل، أن البيع على مواقع التواصل الاجتماعى أشبه بالبيع على الأرصفة والشوارع، وما يباع بحارة اليهود وغيرها من المحلات غير المرخصة التى تبيع منتجات مجهولة المصدر ومقلدة وأن الخطأ الأكبر يقع على الفتيات التى تبحث عن الجمال بأرخص الأسعار- دون النظر إلى المخاطر التى تتعرض لها- هى المسئول الأول عن اختياراتها لأدوات التجميل.
وأشار «جورج» فى تصريح لـ«صوت الأمة» إلى أن السيطرة على البيع على مواقع التواصل الاجتماعى أمر شاق ومستحيل فى العالم أجمع وليس مصر فقط، فهو سوق مفتوحة لا يمكن مراقبتها أو السيطرة على المتداول فيها، فالسيطرة هى وعى المستهلك الذى يشترى المنتج ويحدد اختياراته، فإذا كان يبحث عن السعر دون النظر للجودة والمخاطر فإذن لا يمكن منعه من ذلك.
وأضاف «جورج» أن حجم تجارة مستحضرات التجميل بمختلف أنواعها من عطور وشامبوهات ومواد تجميل تجاوزت الـ 12مليار جنيه خلال الستة الأشهر الأخيرة.
أما عن خطورة المنتجات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى، فقد أوضح «يحيى. م»، مدير أحد مراكز التجميل، أن بعض هذه المنتجات غير مضمونة العواقب، خاصة أنها حديثة ولم تخضع لأبحاث، ومنها على سبيل المثال قلم الفيلر لتكبير الشفايف، فهو يستخدم لتكبير منطقة الشفايف قبل وضع الروج، فيزيد من الدورة الدموية بهذه المنطقة، ويزيد التورم بها، ما يوحى بالانتفاخ على غير الحقيقة، وتكمن خطورته فى التكرار، فيصيب الفتيات بالحساسية وتشوه الشفايف وترهلها من أثر التمدد والانتفاخ المتكرر، ما قد يستلزم التدخل الجراحى فى بعض الأحيان.
وأضاف أن الفتيات الآن يسعين للوصول لمقاييس الموضة العالمية فتعد عمليات تصغير الأنف وتكبير الشفايف وحقن البوتكس من أكثر العمليات المنتشرة بين الفتيات فى سن صغيرة، وتأتى عمليات تكبير الثدى والمؤخرة فى المرحلة التالية.
وتابع «يحيى» أن شفط الدهون ونحت الجسم العملية الأكثر انتشارًا فى الوطن العربى، خاصة مصر، لأنها تعمل على التخلص والقضاء على الخلايا الدهنية بالجسم، ويمكن من خلالها شفط البطن والذراعين والظهر والأرداف، وتتم عملية نحت الجسم أثناء إجراء عملية شفط الدهون وتعمل على تشكيل الجسم وتحديد أبعاد المناطق المرغوب فى نحتها، فيمكنك من خلالها «عمل وسط»، أو أرداف متساوية، ويتم إعادة حقن الدهون بعد تجميدها.
وقد أوضحت إدارة الأغذية والعقاقير أن السليكون السائل تمت الموافقة عليه فى استخدام واحد فقط وهو «داخل العين»، أما حقنه لتكبير حجم الأرداف «المؤخرة البرازيلية» أو الثديين، أو غيرها من الإجراءات على نطاق واسع من نحت الجسم، لم يصدق عليه من الهيئة، كما أنها تحذر منه لأنه يمكن أن يسبب آثارا جانبية خطيرة تشمل: الألم المستمر والإصابات الخطيرة، مثل الندبات، وموت الأنسجة، والتشوه الدائم، وقد تصل إلى الموت المفاجئ.
وإذا كان السليكون يهاجر خارج موقع الحقن، فإنه من الممكن أن يسبب الانسداد (انسداد الأوعية الدموية)، والسكتة الدماغية، والالتهابات والموت السريع، وقد تحدث تلك المضاعفات الخطيرة على الفور أو قد تتطور بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات فى وقت لاحق.
وفى هذا السياق، قال الدكتور طارق أحمد أستاذ جراحة التجميل بقصر العينى، إن أشهر منتجات السليكون الآمنة، هى الـ«حشوات» أو ما يطلق عليها اسم «Silicon Implant»، والتى تستخدم فى تكبير الثدى أو تكبير المؤخرة ما يطلق عليها اسم «المؤخرة البرازيلية» أو منطقة سمانة الساقين، ويجب أن تكون هذه الحشوة مصرحة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» ووزارة الصحة المصرية وبعض الشركات الأوروبية، لكن هناك بعض الدول مثل البرازيل كانت تعمل على ترويج منتجات سليكون غير آمنة وتسبب مضاعفات خطيرة، مثل تليف شديد حول الحشوة فى وقت قريب بعد عملية التكبير، ووجود نسب تسريب من الغطاء الخارجى للحشوة بعد الجراحة بفترة.
وأشار أستاذ جراحة التجميل، إلى أن حتى حشوات السليكون المصدق عليها من هيئة الـ «FDA»تشمل التهابا أو تجمعا دمويا أو تجمعا مائيا حول المكان، ما قد يلزم إعادة التدخل مرة أخرى، ما يؤدى إلى رفع الحشوة أو تغييرها إلى حشوة أخرى وهى نسبة قليلة جداً لا تتعدى 5 %، وبعض المرضى يحتاجون إلى تغيير الحشوة بعد 10 سنوات لأن الجسم يكوّن غلافا حول الحشوة وينتج عن ذلك زيادة فى سمك الغلاف، ما يؤدى إلى آلام وتغير شكل الثدى مثل: ظهور شكل الثديين فوق بعضهما بعضًا.