عن التوكيلات..هل هناك حالات لسريان التوكيل رغم وفاة الموكل؟
السبت، 10 نوفمبر 2018 06:00 ص
فى الواقع أن المبدأ العام فى مسألة التوكيلات أن التوكيل ينتهى بوفاة الموكل لأن الأصل فى الوكالة هو إقامة الموكل للغير مقام النفس فيما يجوز التوكل فيه، وبالتالى إذا توفى الأصيل لا يملك الموكل القيام بالتصرف الموكل فيه مكان الاصيل، بل تبطل الوكالة بموت الموكل، أو بموت الوكيل، لأن الوكالة تعتمد على الحياة فإذا انتفت انتفت صحتها لانتفاء ما تعتمد عليه وهو أهلية التصرف بطلت.
فى التقرير التالى ترصد «صوت الأمة» عدد من الحالات التى يظل فيها التوكيل ساريا رغم وفاة الموكل، والإجابة على السؤال هل يسرى الأمر على كافة التوكيلات من عدمه؟-بحسب الخبير القانونى والمحامى شريف عبد السلام الجعار.
قبل الخوض فى هذا فهناك مفاهيم لابد أن نتعرف عليها وعلى ماهية الوكالة ماهى الوكالة ؟، الوكالة عبارة عن تفويض شخص غيره في حياته في تصرف معلوم له فعله، ويقبل النيابة، سواء أكان قوليا كعقد وفسخ، أو فعليا كقبض وإقباض إذن فهى عقد يتضمن تسليط الغير على معاملة أو ما هو من شؤونها، و هى أمر يغاير الإذن و النيابة.
نعلم-وفقا لـ«الجعار»- أن التوكيلات تنتهي حتما بأحد الحالات الآتية: «1- بإتمام العمل الموكل فيه، 2-انتهاء أجل الوكالة، 3-بموت الوكيل أو الموكل م 714 مدني، 4-إذا قام الموكل بإلغاء التوكيل ما لم تكن الوكالة مقرره لصالح الغير أو الوكيل م 715 مدني»، لكن هل ممكن تكون الوكالة سارية ومستمرة رغم وفاة الموكل ؟ يتلاحظ أن ظاهر نص المادة 715 يحمل كون الوكالة ليست من النظام العام وبالتالي يجوز للأفراد الاتفاق على عكسها، وعلى ذلك نرى لو تضمن عقد الوكالة «التوكيل» النص على استمرار الوكالة رغم وفاة الموكل فإن التوكيل يظل ساريا حتى لو مات الموكل فيحق للوكيل الاستمرار في استعمال التوكيل.
اقرأ أيضا: علشان نفهم..كل ما تريد معرفته التدليس المبطل للعقد فى القانون المدنى
ولكن هل ذلك في جميع التوكيلات أيا كان نوعها ؟ نرى أن الأمر هنا ليس على إطلاقه ولكن هو خاص بالتوكيلات التي تكون صادرة لصالح الوكيل أو أجنبي كتوكيلات البيع للنفس والغير في العقارات والسيارات وغيرها أما باقي التوكيلات فهي حتما تنتهي بوفاة الموكل.
وهو ما قضت به محكمة النقض: «لما كان للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى إلى ورثته، وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ولقاضى الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الموكل والغير مثلاً».
(الطعن رقم 2595 لسنة 72 جلسة 2003/05/28 س 54 ع 1 ص 921 ق 160)
«للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً، ولقاضى الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الموكل والغير مثلاً، وإذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه الأول تعهد بموجب عقد رسمي بأن يتنازل عن دين له قبل باقي المطعون عليهم إلى مورث الطاعن ونص في الاتفاق على أن هذا التنازل هو لأجل تحصيل المبلغ من المدينين ودفعه إلى الطاعن الذي يداين المطعون عليه الأول بأكثر منه وكان الحكم المطعون فيه قد كيف هذا الاتفاق بأنه وكالة تعلق بها حق الغير وليس للموكل سحبها أو إسقاطها بغير رضاء وقبول هذا الغير، فإن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون».
(الطعن رقم 327 لسنة 20 جلسة 1953/01/22 س 4 ع 1 ص 375 ق 55)
سريان التوكيل - بعد الوفاة في القانون المصري
ويَيف «الجعار» تنص المادة 715من القانون المدني على أنه : «1-يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فأن الموكل يكون ملزما بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول.
2- على أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه.
فقد استظهرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في فتواها المؤرخة 28/2/2000 ملف 88/1/69 مما تقدم أن الوكالة عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل أن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل، وهي في الأصل من عقود التراضي التي تتم بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن إرادتين متطابقتين ما لم يكن التصرف القانوني محل الوكالة شكليا، فالوكالة إذا كان التصرف محلها هو البيع مثلا وهو عقد رضائي تنعقد بين طرفيها فور تلاقي إرادتيهما على ذلك بعكس الهبة فهي من العقود الشكلية التي يتطلب القانون الرسمية في إبرامها، ومن ثم فإن الوكيل لا يستطيع إبرامها ما لم يكن موكلا في ذلك توكيلا رسميا-الكلام لـ«الجعار» .
اقرأ أيضاَ: اعرف حقك على الطرق السريعة.. إجرءات الحصول على تعويض الصندوق الحكومي
الوكالة تمتد بعد الوفاة
وأن حدود الوكالة ضيقا واتساعا تتحدد بما هو منصوص عليه في عقد الوكالة أما حيث يخلو العقد من حكم فإنه يرجع إلى أحكام النيابة الاتفاقية باعتبارها المصدر للوكالة وأن الوكالة شأنها شأن سائر العقود ينصرف أثرها إلى طرفيها وإلى خلفهما العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث .
وأن الوكالة قد تكون عامة وهي لا تصلح إلا لمزاولة الوكيل أعمال الإدارة فقط نيابة عن الموكل، وقد تكون خاصة وهذه لابد من توافرها لقيام الوكيل بأعمال التصرف شريطة أن تتضمن تحديد أنواع التصرفات التي يجوز للوكيل مباشرتها ومحل هذه التصرفات إذا كان التصرف من قبيل التبرع وأن الأصل أن الوكالة تنتهي بإتمام العمل محل الوكالة أو انقضاء أجلها أو وفاء أحد طرفيها غير أن هذا الأصل ليس من النظام العام فيجوز لطرفيها الاتفاق على ما يخالفه كاستمرارها حتى مع وفاة الموكل ففي هذه الحالة لا تنتهي الوكالة بموت الموكل بل يلتزم بها ورثته في حدود التركة .
التوكيل فى سداد الدين
وكذلك الأمر-بحسب «الجعار»- إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير أو إذا كان من طبيعتها ألا تبدأ إلا عند وفاة الموكل كالتوكيل في سداد دين من التركة أو نشر مذكرات وبالنظر إلى أن الأصل في الوكالة أنها تصدر لصالح الموكل فقد قيل بعدم جواز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة لصالحه أو لصالح الغير إلا برضاء من كانت الوكالة في صالحه وفي هذه الحالة فإن عزل الوكيل لا يكون صحيحا ولا ينعزل بل تبقى وكالتهن قائمة بالرغم من عزله وينصرف اثر تصرفه إلى الموكل، وأنه إذا كان الأصل في الوكالة أن الموكل لابد أن يكون أهلا لمباشرة التصرف الذي وكل فيه غيره، وكذلك الحال بالنسبة للوكيل عند مباشرة التصرف نيابة عن الموكل فإن هذا الأصل لا يؤخذ على إطلاقه فلا يجوز اشتراط استمرار أهلية الموكل لإبرام التصرف حتى تمام إبرامه في حالة الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير.
فإذا كان المشرع بموجب نص صريح قد غل يد الموكل عن إنهاء الوكالة أو تقييدها في هذه الحالة على الرغم من تمام أهليته لذلك فإنه لذات الحكمة يعدو من المتعين القول أنه لا أثر لفقد الأهلية لدى الموكل عند مزاولة الوكيل التصرف إذا كانت الوكالة لصالحه أو لصالح الغير.
اقرأ ايضا: «أطباء لكن فشله».. تعرف على المسئولية القانونية الناتجة عن الأخطاء الطبية
ولاحظت الجمعية العمومية أن المشرع بمقتضى أحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق المعدل بالقانون رقم 103 لسنة 1976 ناط بمكاتب التوثيق تلقي المحررات وتوثيقها فيما عدا ما نص عليه وأوجب على الموثق قبل القيام بإجراء التوثيق للمحرر أن يتثبت من توافر أهلية طرفي المحرر ورضائهم وصفاتهم وسلطاتهم فيما يتعلق بمحتوى المحرر مادة (5) من قانون التوثيق، فإذا تبين له أن المحرر المطلوب توثيقه ظاهر البطلان بمعنى أن يتوصل إلى ذلك البطلان بظاهر عبارات المحرر المطلوب للتوثيق ذاته أو ما ورد في أي مستند رسمي آخر ودون حاجة إلى الخوض في موضوع المحرر أو العلاقات بين أطرافه.
ومن أمثلة هذا البطلان الظاهر كون محل المحرر غير مشروع أو نقص أهلية أحد طرفي التعاقد أو أن يكون هناك حظر على أحد أطرافه في إجراء التصرف ومن مثل هذه الحالة الأخيرة قيام الموكل بإلغاء توكيل سبق له إصداره لصالح الوكيل متضمنا النص على عدم جواز إلغائه إلا بموافقة الوكيل، ومن مثيلاتها كذلك قيام الموكل بإلغاء توكيل يتضمن نصا بعدم جواز إلغائه نهائيا لصدوره لمصلحة الوكيل أو الغير ففي مثل هذه الحالات يمتنع على الموثق توثيق المحرر الذي ظهر له بطلانه وعليه إخطار أصحاب الشأن بذلك "مادة (6) من قانون التوثيق" لذلك انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز قيام مكاتب التوثيق بإلغاء التوكيلات التي تتضمن شروطا بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائيا وكذلك التوكيلات المتضمنة شرطا باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده أياه
بناء على ما تقدم
وعلى ذلك صدرالتعليمات الإدارية في الشهرالعقاري بإضافة فقرة ثانية للمبادة (19 مكرر) من تعليمات الشهر طبعة 2001 المضافة بالمنشور الفني10 لسنة 2001 (كما يمتنع على مكاتب التوثيق وفروعها للقيام بإلغاء التوكيلات العامة أو الخاصة التي تتضمن شروطا بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائيا وكذلك التوكيلات المذكورة المتضمنة شرطا باستمرار التوكيل بعد وفاة.